أحدث الأخبار
  • 08:14 . قانون اتحادي بإنشاء هيئة إعلامية جديدة تحل محل ثلاث مؤسسات بينها "مجلس الإمارات للإعلام"... المزيد
  • 12:50 . "قيصر" عن إلغاء العقوبات الأمريكية: سيُحدث تحوّلا ملموسا بوضع سوريا... المزيد
  • 12:49 . الجيش الأمريكي: مقتل أربعة أشخاص في ضربة عسكرية لقارب تهريب... المزيد
  • 12:47 . أمطار ورياح قوية حتى الغد… "الأرصاد" يحذّر من الغبار وتدني الرؤية ويدعو للحذر على الطرق... المزيد
  • 11:53 . "الموارد البشرية" تدعو إلى توخي الحيطة في مواقع العمل بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 11:52 . 31 ديسمبر تاريخ رسمي لاحتساب القبول بـرياض الأطفال والصف الأول... المزيد
  • 11:50 . حزب الإصلاح اليمني: الإمارات لديها تحسّس من “الإسلام السياسي” ولا علاقة لنا بالإخوان... المزيد
  • 11:46 . عبدالله بن زايد وروبيو يبحثان استقرار اليمن.. ما دلالات الاتصال في هذا التوقيت؟... المزيد
  • 11:38 . موقع عبري: أبوظبي تقف وراء أكبر صفقة في تاريخ “إلبيت” الإسرائيلية بقيمة 2.3 مليار دولار... المزيد
  • 06:03 . بين التنظيم القانوني والاعتراض المجتمعي.. جدل في الإمارات حول القمار... المزيد
  • 01:22 . "رويترز": لقاء مرتقب بين قائد الجيش الباكستاني وترامب بشأن غزة... المزيد
  • 01:06 . فوز البروفيسور ماجد شرقي بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة العلوم الطبيعية... المزيد
  • 12:53 . اعتماد تعديل سن القبول برياض الأطفال والصف الأول بدءًا من العام الدراسي المقبل... المزيد
  • 12:05 . ترامب يوسّع حظر السفر إلى أمريكا ليشمل ست دول إضافية بينها فلسطين وسوريا... المزيد
  • 11:59 . السعودية تدشّن تعويم أول سفن مشروع "طويق" القتالية في الولايات المتحدة... المزيد
  • 11:53 . محكمة كويتية تحيل ملف وزير الدفاع الأسبق للخبراء... المزيد

الإمام البخاري وكلام الناس

الكـاتب : أحمد بن عبد العزيز الحداد
تاريخ الخبر: 17-03-2019

يعيش الناس هذه الأيام ضجة غير مسبوقة غيرة على السُّنَّة المطهرة عامة والإمام البخاري خاصة، لما سمعوه من كلام غير معروف ولا مألوف، فإن الناس خالفاً عن سالف لا يعرفون عن البخاري إلا أنه إمام أهل الحديث ورأسهم، ولا يعرفون عن السنة إلا أنها المصدر الثاني للتشريع، عملاً بقول الله جل ذكره: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾، وآيات أخرى كثيرة يحفظونها ويتلونها كثيراً، فلما سمعوا هذه الأقوال أنكرتها قلوبهم، ورددتها ألسنتهم، وحُقَّ لهم ذلك، وقد روى البخاري ترجمة في كتاب العلم عن علي رضي الله عنه: «حدثوا الناس بما يعرفون أتحِبُّون أن يُكذب اللهُ ورسولُه؟!». 

نعم البخاري إمام جِهبذ، وحافظ متقن، وعدل ثقة، وكل أوصاف التزكية قيلت فيه، ممن له دراية به وخبرة بعلمه: ﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾، تواتر ذلك جيلاً بعد جيل، والتواتر يفيد العلم الضروري، ونحن أمة أمرنا باحترام أسلافنا والترحم عليهم، فكيف يأتي عليه التشكيك، فضلاً عن التجريح، بعد استقرار الإجماع على جلالته؟ والإجماع حجة قاطعة، قطعاً لا يأتي؛ لأن شرط الناقد أن يكون من أئمة الجرح والتعديل، ولأنه لا يقبل إلا من أهله، كما يشير إلى ذلك قوله سبحانه: ﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً﴾، ولا يقبل إلا مُفسَراً؛ لأنه قد يرى ما ليس بنقدٍ نقداً، هذا هو منهج النقد، وقد قالوا: من تكلم في غير فنِّه أتى بالعجائب! 

هذا إن كان له فنٌّ عُرف وتميز به، وإلا فإنه لا يلتفت إليه، وخذ مثلاً من عُرف بالأدب فلا ينقده إلا أديب، واللغوي لا ينقده إلا لغوي، والنحوي لا ينقده إلا نحوي، والمؤرخ لا ينقده إلا مؤرخ، والفقيه لا يناقشه ويعترض عليه إلا فقيه، وقل مثل ذلك في الطبيب والمهندس والفيلسوف وهلم جرا، وهذا من المسلمات عند الناس أجمعين، والإمام البخاري، ومثله الإمام مسلم، وغيرهما من أئمة الحديث، لم يقبل الناس رواياتهم سبهْلَلَةً، بل عُرضوا على ميزان النقد الفاحص لرواياتهم ومناهجهم، واستقر قولهم على أن ما رواه البخاري ومسلم مقطوع بصحته، لتلقّي الأمّة كتابيهما بالقبول، وأن من روى له البخاري فقد جاوز القَنطرة، وأنه محدث فقيه، وفقهه في تراجمه، إلى غير ذلك مما لا يتسع المقال لذكره.

ذلكم هو النقد الذي أفضى إلى حقيقةٍ اطمأن لها المسلمون وعملوا بمقتضاها، أما أن يأتي من لا يعرف الإمام البخاري إلا سماعاً، ولم يكن من أهل الفن، فضلاً عن أنه لم يقرأ صحيح البخاري أو غيره؛ فإن نقده يكون تشهيراً بنفسه، أو إشهاراً لها، وكلا الأمرين معيب.

إن كتب الحديث عامة، والصحيحين خاصة، هي مراجع المسلمين، ومصادر سنة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، وقد أُمرنا معاشر المسلمين بالعمل بالسنة، كما أمرنا بالعمل بالقرآن؛ وقد أُوتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم القرآنَ ومثلَه معه، ولأن الله تعالى أوكل بيان القرآن للنبي عليه الصلاة والسلام، كما قال جل ذكره: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾، وبيانه عليه الصلاة والسلام نُقل إلينا بالسنة، ولذلك عرفنا تفاصيل ما أوجب الله علينا من فعله صلى الله عليه وسلم وقوله وتقريراته.

هذه هي السنة التي رواها المحدثون بأسانيدهم المتصلة وتمحيصاتهم الشديدة، وقد وضع المحدثون قواعد للجرح والتعديل، ليُقبل من الرواية ما وافق هذه القواعد، ويرد ما لم يتفق معها، وكان ممن اتفقت رواياته مع قواعد الجرح والتعديل جملة وتفصيلاً الشيخان البخاري ومسلم، وغيرهم أُخذ من رواياتهم ورُد، بحسب ذلكم الميزان العلمي الدقيق. فاطمَئِنُّوا أيها المسلمون على السنة، فإنها محفوظة بحفظ القرآن الذي تولى الله تعالى حفظه، فإن من لوازم حفظه حفظ السنة المبيِّنة له، كما قرر ذلك المحدثون، فمن لا يقبل رواية المحدثين فسيقبل من؟ وكيف يعرف السنة التي يجب العمل بها؟!

والخلاصة أن التشكيك في السنة هو تشكيك في القرآن، ليدخل الشك في الإسلام جملةً وتفصيلاً، والدعوة إلى تركها أو ترك أئمة الفقه المعتبرين هي دعوة لترك ثوابت الإسلام وأصوله العظام.

وهذه إحدى الكُبر، نسأل الله العافية والسلامة والهداية والاستقامة.