أحدث الأخبار
  • 10:42 . هكذا يحصد الاحتلال أرواح الفلسطينيين في غزة من خلال التجويع... المزيد
  • 10:35 . إنشاء نيابة جديدة في أبوظبي تعنى بقضايا العمال... المزيد
  • 10:27 . إدانات واسعة لتصريحات نتنياهو بشأن "إسرائيل الكبرى"... المزيد
  • 10:21 . ترامب يعتزم لقاء بوتين وزيلينسكي بعد قمة ألاسكا... المزيد
  • 07:02 . ما المقاتلة التي تراها أبوظبي بديلاً مثالياً لإف-35 الأمريكية؟... المزيد
  • 12:11 . الكويت والأردن يبحثان تعزيز التعاون الثنائي وتطوير الشراكة... المزيد
  • 12:09 . عُمان تجدد التزامها بدعم الأمن البحري وتعزيز التعاون الدولي... المزيد
  • 12:08 . المجموعة العربية والتعاون الإسلامي: احتلال غزة "تصعيد خطير وغير مقبول"... المزيد
  • 12:04 . "الإمارات للدواء" تعتمد علاجاً مبتكراً لمرضى "الورم النقوي المتعدد"... المزيد
  • 12:03 . الترويكا الأوروبية تدرس إعادة فرض العقوبات على إيران... المزيد
  • 11:03 . الحوثيون يهاجمون أهدافا إسرائيلية بحيفا والنقب وإيلات وبئر السبع... المزيد
  • 12:29 . قرقاش ينسب لأبوظبي الفضل في اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا... المزيد
  • 12:23 . 673 شركة ذكاء اصطناعي في أبوظبي بنمو 61% خلال عام... المزيد
  • 11:52 . الجيش الباكستاني يعلن مقتل 50 مسلحا على الحدود مع أفغانستان... المزيد
  • 11:51 . برامج التقوية الصيفية.. دعم للتحصيل أم عبء على الطلبة؟... المزيد
  • 11:48 . أستراليا تتهم نتنياهو بإنكار معاناة سكان غزة... المزيد

الشباب العربي أمام محبطيه

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 12-10-2019

الشباب العربي أمام محبطيه | القدس العربي

ما أن تتحرك جموع الشباب العربي، فتيانه وفتياته، وتنزل في شوارع مدن هذا القطر العربي أو ذاك، رافعه مطالب معيشية وسياسية وحقوقيه واقعية وشرعية، حتى تنبري جهات كثيرة بإثارة الشكوك وتوجيه اللوم وتلفيق الاتهامات المتخيلة.
فجأة تفتح أنظمة الحكم الفاسدة عيونها، بعد أن تعايشت عبر سنين مديدة مع تواجد الغنى الفاحش مع الفقر المدقع المذل في مجتمعاتها، وبعد أن تجاهلت قنبلة ارتفاع نسب البطالة بين الشباب سنة بعد سنة، بدون أمل في حل، وبعد أن تنازلت عن مسؤولياتها في توفير خدمات الرعاية الاجتماعية في حقول التعليم والصحة والسكن والعمل، وبعد أن أنفقت الجزء الأكبر من الميزانيات على أجهزة الأمن والاستخبارات والعساكر والأسلحة والإعلام المنافق، وعدد لا يحصى من شركات واجتماعات وحفلات العلاقات العامة الانتهازية. 

بعد أن تعايشت مع كل ذلك وتجاهلت آلام وأحزان ويأس أولئك الشباب، تفتح متأخرة عيونها المغمضة الناعسة لتنطق بوعود تكوين اللجان وتوجيه البرلمانات الخائبة، والنظر في تحقيق مطالب الشباب، ولكن مع صمت مريب عن معاقبة الفاسدين، واسترجاع الثروات المنهوبة، وبناء نظام سياسي واقتصادي عادل على أسس تقدمية وديمقراطية.
ولا يستطيع الإنسان أن يفهم كيف أن حكومة وبرلمانا موبؤين بجراثيم الفساد واللامبالاة، يستطيعان أن يستجيبا لمطالب حقوقية جذرية كالتي يرفعها الشباب، هنا الشك الكبير في الوعود.
أما الجهات الاستخباراتية المحلية والخارجية، فإنها تقوم بمهمة تجييش قواها وقوى زبائنها للقيام بحملات تشويه واتهامات عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي. وهكذا يجد الشباب المحبطون أنفسهم أمام اتهامات بالعمالة لهذه الجهة أو تلك، وبالطائفية لهذه المرجعية أو تلك، وبالتواطؤ مع منظمات حقوق أو مراكز دراسات دولية. ويا ويل الحراك الشبابي في حالة ارتكاب بعضهم خطأ أو هفوة. عند ذاك يوصم الحراك برمته كخطر شيطاني على السلم الأهلي، والاستقرار المجتمعي والاقتصاد والسياحة، لإثارة الخوف في صفوف مناصريه من عامة المواطنين.

لكن انتهازية التصدي لحراك شبابي عفوي سلمي، رافع لمطالب شرعية، تصل إلى قمتها عند بعض المستفيدين الفاسدين من فقهاء السلاطين والتخلف، بقدرة قادر ينقلب خطابهم الديني اليومي إلى خطاب سياسي طائفي بامتياز. جزء من انتهازيتهم يبارك بتملق حراك الشباب وحقهم في العيش الكريم، ولكن جزءا آخر يرمي إلى إدخال الانقسامات والصراعات في صفوفهم. هذا الجزء الأخير يذكر جزءا من الشباب بعدم المساس بالمحاصصة الطائفية في نظام الحكم. 

ولذا فعليهم أن لا يسعوا لإسقاط أو استقالة رأس الحكم الفاسد، إذ أنه ينتمي إلى هذا المذهب أو ذاك، ويعلنون بصوت عال مخدر بأن خروج الرأس الفاسد سيعني هزيمة لهذا المذهب أو ذاك. وهكذا يبقى مثل هؤلاء الفقهاء متأرجحين بين فقه متعصب متخلف وفكر سياسي طائفي مساند للإستبداد والفساد.
لا حاجة للحديث عن مواقف التفرج واللامبالاة التي يمارسها الكثير من الأحزاب الضعيفة النائمة، إذ ترى نفسها في الهوامش وخارج وهج حراكات الشباب. ولا حاجة للحديث عن ثرثرة كتاب ومتحدثي وسائل الإعلام المرئية والسمعية، إذ ينشغلون بطرح الأسئلة الساذجة، وادعاء الحيادية الطفولية، بينما تحترق الأرض وتسيل الدماء، ثم أن الحديث عنهما أصبح حديثا معادا ومملا وخاليا من أي
فائدة وضربا في الجسد الميت. من هنا فإن التعويل على وصول الحراكات الثورية الشبابية، التي تظل تفاجئ الجميع وتبهر العالم، وتؤكد أن تاريخ الإذلال الممتد عبر القرون الماضية، قارب الوصول إلى نهايته. 

إن التعويل هو على جيل شبابي عربي يتمتع بصفات الجرأة، بدون خوف، والمخاطرة بدون تهور، والقدرة على الإنجاز، حتى لو بتعثر مؤقت، والاعتماد على تجييش ذاته ومواطنيه بقدراته الذاتية، وبابداعاته في استعمال سلاح تكنولوجيا التواصل الاجتماعي ومنجزات عوالم المعرفة الحديثة. ولذا فليس بمستغرب أن تبقى شعارات مختلف تمظهرات حراكاته الجماهيرية الشبابية في طول وعرض الوطن العربي ثابتة لا تخرج عن نطاق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وعيش الكرامة الإنسانية.
هذا جيل شبابي عربي يراقب ويتعلم مما يجري في هونغ كونغ وباريس ولندن وواشنطن، ومما تطرحه حراكات شباب العالم من شعارات إنسانية كبرى، ويستمعون يوميا إلى ما يطرحه أصحاب الضمائر والقيم في مجتمعاتهم، وفي العالم عبر ألف وسيلة ووسيلة.

 هم يعيشون في وهج التمرد الإنساني، حتى لو كان لايزال محدودا، على تاريخ وحاضر البؤس البشري أمام التحديات القيمية والأخلاقية التي كانت ولاتزال تحاول جرّ الإنسانية إلى سماوات السمو والوهج الرباني. لا خوف على شباب العرب، فالمستقل ينتظرهم ليشملهم بدفئه وروعة تألقاته.