كتب المؤرخ والخبير الإستراتيجي غريغوري كوبلي مقالاً نشره موقع “أويل برايس″ تحت عنوان “مملكة النفط في أزمة: الخلاف في داخل العائلة السعودية المالكة يتخذ شكلا عنيفا”. وقال فيه أن السعودية قد أدخلت منطقتها الأقرب إلى عالم استراتيجي مجهول.
فما وُصف على أنه تبادل إطلاق النار في 21 إبريل بقصرملكي في الرياض سيكون محفزا لأحداث قد تحدد مصير العرش في المملكة والتنافس الإقليمي على النفوذ خاصة مع إيران. ولكن الأزمة يبدو أنها خفت في بداية يونيو.
ويرى الكاتب أنه في مثل هذا الوضع الحساس يواجه روسيا والصين والولايات المتحدة خاصة بأسئلة حوالكيفية التي يجب من خلالها تكييف استراتيجيات هذه الدول حول إمدادات الطاقة وحرب اليمن والتحكم في البحرالأحمر والروابط اليوروأسيوية – الأفريقية في طريق الحرير.
وكان من الواضح أن الحكومة السعودية التي يتحكم بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لم تعرف حتى مع بداية حزيران (يونيو) 2018 ، الطريقة التي ستتطور فيها الأحداث.
مخاطر انهيار المملكة
وقد لاحظ غريغوري كوبلي، وهو محرر مجموعة “شؤون الدفاع والخارجية” أنه في كانون الأول (ديسمبر) 2017 بدت السعودية وقد تحركت أبعد من نقطة التعافي ويمكن أن تنهار في أي وقت وتنزلق نحو نزاع داخلي أو تشرذم”.
وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2015 لاحظ أيضا “مظاهر القلق تتزايد داخل السعودية وان المملكة تواجه تحديات منظمة ويمكن ان تؤدي إلى إنهيارها في مدى عقد أو عقدين”.
ووصلت الأمور إلى ذروتها في ليلة 21 نيسان (إبريل) 2018 عندما سمع إطلاق رصاص أسلحة أتوماتيكية ولفترة طويلة وكان مصدر الصوت قصر الخزامى في الرياض في حي الخزامى.
وأصدر المسؤولون السعوديون بيانا قالوا فيه إن حرس القصر هم من أطلقوا النار على طائرة مدنية بدون طيار “دمية”، انحرفت ودخلت المنطقة المحرمة فوق القصر. لكن الواضح أن بعض إطلاق النار حدث في داخله. وكان هناك عدد كبير من الضحايا وشهدت الرياض عددا من الجنازات السرية في الأيام التي أعقبت الحادث، مع أنه لم يتم الإعلان لاحقا حتى مع بداية حزيران (يونيو)2018 عن قتلى بارزين.
ويفهم أن بعض الامراء البارزين كانوا في زيارة ومسؤولين مع حرسهم الخاص عند وقوع الحادث.
“إصابة ابن سلمان”
ويقال إن الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد أصيب بجولتين من الرصاص. وقالت الحكومة إن الملك سلمان لم يكن في القصر وقت حادث الطائرة بدون طيار وأنه كان في مجمع عائلي/عسكري شمال المملكة.
وقالت تقارير خاصة أخرى إن الملك كان في الرياض وقت وقوع الحادث وتم نقله بسرعة إلى مكان آمن.
وكشف الحادث عن مدى الغضب داخل عدد أعضاء العائلة الحاكمة تجاه الأمير محمد بن سلمان وسياساته وأساليبه.
ولم يظهر لا الملك أو ولي عهده في مناسبات عامة منذ الحادث حتى بداية حزيران (يونيو) 2018 رغم قيام الحكومة في 31 أيار (مايو) 2018 ببث شريط يظهر ولي العهد يلتقي بجدة مع الرئيس اليمني عبد ربه منصورهادي. وما هو مثير حول الفيديو والصورة الثابتة التي نشرت يوم 31 أيار (مايو) 2018 هي أنها كشفت عن ولي العهد واقفا وهو يصافح الرئيس مع أن الملك سلمان التقاه قبل يوم في جدة.
وما هو مهم هو أن هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها ولي العهد واقفا منذ حادث 21 نيسان (إبريل) ولا توجد صور قبل هذه الصورة، وكلها أظهرته وهو جالس. ومن الواضح أنه لو جرح ولي العهد في ذلك الحادث فلم تكن جراحه خطيرة مع أنها كانت كافية لأن يظهر بطريقة تبدد الشائعات.
وتم التأكد من أن ولي العهد كان في وضع مناسي لكي يقابل رئيس الوزراء الأثيوبي دكتور أبي أحمد علي في 18 أيار (مايو)2018 أي بعد27 يوما من الحادث، مع أنه لا توجد صورة تظهر اللقاء بينهما. وكانت هذه الزيارة مهمة ليس بسبب بعض التوتر بين المملكة وإثيوبيا ولكن لأن ولي العهد يقوم بدور الوسيط بين إثيوبيا وإرتيريا ورأب الصدع المستمر منذ عقود من أجل منع التأثير الإيراني والقطري.
ووافق ولي العهد على الإفراج عن ألف أثيوبي سجنوا لجرائم ثانوية في المملكة. وهو تحرك تم التعامل معه بإيجابية من قبل إثيوبيا. ولكن المملكة التي تحاول تخفيف اعتمادها على العمالة الأجنبية بسبب الضغوط الاقتصادية، التي أدت إلى ترحيل قسري لـ 14.000 أثيوبي عام 2017 وهناك 70.000 تركوا السعودية بمحض إرادتهم. وتريد المملكة ترحيل 500.000 إثيوبي غادر منهم حتى الآن 160.000 عاملا.
وزير خارجية أمريكا لم يلتق ببن سلمان
وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قد زار المملكة فبي 28 إبريل 2018 بعد اسبوع من حادث إطلاق النار والتقى مع الملك سلمان ووزير الخارجية عادل الجبير وليس ولي العهد.
وطلب رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر المنتصر في الإنتخابات العراقية زيارة السعودية ومقابلة ولي العهد بعد زيارته للكويت، إلا أن الحكومة السعودية طلبت منه تأجيلها، وهو ما يشير لوجود مصاعب في المملكة. وكان الصدر قد زار المملكة عام 2017 وينظر إليه كمستقل عن إيران.
وما هو مهم هو ان الملك سلمان وولي العهد ظلا ولخمسة أسابيع بعد الحادث داخل قصر رابغ، وهو مجمع عسكري بمينائه الخاص. وهناك شائعات تقول إن اختيار هذا المكان جاء من أجل النقل السريع حالة استدعى الأمر علاجا في الخارج او تدهور الوضع الداخلي.