حذّرت منظمة العفو الدولية، اليوم الأربعاء، من خطورة استمرار تدفق الأسلحة من أبوظبي إلى قوات الدعم السريع في السودان، معتبرة أن هذا الدعم يُسهم بشكل مباشر في تأجيج الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين، وعلى رأسها الهجوم الوحشي الذي استهدف مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور خلال أبريل الماضي، والذي خلّف قتلى وجرحى وتسبب في نزوح مئات الآلاف من السكان العزّل.
ودعت المنظمة المجتمع الدولي، في تقرير لها، إلى اتخاذ خطوات عاجلة لمنع أبوظبي من تزويد هذه القوات بالأسلحة والذخائر، وفتح تحقيق مستقل في شبكات نقل السلاح المتورطة في النزاع السوداني.
وأكّدت العفو الدولية في تقريرها الجديد أن الهجوم على مخيم زمزم لم يكن واقعة معزولة، بل حلقة ضمن حملة أوسع تقودها قوات الدعم السريع منذ منتصف عام 2024 لبسط سيطرتها على إقليم دارفور، مشيرة إلى أنّ امتلاك هذه القوات لأسلحة متطورة مكّنها من تنفيذ هجمات عشوائية استهدفت مناطق مدنية مكتظة بالسكان، بما في ذلك المنازل والأسواق والمساجد والمرافق الصحية.
وأضافت أن الدعم الخارجي، وخصوصاً من أبوظبي، شكّل عاملاً رئيسياً في تمكين هذه القوات من مواصلة عملياتها رغم التقارير الأممية والدعوات الحقوقية المتكررة لوقف الانتهاكات.
وشددت المنظمة على ضرورة توسيع نطاق حظر السلاح المفروض على دارفور ليشمل كامل الأراضي السودانية، مطالبة الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا والصين وروسيا بممارسة ضغط مباشر على الدول المتورطة في نقل السلاح، وفي مقدمتها الإمارات، لوقف أي إمدادات عسكرية قد تصل إلى قوات الدعم السريع أو إلى أي طرف من أطراف النزاع. واعتبرت أن استمرار عمليات التسلح في ظل غياب المساءلة يمثّل "وقوداً مفتوحاً لجرائم الحرب"، ويطيل أمد الصراع على حساب حياة المدنيين الذين يدفعون الثمن الأكبر.
واعتمد التقرير على تحقيق ميداني أُجري بين يونيو وأغسطس 2025، شمل مقابلات مع 29 ناجياً وشاهد عيان وصحفياً وكادراً طبياً، إضافة إلى تحليل عشرات الصور ومقاطع الفيديو وصور الأقمار الصناعية. وأظهرت صور التُقطت في 16 أبريل وجود حُفر ناجمة عن انفجارات داخل المخيم، بما يؤكد الاستخدام الواسع للأسلحة المتفجرة في مناطق مدنية مأهولة.
وروى الناجون تفاصيل مرعبة عن أيام الرعب، إذ قال متطوع في غرفة الطوارئ يُدعى يونس: "كان القصف في كل مكان، لم نعد نميز مصدر النيران". بينما وصف متطوع آخر، مأمون، مشاهد إطلاق النار العشوائي وصراخ المسلحين في الشوارع. وأكدت متطوعة تُدعى سعدية أن مقاتلي الدعم السريع كانوا يطلقون النار من سياراتهم على كل من يشاهدونه في الطرقات، في سلوك عدّته المنظمة هجوماً عشوائياً محظوراً بموجب القانون الإنساني الدولي.
كما وثّق التقرير عمليات قتل متعمد بحق ما لا يقل عن 47 مدنياً اختبأوا في منازل ومساجد وعيادات بحثاً عن الأمان. وبيّن أن مقاتلي الدعم السريع نهبوا الممتلكات وأحرقوا منازل ومحالاً تجارية ومجمعات تعليمية ودينية، ما ألحق أضراراً جسيمة بالبنية التحتية المدنية المحمية دولياً.
وفي ختام شهاداته، نقل التقرير قول أحد الناجين، النور، بعد مقتل شقيقه وابن أخيه: "لا أحد يهتم بوضعنا"، وهي عبارة لخّصت شعور آلاف الضحايا الذين ما زالوا ينتظرون حماية حقيقية ومحاسبة دولية عادلة على الجرائم المرتكبة بحقهم.