كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية عن تفاصيل تقرير داخلي سري للغاية أعده خبراء في الأمم المتحدة، يسلط الضوء على مخاوف جديدة بشأن الدور الذي تلعبه أبوظبي في النزاع الدامي الدائر في السودان.
وأشارت الصحيفة إلى أن تسريب هذا التقرير، الذي يحمل طابع السرية القصوى، فتح الباب أمام تساؤلات حادة حول ما إذا كانت أبوظبي قد شاركت بشكل غير مباشر في تأجيج الصراع من خلال تزويد المليشيات السودانية بالأسلحة، وذلك عبر طرق سرية تمر من خلال دولة تشاد المجاورة.
وفي هذا السياق، نقلت "الغارديان" عن دبلوماسي رفيع مطّلع على محتوى التقرير، دعوته للسلطات البريطانية بضرورة توضيح موقفها إزاء ما وصفه بـ"المجازر المرتكبة ضد الأطفال وعمال الإغاثة"، في الوقت الذي تشارك فيه الإمارات بتنظيم مؤتمر يُعقد في لندن ويهدف إلى إنهاء الحرب السودانية. وقال هذا الدبلوماسي: "سيكون من المعيب أن يمر المؤتمر من دون توفير حماية ملموسة للمدنيين، خاصة في ظل السياق الذي بات يوصف بالإبادة الجماعية".
وأضافت الصحيفة أن التقرير، المكوّن من 14 صفحة والذي أُنجز في نوفمبر من العام الماضي، أُرسل إلى لجنة العقوبات الخاصة بالسودان في مجلس الأمن. وقد أعدته لجنة مكونة من خمسة خبراء تابعين للأمم المتحدة، وثّقوا فيه نمطاً مستمراً لرحلات جوية بطائرات شحن من طراز "إليوشن"، انطلقت من مطارات في الإمارات باتجاه الأراضي التشادية.
وبحسب ما ورد في التقرير، حدد الخبراء ثلاث طرق برية محتملة تُستخدم لنقل الأسلحة من تشاد إلى السودان، مشيرين إلى أن تواتر رحلات الشحن بين الإمارات وتشاد بلغ حدّاً يجعل منها "جسراً جوياً إقليمياً جديداً". كما لفت التقرير إلى أن بعض هذه الرحلات كانت تتسم بطبيعة غامضة، إذ تختفي الطائرات أحياناً من أجهزة الرصد خلال مراحل حاسمة من رحلاتها، الأمر الذي أثار شكوكاً لدى الخبراء حول احتمال تنفيذ عمليات نقل سرية.
ومع ذلك، أكد الخبراء في تقريرهم أنهم لم يتمكنوا من تحديد طبيعة الحمولة التي كانت تنقلها تلك الطائرات، كما أنهم لم يعثروا على أدلة قاطعة تشير إلى أن هذه الشحنات كانت أسلحة.
وفي محاولة لتقديم وجهة النظر الأخرى، تحدثت "الغارديان" إلى مصدر إماراتي أوضح أن التقرير تضمن فقرة تنص على أن أربعة من أصل خمسة خبراء في اللجنة شعروا بأن المزاعم المتعلقة بوجود "جسر جوي" للإمدادات لم تستوفِ معايير الإثبات المطلوبة لإثبات وجود علاقة مباشرة بين تلك الرحلات الجوية ونقل الأسلحة المزعوم.
وفي السياق ذاته، نشرت الصحيفة بياناً رسمياً صادراً عن السلطات الإماراتية، أكدت فيه أن النسخة النهائية المرتقبة من تقرير لجنة خبراء السودان لا تتضمن أي اتهامات موجهة للإمارات تتعلق بالرحلات الجوية محل التحقيق. وأوضح البيان أن "الاتهامات التي وُجهت لأبو ظبي لم تصل إلى مستوى الأدلة التي تتطلبها اللجنة، وأن الوقائع تتحدث عن نفسها".
كما أضاف البيان أن لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي أبلغت السلطات الإماراتية بأن التقرير النهائي لا يتضمن أي نتائج سلبية بحقها، مشددة على أن "لجنة خبراء الأمم المتحدة أكدت أنه لا توجد أدلة موثوقة تشير إلى أن الإمارات قدّمت دعماً لقوات الدعم السريع أو أنها متورطة بأي شكل في النزاع السوداني".