تصاعدت العلاقات المصرية السعودية إلى مزيد من التعقيدات رغم محاولة البعض في البلدين احتواءها، وزعم قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، إن وقف شحنات البترول السعودية لمصر لم يكن مرتبطا بتصويتها على مشروعي قرارين في مجلس الأمن خاصين بسوريا. واستبعد أن يكون هناك أثر سلبي لتوقف الإمدادات النفطية على العلاقات مع السعودية. وقال «علاقتنا مع أشقائنا علاقة قوية وراسخة». لكنه أضاف أن هناك محاولة للضغط على مصر. وتابع زاعما: «مصر لن تركع… حنركع لله وغير كدا مش حينفع.» على حد تعبيره.
ومن جهته قال عبد العزيز بن نايف العريعر، عضو اللجنة المالية في مجلس الشورى السعودي والمتخصص في الشؤون الاقتصادية والمالية إن «الكتاب المغرضين هم الذين لا يقدرون عمق العلاقات الاستراتيجية والتاريخية بين مصر الشقيقة والسعودية»، على حد قوله، فيما بدا أنه يعيش حالة إنكار مثله مثل وسائل إعلام سعودية وإماراتية لم تستوعب بعد مدى تنكُر السيسي لداعميه الخليجيين وخاصة السعوديين. أما الأكاديمي عبد الخالق عبد الله فقد سأل عن مصير الأموال التي دفعها الخليج لنظام السيسي، فيما بدا وكأن صوتا جديدا قد تسمعه القاهرة من دول الخليج شعبيا على الأقل.
كما واصل بعض الإعلاميين المصريين في تعميق الخلاف مع السعودية، ومنهم الإعلامي سيد علي الذي قال إن هناك دولة عربية كبرى عرضت على مصر إمدادها بكل الخدمات البترولية، بعد وقف السعودية لإمداداتها من البترول، بكل الشروط الميسرة، فضلًا عن 3 دول كبرى أخرى من بينهم إيران .
وأضاف علي في برنامجه «حضرة المواطن» المذاع على قناة «العاصمة»: «كل دول الخليج تطبع مع إيران إلا مصر، وإيران مستعدة إن ترسل إلى مصر كل سنة 10 ملايين حاج لزيارة المقدسات الموجودة في مصر، ومصر لا تساوم في هذه المسألة».
وقال السيسي، خلال حديثه، أمس الخميس، أمام الندوة التثقيفية الثالثة والعشرين، تحت عنوان (أكتوبر الارادة والتحدي)، إن البعض اعتقد أن وقف شحنات البترول إلى مصر كان ردا على موقف مصر في مجلس الأمن، لكني أقول إنه يخص اتفاقا تجاريا تم توقيعه في أبريل الماضي، ونحن من جانبنا اتخذنا الإجراءات المناسبة لتوفير احتياجاتنا ولا توجد لدينا مشكلة في الوقود والبترول.
وزعم السيسي، أن تصويت مصر في مجلس الأمن على مشروعي القرارين الفرنسي والروسي كان لصالح وقف إطلاق النار والسماح بإدخال المساعدات للمواطنين الذين يعانون في سوريا، ونحن كنا ننظر للأمر، خلال التصويت على مشروعي القرارين، من خلال هذا المنظور.
السيسي لم يقدم تفسيراً آخر لتعليق شحنات منتجات النفط السعودية، كما أن شركة ارامكو لم تعلق على الموضوع.
لكنه أضاف “نحن لا نعرف ظروف هذه الشركات ولن تكون هناك مشكلة في البترول” لدى مصر.
وادعى السيسي أن بلاده حريصة جداً على “العلاقات التاريخية بأشقائنا في الخليج ونحن ملتزمون بالأمن القومي العربي الذي نعتبر أنفسنا جزءاً لا يتجزأ منه” لكن “في اطار نحترم فيه استقلال القرار”.
ولاحظ متابعون خليجيون أن السيسي يسقط لأول مرة في خطاباته التأكيد على أمن الخليج خاصة أنه كان يتحدث في معرض مسألة خليجية مصرية بحت، وكان تكرار "أمن الخليج خط أحمر" مناسبا للسياق إلا أنه تحدث عن الأمن العربي، إذ رأى المتابعون أن السيسي يتهرب من وعوده التي لم تكن سوى وعود، مستدلين على بعض إعلامييه الذين لوحوا إلى سحب القاهرة وعودها "بمسافة السكة".
وزعم السيسي أن “استقلال القرار يعكس الشرف والنبل والخلق قبل كل شيء (..) ومن يريد أن تكون له إرادة حرة لا بد أن يتحمل” أي ضغوط، على حد تعبيره.
وقد اعتبر مراقبون أن التصريح الأخير يعكس بداية مرحلة جديدة في العلاقات بين نظام الانقلاب ودول الخليج عموما، وأن السيسي يعتبر مساندة دول الخليج كما ساندته في انقلابه "ضغوطا".