شهدت إمارة دبي نهاية الأسبوع الماضي حدثين اقتصادين مهمين، تمثلا بإلغاء دبي صفة شراء طيران "إيرباص" وشراء بدلا منها طائرات بوينغ. وإضافة إلى ذلك، فقد أصدرت إحدى شركات "إعمار"  العقارية صكوك تمويل طويلة المدى.

طيران الإمارات.. "تحلق"  بـالبوينغ و "تهبط" بالإيرباص

أكدت "طيران الإمارات" المملوكة لحكومة دبي عن إلغاء صفقة شراء 70 طائرة إيرباص "ايه 350" كانت وقعت عقد شرائها عام2007، بقيمة 55 مليار درهم إماراتي (15) مليار دولار.

وتمتلك "طيران الإمارات" أسطولا جويا هو الأكبر عالميا من حيث امتلاكه طائرات الإيرباص وطائرات البوينغ. وكانت دبي في أعقاب أحداث 11 سبتمبر الإرهابية استثمرت مبدأ العرض والطلب،عندما انخفض الطلب عالميا بصورة حادة آنذاك، لتوقع عقود شراء طائرات بصفقات كبرى، وأشارالشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي، في كتاب نشره عام 2006، بعنوان"رؤيتي"إلى هذا التبرير الاقتصادي المرتبط ببداية نشاط دورة اقتصادية وركودها.

ومع أن إمارة دبي تشهد ثورة في البنية التحتية، لا تزال متسارعة، وخاصة في مجال الطيران والنقل الجوي، وافتتاح مطار محمد بن راشد آل مكتوم نهاية العام الماضي، وتجري توسعات واستعدادت لوجستية على قدم وساق استقبالا لمعرض اكسبو 2020 الذي نجحت في استضافته، فإن إلغاء الصفقة بهذا التوقيت قد يكون له دلالات اقتصادية.

استعاضت دبي بإلغاء صفقة 70 طائرة "إيرباص" بشراء 50 طائرة "بوينغ777"،  ما اعتبره مراقبون أنه "ضربة" لطائرات الإيرباص واسعة الانتشار والاستخدام، وبذلك تكون دبي قد اختارت التحليق بطائرات"البوينغ" و"الهبوط" بطائرات الإيرباص، نظرا لامتلاك دبي أكبرأسطول من هذين الطرازين.

المراقبون الاقتصاديون، قصروا تداعيات إلغاء الصفقة على  شركة "الإيرباص"، كون "طيران الإمارات" تتمتع بسمعة دولية، وترتبط سمعتها "ببراند" أسطولها، ويرتبط "البراند"أيضا بسمعة طيران الإمارات؛ ما دعاهم إلى الاعتقاد بأن إلغاء الصفقة قد يسبب "للإيرباص" تعثرا مستقليا قد يترك تداعيات على خطط وخط تصنيع الشركة.

قد يكون لقرار إلغاء الصفقة أسباب فنية، ترتبط بالبحث عن أفضل المواصفات التشغيلية وخفض استهلاك الوقود، غير أن الحاجة الملحة للاستجابة للتطورات الطبيعية لاقتصاد دبي، تطرح تساؤلات فيما إذا حاولت "الإيرباص" استثمار مبدأ العرض والطلب أيضا، نظرا لحاجة دبي لتوسيع أسطولها الجوي لتعيد التفاوض على الصفقة أو تطرح شروطا إضافية، مصادر طيران الإمارات و"الإيرباص" لم تجب عن هذا التساؤل.

"اقتصادالعقارات" في دبي يتعافى رغم "العقبات"

يشهد القطاع العقاري في دبي بعد تعافيها من تداعيات الأزمة المالية العالمية 2008، وبعد الإعلان عن استضافة الإمارة الخليجية معرض أكسبو 2020، نموا متسارعا ونشطا على مختلف أوجه النشاط العقاري، والمطورين العقاريين، وارتفاع نسبة الإيجارات في عموم الإمارات بنسبة تصل إلى 200 في المئة منذ الإعلان عن استضافة المعرض.

اعتمد اقتصاد دبي في السنوات الأخيرة بصورة كبيرة على السوق العقارية، فشهدت نقلة عقارية نوعية، سرعان ما اصطدمت بتداعيات "أزمة الرهن العقاري" في أمريكا، لتنعكس آثار الأزمة على السوق العقارية في دبي شأنها شأن معظم اقتصادات العالم، ولا تزال تعاني بعض الدول من آثار هذه الأزمة. ومن جانب آخر، انعكس تأثر اقتصاد السوق العقارية في دبي على سوق دبي المالي، ما سبب خسائر مالية هائلة، كاد أن يسبب تصدعات اقتصادية كبرى لاقتصاد دبي ككل.

سارعت حكومة دبي بصفتها المالكة لشركة دبي القابضة التي تدير عدة شركات ينهض عليها اقتصاد الإمارة، بإعادة هيكلة الشركة، وجدول الديون المستحقة، إضافة إلى تقديم حكومة أبوظبي قرضا عاجلا بقيمة عشرة مليارات دولار عام 2009، ما مكن حكومة دبي من الوفاء بديونها المستحقة، مع إعادة النظر بصورة شاملة في مقومات اقتصاد دبي، ليكون أكثر تنوعا استجابة لمقتضيات إدارة المخاطر.

الشركات العقارية الأكثر نشاطا في دبي وعلى مستوى العالم أيضا، قامت بإصدار صكوك تمويل طويلة الأجل لتتمكن من الإيفاء بالتزاماتها المالية، ولا سيما بعد فرصة نهوض أخرى للسوق العقارية بعد أكسبو2020. شركة "إعمار مولز"، التابعة والمملوكة لشركة إعمار العقارية، أصدرت بيانا، أعلنت عن نجاحها في تسعير أول صكوك لها لأجل 10 سنوات بقيمة 750 مليون دولارأمريكي، و أوضح البيان أن الشركة:" خصصت 33% للمستثمرين في الشرق الأوسط، و38%للمستثمرين الأوروبيين، و29% للمستثمرين الآسيويين".

وأضافت أن هذه الصفقة جاءت عقب مناقشات مع مستثمرين عالميين، في المراكز المالية العالمية الرئيسية شملت لندن وسنغافورة، وهونج كونج، والإمارات العربية المتحدة،  وأشارت الشركة أن الإصدار المقترح استقبل بقبول واسع من قبل الأسواق، حيث أغلق سجل الاكتتاب على طلبات بنحو 5.4 مليار دولار، أي ما يزيد بواقع 7.2 مرة على حجم الإصدار المطروحة.

ويأتي إعلان "إعمار مودلز" في أعقاب تراجع حاد في أسواق المال الإماراتية، وكانت قد سرت شائعات حول اعتزام "شركة أربتك العقارية" أسهمها من التدوال في أسواق المال الإماراتية سببت فزعا بين المستثمرين، وساهم في تفاقم خسائر الأربعاء الماضي، قبل أن تنفي هيئة الأوراق والسلع الإماراتية، عبر موقعها على تويتر، هذه الشائعة، ما أدى إلى تقليص الخسائر في آخر تداولات أمس.

وكانت حكومة أبوظبي ومصرف الإمارات المركزي أعلنا مارس الماضي عن تقديم قرض إضافي لإمارة دبي بقيمة 20 مليار دولار.