أحدث الأخبار
  • 10:00 . فرنسا تعتزم تقديم شكوى ضد إيران أمام محكمة العدل الدولية... المزيد
  • 07:30 . رويترز: الإمارات والولايات المتحدة توقعان اليوم اتفاقية إطارية للتكنولوجيا... المزيد
  • 06:09 . ترامب يؤكد الاقتراب من إبرام اتفاق نووي مع إيران... المزيد
  • 04:42 . ترامب يصل أبوظبي في آخر محطة خليجية... المزيد
  • 02:33 . الإمارات تدعو أطراف الأزمة الليبية إلى الحوار وتجنب التصعيد... المزيد
  • 01:24 . ترامب من قطر: لا أريد أن تتخذ المفاوضات النووية مع إيران "مسارا عنيفا"... المزيد
  • 01:24 . ارتفاع أسعار الخضار والفواكه بنسبة 80% بسبب موجات الحر وارتفاع تكاليف النقل... المزيد
  • 11:09 . مدارس خاصة في الشارقة تُلزم أولياء الأمور بسداد الرسوم قبل اليوم ومطالبات بمرونة في الدفع... المزيد
  • 11:08 . مسؤول إيراني رفيع: طهران مستعدة للتخلي عن اليورانيوم مقابل رفع العقوبات... المزيد
  • 11:05 . رئيس الدولة يبحث مع وزير دفاع السعودية في أبوظبي تطورات المنطقة... المزيد
  • 11:04 . رئيس الوزراء القطري: لا نتوقع تقدما قريبا في المفاوضات بين حماس و"إسرائيل"... المزيد
  • 08:50 . الذكاء الاصطناعي في مجمع الفقه... المزيد
  • 07:26 . الإمارات ترحب بإعلان ترامب رفع العقوبات عن سوريا... المزيد
  • 05:55 . ترامب يصل الدوحة في ثاني جولاته الخليجية... المزيد
  • 01:18 . البيت الأبيض: ترامب يدعو الشرع للانضمام إلى اتفاقيات "التطبيع مع إسرائيل"... المزيد
  • 01:16 . ترامب يجتمع مع الشرع في الرياض بحضور ولي العهد السعودي وأردوغان عبر تقنية الفيديو... المزيد

نهاية اليمن الواحد

الكـاتب : عبد الرحمن الراشد
تاريخ الخبر: 17-10-2014

هذا الأسبوع ارتفعت وتيرة النشاط الشعبي والسياسي والعسكري، الداعي لانفصال جنوب اليمن عن الجمهورية اليمنية، في مناطق عدن وحضرموت، وصار احتمال عودة الجنوب دولة مستقلة أقرب للواقع من أي وقت مضى.
الوحدة والانفصال مسألتان تهمان الجميع في المنطقة، وتهم أولا الجار الرئيس، القلق جدا، أي المملكة العربية السعودية.
وللتذكير فإنه عندما تمت الوحدة، بين اليمن الشمالي واليمن الجنوبي، حدثت بتأييد من الشعبين، لكنها لم تنتج عن نشاط اجتماعي وشعبي عام، بل صارت نتيجة للصراع على الحكم في الجنوب بين القوى الشيوعية، حيث انتهز الفرصة الرئيس السابق علي عبد الله صالح دعوة الجنوبي علي سالم البيض، الذي كاد يخسر الحكم، ووقع الاثنان الاتفاق في عام 1989، وبدلا من تحقيق الوِحدة والحكم المشترك، هيمن صالح لوحده على كل السلطة في البلدين، ولم تحقق الوحدة المنافع الموعودة، بل صارت عبئا على الشمال، وتسببت في إهمال الجنوب وإلغائه، وكان صالح الكاسب الوحيد الذي حكم دولة كبيرة بمفرده.
وقبيل الوحدة، جلست مع وزير الداخلية السعودي الراحل، الأمير نايف بن عبد العزيز، وكان أيضا مسؤولا في اللجنة السعودية - اليمنية المشتركة. وسألته حول ما كان يدعيه إعلام علي صالح أن السعودية تعارض قيام الوحدة، وأنها تمثل خطرا عليها. أعطاني، رحمه الله، تلخيصا مهما حول طبيعة العلاقة، وجذرها التاريخي منذ الخمسينات. وقال، بالنسبة للسعودية، الأفضل هو وجود يمن واحد. فنحن نعاني عندما نتعامل مع حكومتين في عدن وصنعاء، لأن إرضاء حكومة يعني إغضاب الأخرى، خاصة عندما تحدث هناك توترات بين الشطرين، وتتحول إحداهما للتحالف مع خصم للمملكة، ففي إبان الحرب الباردة تحالف الثوار في الشمال مع الناصريين، ولاحقا تحالف الجنوب مع السوفيات. الأسهل علينا، إدارة العلاقة مع بلد موحد بحكومة واحدة، مع المحافظة في نفس الوقت على علاقة طيبة مع القوى الداخلية المختلفة، التي لطالما ارتبطت تاريخيا مع السعودية. في الحقيقة، السعودية، أيضا، عانت سياسيا حتى مع اليمن الموحد لاحقا، لكنها كانت مجرد خلافات فقط. فقد عرف عن الرئيس السابق صالح، الذي حكم اليمن في عهود 3 ملوك سعوديين، حبه للعب أدوار تعظم من مكانته الشخصية، وإن كانت دائما تضر باليمن واليمنيين! فقد انحاز صالح مع صدام حسين حاكم العراق الأسبق، ضد السعودية، عندما احتل الكويت. ثم تحالف مع القطريين عندما اختلفوا لسنوات مع السعودية، كما سمح للعقيد الليبي معمر القذافي بتمويل قبائل يمنية ضد السعودية. وأخيرا، صالِح هو من اخترع الحوثيين، حيث حولهم إلى جماعة دينية وسياسية خطرة، وكانوا أساسا فرعا قبليا. بحجة تعليمهم دينيا، أرسل منهم مجموعة إلى إيران لتجنيدهم للعمل أيضا ضد جارته السعودية، وضد القبائل اليمنية الشمالية المنافسة، حتى يضعها تحت سيطرته، من خلال لعبة توازن متغيرة دائما.
والآن تعيد التطورات الجديدة طرح السؤال الحاسم، ليس على السعوديين، بل أولا على يمنيي الشمال والجنوب: هل الانفصال هو الحل؟
في رأيي الشخصي، انفصال اليمن سيزيد من مشاكل اليمنيين في الشطرين لأنه لا توجد قوى مهيمنة تحسم التنافس وتوقف الاقتتال، ولا يوجد نظام انتخابي حقيقي يحتكم إليه اليمنيون ويمكن المراهنة عليه، وبالتالي فإن الانفصال سيعزز الفوضى في الشطرين.
مع هذا، بات الانفصال أقرب إلى الحدوث نتيجة الانهيار المتسارع في مؤسسة الحكم في شمال اليمن، وكذلك نتيجة الإحباط من الفشل الذي مني به مشروع الوحدة، والذي أدرك اليمنيون أنه كان مجرد مشروع شخصي للرئيس المعزول صالح. الشماليون حاولوا، صادقين، التعويض عن خطايا صالح تجاه أهلهم في الجنوب، حيث أبدوا الكثير من المرونة، وأثبت الكثير منهم حرصهم على الوحدة، بدليل موافقتهم على أن منصبي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يحتلهما الآن جنوبيان، رغم أن الشمال فيه الأغلبية الساحقة من السكان. مع هذا فالقوى السياسية الجنوبية تزايد على بعضها شعبيا، داعية للانفصال، مدركة أن إعلان دولة مستقلة صار الموسيقى المفضلة للجنوبيين، وصارت الوحدة مصطلحا مكروها بسبب عهد صالح، الذي ساوى الجنوب بالشمال، فجلب له المزيد من الفقر والتهميش.
ونتيجة لضعف السلطة المركزية، يعيش الشمال اليوم فراغا سياسيا رهيبا، حيث تتقاتل القوى الرئيسة الثلاث على الحكم؛ أولاها، جماعة المعزول صالح التي لا تزال تنشط في تخريب المشروع السياسي، بإثارة الفتن، وشراء الذمم، من أجل أن تعود للحكم. وهناك تنظيم الحوثيين المرتبط بإيران، الذي استولت ميليشياته على مفاصل الدولة. وثالثها، فريق الدولة، بحكومته التي ترقد على سرير المرض، ولم تعد تملك سوى ورقة الشرعية الدولية، باعتراف مجلس الأمن ودول الخليج العربية.
وفي حال إعلان وفاة الحكومة الحالية، أو وفاتها دون إعلان خلال الأشهر القليلة المقبلة، فإن ذلك سيعني حتما نهاية اليمن الموحد، وإعلان الجنوبيين دولتهم، ليبدأ اليمن بعدها تاريخا جديدا، والأرجح سيكون الفصل الأول فيه مليئا بالمزيد من التنازع الداخلي، والتدخلات الخارجية، وضحيته دائما يبقى الإنسان اليمني الذي لم يسأله أحد عن رأيه، بعد.