أحدث الأخبار
  • 08:47 . روسيا وأوكرانيا تتبادلان 186 أسيراً بوساطة إماراتية... المزيد
  • 07:20 . فرنسا تعلن وقف التأشيرات لموظفي شركة الطيران الإسرائيلية "إلعال"... المزيد
  • 06:49 . ارتفاع أسعار الزي بمدارس خاصة يرهق أولياء أمور الطلبة في الإمارات... المزيد
  • 10:42 . هكذا يحصد الاحتلال أرواح الفلسطينيين في غزة من خلال التجويع... المزيد
  • 10:35 . إنشاء نيابة جديدة في أبوظبي تعنى بقضايا العمال... المزيد
  • 10:27 . إدانات واسعة لتصريحات نتنياهو بشأن "إسرائيل الكبرى"... المزيد
  • 10:21 . ترامب يعتزم لقاء بوتين وزيلينسكي بعد قمة ألاسكا... المزيد
  • 07:02 . ما المقاتلة التي تراها أبوظبي بديلاً مثالياً لإف-35 الأمريكية؟... المزيد
  • 12:11 . الكويت والأردن يبحثان تعزيز التعاون الثنائي وتطوير الشراكة... المزيد
  • 12:09 . عُمان تجدد التزامها بدعم الأمن البحري وتعزيز التعاون الدولي... المزيد
  • 12:08 . المجموعة العربية والتعاون الإسلامي: احتلال غزة "تصعيد خطير وغير مقبول"... المزيد
  • 12:04 . "الإمارات للدواء" تعتمد علاجاً مبتكراً لمرضى "الورم النقوي المتعدد"... المزيد
  • 12:03 . الترويكا الأوروبية تدرس إعادة فرض العقوبات على إيران... المزيد
  • 11:03 . الحوثيون يهاجمون أهدافا إسرائيلية بحيفا والنقب وإيلات وبئر السبع... المزيد
  • 12:29 . قرقاش ينسب لأبوظبي الفضل في اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا... المزيد
  • 12:23 . 673 شركة ذكاء اصطناعي في أبوظبي بنمو 61% خلال عام... المزيد

الدين والتديّن والقيم

الكـاتب : خليل العناني
تاريخ الخبر: 09-01-2015

الدين قيمٌ، والتديّن سلوك وفعل، وإذا لم يتبع الثاني الأول، فقد دوره ووظيفته ومعناه. يقول الإمام علي بن أبي طالب: "الإيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان". وفي الحديث الشريف "الإيمان ما وقر فى القلب وصدقه العمل". وإذا كان "لا إكراه في الدين"، فحتماً لا إكراه فى السلوك والفعل. وعندما تقوم الدول والجماعات والأفراد بفرض "التديّن" أو السلوك، فإنها تحول الدين من منظومة "قيم" إلى "أداة" قهر وقمع، وحينئذٍ، يصبح الأصل (وهو الدين) مجرد تابع للفرع (وهو التديّن)، وهو ما يتعارض ليس فقط مع مبدأ الحرية (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، وإنما، أيضاً، يناقض مبدأ التكليف والحساب (كل نفس بما كسبت رهينة)، ومن ثم العدل (إن الله لا يظلم الناس شيئا).
ذهبت للصلاة بمسجد في مصر، فوجدت ورقة تحثّ المصلين على أن يضعوا أحذيتهم أمامهم حتى لا تُسرق. أصابني الذهول والحزن، ليس فقط لأن المساجد هي بيوت الله وأماكن للعبادة والسكينة والشعور بالأمن والأمان والائتمان، وإنما، أيضاً، لأن الدين فقد "قيمته"، وانفصل عن الواقع، فأصبحنا أمام تديّن ماسخ، لا معنى له ولا قيمة. فما معنى أن يصلّي أحدهم ثم يسرق؟ أو أن يذهب آخر للصلاة بنيّة السرقة، وليس العبادة؟ تماماً مثلما هي الحال مع خطيب يصرخ في الناس ألا يظلموا وألا يتناحروا، وما إن يفرغ من خطبته حتى يظلم ويتشاجر ويتناحر، أو أن يدّعي رئيس، أو مسؤول، الصدق والإخلاص والأمانة، في حين أنه غارق حتى أذنيه في فعل كل ما هو عكس ذلك.
ولم يكن الطلب على الدين ليزداد شرقاً وغرباً، لولا أن ثمة شعوراً متزايد بالاستلاب وضياع القيم، في عالم معقد ومليء بالصراع الفردي والجماعي والشعور بعدم اليقين. استمعت، يوماً، إلى أحد الفلاسفة المعاصرين على إحدى إذاعات "بي بي سي" المحلية في بريطانيا حول اضطراب العلاقات الإنسانية وازدياد معدل التوتر النفسي لدى كثيرين. وكان مما قاله إن "الفرق بين اليوم والأمس هو تراجع معدل اليقين والطمأنينة لدى الإنسان، عما كان عليه الوضع قبل قرن أو اثنين. فإذا كان المرء، قبل مائة عام، يعرف ماذا يعمل ومع من يعيش وأين سيُدفن، فإنه، الآن، ليست لديه الدرجة نفسها باليقين حول هذه الأمور الثلاثة، وهو ما يصيبه دائماً بالقلق والتوتر". الرجل ليس مسلماً ولم يكن يتحدث من خلفية دينية، وإنما كان يفسّر ويشرح ما يواجه البشر، الآن، من ضغوط نفسية كثيرة، نتيجة للصراعات الطاحنة في حياتهم اليومية.
ولا يتوقف الانفصال بين القيمة والسلوك على المجال الديني، وإنما يمتد، أيضاً، إلى المجال الزمني أو الدنيوي. تقول هيلين كيلر، وهي كاتبة وناشطة أميركية أصيبت بالعمى والبكم قبل أن تكمل عامها الثاني:(لو أنفقنا الوقت والجهد الذي نقضيه في محاربة الشيطان، في حب الآخرين واحترامهم، لمات الشيطان كمداً). كلام كيلر يذكّرني بقول حكيمٍ لرجلٍ يستكثر من العلم ولا يعمل به (يا هذا، أفنيت عمرك في حمل السلاح، فمتى تقاتل؟). وفي المجال السياسي، لا توجد مشكلة لدى بعض العلمانيين في تصفية خصومهم الإسلاميين، لمجرد أنهم يختلفون معهم حول إدارة شؤون الحياة. تماماً، مثلما لا يضير بعض الإسلاميين الخوض في أعراض خصومهم السياسيين، رغبة في الانتقام والشعور بالانتصار، متخلّين عن القيم الدينية والأخلاقية.
أصبحت هذه الازدواجية القيمية القاعدة، وما دونها استثناء. ولو نظرت شرقاً أو غرباً، لوجدت نفسك وسط عالم مليء بالكثير من الازدواج والانقسام والانفصام، إن على مستوى الفرد، أو الجماعة. يقول الإمام حسن البصري: "عِظ الناس بفعلك، ولا تعظهم بقولك، وما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل".