بصورة مفاجئة وبعد نحو 9 شهور من اغتيال النائب العام المصري هشام بركات في يونيو الماضي ومع تفاؤل إعلامي بإمكانية تطبيع العلاقات بين القاهرة وحركة حماس، أعلن وزير الداخلية المصري مجدي عبد الغفار الأحد(6|3) عن اتهام نظامه للحركة بالتورط بهذا الاغتيال إلى جانب اتهام إخوان مصر وقياداتهم المتواجدة في تركيا. فلماذا الآن هذا الاتهام وماذا تريد القاهرة من ورائه، وهل له علاقة بتصنيف الدول الخليجية والعربية حزب الله بالإرهابي ليتم وصف حماس كذلك، فضلا عن تساؤلات أخرى كثيرة تشكك في الرواية المصرية جملة وتفصيلا.
سياق الاتهام داخليا
رغم أنه من المفترض أن تكون القاهرة منشغلة بحادثة مقتل الطالب الإيطالي "ريجيني" مع تهديد وفقد المحققين الإيطاليين بمغادرة مصر لتلكؤ أجهزة الأمن في تقديم معلومات دقيقة وحقيقية حول تعذيب ومقتل الطالب بصورة وحشية، إلا أن وزير الداخلية قام بإعلان هذه الاتهامات، مع أنه من الممكن أن يتم تأجيل هذه الاتهامات بضعة أيام بعد الانتهاء من جريمة مقتل الإيطالي.
مضمون اتهام القاهرة لحماس
هذه المرة اختلف مضمون وتفاصيل اتهام القاهرة للحركة عن المرات السابقة خاصة في موقعة الجمل التي زعمت أن عناصر حماس دخلت من غزة لمصر. ولكن الاتهام اكتفى بأن حماس خططت ودربت العناصر التي قامت بتنفيذ الاغتيال، ودربتهم في غزة، أي أن المنفذين عبروا الحدود إلى غزة تدربوا ثم عادوا للتنفيذ.
القاهرة تدرك أنها لو اتهمت أفراد حماس بدخول القاهرة وتنفيذ الاغتيال فإن هذا يشكل فضيحة وهزيمة من العيار الثقيل لإجراءات الأمن المصري، لذلك رأت أن تنأى بنفسها عن تحمل "اختراق" ولو بمزاعمها وتكتفي بالتدريب والتخطيط، وفي هذا الجانب إشارة مهمة أخرى ترد في تفاصيل لاحقة بهذا التقرير.
الطائرة الروسية واغتيال بركات
كان أفضل لنظام السيسي لو اتهم حماس بتفجير الطائرة الروسية وليس اغتيال بركات. ولكن الأمن المصري يدرك أن روسيا وأوروبا لديهم تحقيقاتهم الدقيقة منذ الأيام الأولى لإسقاط الطائرة الروسية وهناك إجماع مخابراتي دولي على أن داعش يقف خلف ذلك الاعتداء. فلو أن القاهرة اتهمت حماس فإن أحدا لن يصدقها ليس في هذه الحادثة فقط وإنما في كل الاتهامات التي لا تتوقف من جانب القاهرة للحركة.
اغتيال بركات حدث مصري محلي ولم يحقق به سوى أجهزة أمن معادية لحماس، ولن تقبل القاهرة بمحققين آخرين وليس من طريقة للاطلاع على التحقيق إلا ما تعلنه الداخلية، فاحتكرت الرواية وقدمت اتهاما "معقولا".
حزب الله وحماس والسياق الإقليمي
الاتهامات المصرية لجماس لا تتوقف. ومع ذلك، فإن السؤال عن توقيت الاتهام بعد 9 شهور من الاغتيال يطرح تساؤلات كثيرة لا تتوقف.
فبعد أيام من إعلان الدول الخليج والدول العربية حزب الله إرهابيا قامت القاهرة باتهام حماس بأفعال يتم اتهام حزب الله فيها أيضا وخاصة تدريب خلايا إرهابية في البحرين والكويت والتدخل في الشأن اليمني والسوري.
وعليه فإن مراقبين لا يستبعدون أن نظام السيسي يعد العدة لإعلان الحركة حركة إرهابية رغم رفض محكمة مصرية ذلك العام الماضي.
فالسعودية قد صنفت حزب الله إرهابيا بعد أيام من زيارة قام بها عناصر الحزب لمصر رسميا والتقائهم رسميا بضباط مخابرات مصريين، رغم أن النظام المصري ظل يتهم حزب الله باقتحام السجون والتدخل في موقعة الجمل إبان ثورة 25 يناير.
ويقدر مراقبون، أن القاهرة تريد خلق قضية موازية لقضية حزب الله. فدول الخليج والدول العربية تتعامل مع حماس، ومن المتوقع أن تتطور علاقة الرياض بالحركة، فكما تم قطع الطريق على تطور علاقات نظام السيسي ترى القاهرة أن هذا الاتهام وتداعياته سوف يقطع الطريق على تطوير العلاقات بين السعودية وحماس. فإذا تواصلت السعودية مع حماس فإن القاهرة ستبدو وكأنها ترد بالمثل في تعاملها مع حزب الله.