أحدث الأخبار
  • 10:42 . هكذا يحصد الاحتلال أرواح الفلسطينيين في غزة من خلال التجويع... المزيد
  • 10:35 . إنشاء نيابة جديدة في أبوظبي تعنى بقضايا العمال... المزيد
  • 10:27 . إدانات واسعة لتصريحات نتنياهو بشأن "إسرائيل الكبرى"... المزيد
  • 10:21 . ترامب يعتزم لقاء بوتين وزيلينسكي بعد قمة ألاسكا... المزيد
  • 07:02 . ما المقاتلة التي تراها أبوظبي بديلاً مثالياً لإف-35 الأمريكية؟... المزيد
  • 12:11 . الكويت والأردن يبحثان تعزيز التعاون الثنائي وتطوير الشراكة... المزيد
  • 12:09 . عُمان تجدد التزامها بدعم الأمن البحري وتعزيز التعاون الدولي... المزيد
  • 12:08 . المجموعة العربية والتعاون الإسلامي: احتلال غزة "تصعيد خطير وغير مقبول"... المزيد
  • 12:04 . "الإمارات للدواء" تعتمد علاجاً مبتكراً لمرضى "الورم النقوي المتعدد"... المزيد
  • 12:03 . الترويكا الأوروبية تدرس إعادة فرض العقوبات على إيران... المزيد
  • 11:03 . الحوثيون يهاجمون أهدافا إسرائيلية بحيفا والنقب وإيلات وبئر السبع... المزيد
  • 12:29 . قرقاش ينسب لأبوظبي الفضل في اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا... المزيد
  • 12:23 . 673 شركة ذكاء اصطناعي في أبوظبي بنمو 61% خلال عام... المزيد
  • 11:52 . الجيش الباكستاني يعلن مقتل 50 مسلحا على الحدود مع أفغانستان... المزيد
  • 11:51 . برامج التقوية الصيفية.. دعم للتحصيل أم عبء على الطلبة؟... المزيد
  • 11:48 . أستراليا تتهم نتنياهو بإنكار معاناة سكان غزة... المزيد

كلمات حق يراد بها باطل

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 05-10-2019

كلمات حق يراد بها باطل | القدس العربي

أصبح من الضروري في أيامنا الصعبة المعقدة التي نعيشها عبر الوطن العربي كله، أن نكون حذرين تجاه بعض الكلمات التي يكثر استعمالها مؤخرا في قاموس الخطاب السياسي العربي. فعلى سبيل المثال لاحظت أثناء محاضراتي عن الشؤون العربية القومية العامة، وسبل الخروج من كوارثها استعمال كلمة «التجديد» بصورة متكررة. البعض يطرح أمر تجديد الفكر القومي، والبعض الآخر يطرح ضرورة تجديد الفكر الإسلامي، إلخ من التجديدات المطلوبة.
لكن المطالبين بالتجديد، لا يحددون جوانب وموضوعات التجديد، الأمر الذي يلقي ظلال الشك على كل ما جاء به ذلك الفكر من مبادئ وحلول، ويضعف إيمان المواطنين، وعلى الأخص الشباب والشابات منهم، بذلك الفكر على إطلاقه. 

وهذا بالضبط ما يسعى إليه التآمر الاستعماري ـ الصهيوني، الذي يسعى إلى إبعاد الشباب العربي عن كل الأفكار الثقافية العربية المشتركة الكبرى، التي تسعى إلى مواجهة التراجعات والأخطار الكارثية في حقول السياسة والاقتصاد والأمن والاجتماع.
فلو أخذنا المطالبة بتجديد الفكر القومي، هل حقا أن الجانب الوحدوي، وحدة الأمة والوطن العربي الكبير، الذي هو أحد الممرات الرئيسية الضرورية لتعافي الأمة من تخلفها الحضاري، وضعفها الاقتصادي والأمني، وهوانها أمام أعدائها الكثيرين، هل حقا أنه يحتاج إلى مراجعة؟ إذا كان المطلوب هو تجديد وسائل ومراحل تحقيق ذلك الهدف القومي، فهذا أمر طبيعي ومقبول، نظرا لتغير الظروف وتعقدها.

 أما إذا كان المطلوب هو تجديد الهدف، وهذا في الواقع سيعني التراجع والقبول بقدر التجزئة والتفتيت لهذه الأمة ولهذا الوطن، فإننا هنا أمام تراجع مذهل في مواضيع هوية الإنسان العربي وتاريخه وآماله المستقبلية المشروعة، بل نحن أمام محاولة التهميش للوجود العربي في حضارة العصر.

أما إذا كان التجديد المطلوب هو إضافة مبادئ الديمقراطية ومكوناتها وممارساتها لتصبح جزءا أساسيا من الفكر القومي، الذي لم يعطها الأهمية الكافية في الماضي، بل اعتبرها البعض ترفا بورجوازيا في وجه المطالب السياسية والاقتصادية الثورية، فإن هذا هو تجديد مطلوب وضروري. 

وهذا ما فعله مثلا مركز دراسات الوحدة العربية، عندما نشر مقترحه المسمى «المشروع النهضوي العربي»، إذ جعل الديمقراطية أحد أعمدة ذلك المشروع.
كذلك، مثلا، لاحظت استعمال كلمة «الآخر» بدون انتباه إلى أن مفهوم الآخر قد تغير بصورة جذرية، ففي الماضي كان الآخر هو الإنسان الغربي، بفكره وعاداته وممارساته السياسية الاستعمارية على الأخص، لكن الحاضر العولمي يقول بأن «آخرين»، وعلى الأخص آسيويين جدد، يصعدون ويحيطون بنا. فهل مواقفنا وتعريفاتنا وشكوكنا السابقة تنطبق على الواقع الجديد؟ وإذا كان الجواب سلبا فما هي المحددات والفروق بين «الآخر» القديم «والآخر» المضاف الجديد؟ 

ذلك في عوالم الفكر والنظريات، ولكن ماذا عن استعمالات متنامية للخلط الواضح المقصود لكلمتي: الشرعية» و»المشروعية». فما أن تخرج مظاهرات جماهيرية احتجاجية ضد مسائل الظلم والفساد والاستبداد والأوضاع المعيشية المتردية، في هذا القطر العربي أو ذاك، حتى ينبري الإعلام الرسمي المهول وبعض الإعلام الخاص البذيء اللسان برفع كلمة «لامشروعية» تلك المظاهرات، بحجة أن هناك قوانين تمنع خروج تلك المظاهرات، أو أن الأوضاع الأمنية حساسة وحرجة. لكن هؤلاء ينسون بأن المشروعية القانونية التي يشيرون إليها يجب أن تخضع لمنطوق كلمة أخرى، وهي كلمة «الشرعية».
فإذا كان النظام شرعيا، أي منبثقا من إرادة الناس بحرية ونزاهة، وبقبول عام، وعن طريق ممارسة ديمقراطية شفافة لا تلاعب فيها، فإن المشروعية القانونية التي يتحجج بها، وترفع في وجوه الجماهير، هي بالفعل مشروعية يجب أن تحترم ويؤخذ بها، لأنها شرعية ومعبرة عن إرادة عامة وقبول حر عام.

 أما إذا كانت هناك ألف علامة من التساؤلات والشكوك حول شرعية السلطة، وحول كفاءتها في إدارة أمور البلاد والعباد، وحول مقدار توازن مكوناتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، وحول مقدار وجود توازن عقلي وخلقي ونفسي عند بعض قادتها الأساسيين، فإن رفع شعارات وتهديدات القوانين التي توصف بالمشروعة مملوء بالانتهازية وبممارسة القول الشهير: كلمة حق يراد بها باطل».
هناك أمثلة كثيرة لكلمات أخرى لا تسمح محدودية المقال بذكر أغلبيتها، مما تمتلئ الساحة السياسية العربي بها على الأخص، وهي كلمات مليئة بالغموض ومستعملة بانتهازية من قبل كتاب مدفوعي الأجر بصورة خاصة. والهدف منها هو خلط الأوراق والمفاهيم والأهداف في ذهن الإنسان العربي، وعلى الأخص الجيل الجديد،
ذاك الجيل، الذي ينغمس في عمليات التواصل الاجتماعي بصور متنامية، ويعتمد على ذاته في فهم الخطابات العامة، يحتاج أن يطرح ألف سؤال حول كل كلمة يشتم منها بأنها استعملت للتضليل والإدخال في عوالم التيه الفكري والسياسي.