بعد مرور أكثر من نصف سنةٍ على الحرب العدوانيّة التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزّة، كشفت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيليّ، وأيضًا صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيليّة، عن شهادات جديدة حول المعارك التي دارت شرق حيّ الشجاعية والتفاح بداية الغزو البريّ لشرق القطاع صيف العام الماضي.
وبحسب أحد الضباط الكبار الذين شاركوا في الحرب على غزة شبّه درور معركة الشجاعية بمعارك حرب أكتوبر 1973، وعلق صورة من اشتباك الشجاعية في مكتبه وإلى جانبها صورة من حرب عام 1973.
وفي التفاصيل قال إن القيادة العليا للجيش الإسرائيليّ قامت بإرسال الجنود والضباط إلى معقل معاقل حماس، كما أسماه، في ناقلات جند قديمة جدًا، علاوة على أنّ المخابرات لم تُقدّم لهم معلومات كافية ووافية عمّا ينتظرهم في حيّ الشجاعية بمدينة غزّة.
ونقلت القناة عن قائد ناقلة الجند الأقرب للناقلة التي استهدفت بصاروخ أدى إلى تفجيرها ومقتل 6 جنود من طاقمها واختفاء الجنديّ السابع اورون شاؤول، قوله إنّ أحدًا لم يكن بإمكانه إنقاذ أحد في هكذا ظروف، على حدّ تعبيره. يُشار إلى أنّ مصير الجنديّ شاؤول ما زال مجهولاً، ولم تُوافق حركة حماس على تزويد إسرائيل بمعلومات عنه، في حين اعتبرته تل أبيب أنّه في عداد الأموات المفقودين.
وتابع الملازم أول غاي غروسمان، والذي كان متواجدًا في الناقلة القريبة من الناقلة المستهدفة، تابع قائلاً: رأيت الصاروخ وهو يصيب الناقلة والتهمتها النيران، لم أتوقّع أن يخرج أحدهم حيًّا من داخلها، وأبلغت قادتي بوجود طاقم من القتلى، وأخذت الخوذة ووضعتها على رأسي وصحت على السائق بأنْ يخرج من المكان حتى لا يُصيبنا الصاروخ الثاني.
وأجرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) مقابلة أيضًا مع قائد الناقلة التي قتل فيها الجنود واختفى فيها شاؤول ويدعى النقيب أوهاد رفيسبلت، والذي قال إنّ الناقلة تشتعل وأنت قريب منها وهذا شعور فظيع، أخرجت سلاحي الوحيد وهو قنبلة يدوية وأمسكت بها وقلت في نفسي إننّي لن اخرج حياً من هنا، على حدّ وصفه. وبعد عودة الضابطين من ساحة المعركة، قالت الصحيفة، قام الجيش بنقل غروسمان من منصبه في أعقاب العملية بعد اتهامه بالتردد في الوصول للناقلة المشتعلة وتركه للمكان وبقائه داخل ناقلته التي لم تصب. ورفض الناجون من تلك الليلة بمن فيهم الملازم رفيسبلت بشدّةٍ هذه الاتهامات.
وقال: أشعروني أنّه كان بإمكاني منع عملية خطف أورون شاؤول وهذا شعور غير بسيط. وتابع قائلاً للصحيفة: أنتَ لا تعلم كيف ستُواصل عملك، ولا يُمكنك النظر إلى أعين الأم، لأنك في النهاية كنت مسؤولاً عن ابنها وأوصلته للمعركة بصورة أوْ بأخرى، ومن الممكن أنْ لا أكون متهمًا بما حصل ولكن كنت مسؤولاً عنه ساعتها، قال للصحيفة. جدير بالذكر، يذكر أن الشجاعية شهدت معارك ساخنة خلال العدوان الأخير، تخللها إصابة ضباط كبار في جيش الاحتلال ومقتل عدد كبير من الجنود، وقد تحدث قائد كتيبة المدفعية “دركون غادي درور قائلاً، عشنا 8 بنت جبيلات، في إشارة إلى معركة بنت جبيل اللبنانية، في الشجاعية، فقد حدث شيء شاذ للغاية في هذه المعركة، لقد كان العدو، أيْ مقاومي القسام، مغطى داخل الأنفاق مع بنية تحتية جاهزة أيضًا للدفاع، كانت تلك عملية واسعة النطاق، وكان للدقة والقوة فيها كلمة الفصل، على حدّ قوله.
من ناحيته، قال الضابط ايتسيك تورجمان قائد الفرقة 36 في الجيش: كانت لحظات جنونية، رأيت العدو يسيطر على المنطقة من كلّ جانب، والنيران تنهمر كالمطر، بينما تحدث معي أحد قادة غفعاتي قائلاً: إنّهم يُطلقون علينا القذائف كالمجانين، وكلمّا حاولت الخروج من المبنى يُطلقون على الهاون، فقلت له انزل للطابق السفلي واذهب للجانب الشرقي. وعندها أمرت بإطلاق جنوني للقذائف بمعدل 600 قذيفة باتجاه مساحة لا تتجاوز 400 متر، وبعدها اتصل علي الضابط وقال: لماذا تطلق النار عليّ، فقلت له لا تقلق فنحن نطلق القذائف على مسافة 150 متر من موقعك فلا تقلق، ولا اذكر مرّة استخدمنا فيها نيران للإنقاذ بهذه الكثافة، على حدّ قوله.