أحدث الأخبار
  • 12:34 . "رويترز": القيادة السورية وافقت على تسليم متعلقات كوهين لـ"إسرائيل"... المزيد
  • 11:31 . فرنسا وبريطانيا وكندا تتجه للاعتراف بدولة فلسطين... المزيد
  • 11:25 . الاتحاد الأوروبي يرفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.. والتعاون الخليجي يرحب... المزيد
  • 11:14 . أبوظبي تقحم نفسها كلاعب أساسي في إدخال المساعدات إلى غزة... المزيد
  • 07:34 . "سي إن إن": "إسرائيل" تستعد لضرب منشآت نووية إيرانية... المزيد
  • 07:31 . ترقية قائد الجيش الباكستاني إلى مارشال بعد اشتباكات الهند.. فمن هو عاصم منير؟... المزيد
  • 09:43 . السودان يتهم أبوظبي بالوقوف وراء هجوم بورتسودان... المزيد
  • 05:24 . "علماء المسلمين” يعتبرون إبادة غزة جريمة إنسانية ويطالبون بانتفاضة عاجلة... المزيد
  • 11:56 . انطلاق الدورة الرابعة من "اصنع في الإمارات" في أبوظبي... المزيد
  • 11:56 . تحوّل "كلية ليوا" إلى "جامعة ليوا" بعد اعتماد رسمي من وزارة التعليم العالي... المزيد
  • 11:16 . ترامب يشيد بالعلاقات مع الإمارات وقطر والسعودية... المزيد
  • 11:09 . روسيا تحظر نشاط منظمة العفو الدولية... المزيد
  • 11:08 . القبض على سوري مشتبه به في طعن خمسة أشخاص بمدينة بيليفيلد الألمانية... المزيد
  • 09:13 . مقتل طاقم طائرة تدريب مصرية إثر سقوطها في البحر... المزيد
  • 05:57 . السودان.. البرهان يعين المرشح الرئاسي السابق كامل إدريس رئيساً للوزراء... المزيد
  • 05:39 . صحيفة بريطانية: أبوظبي وبكين تعيدان قوات الدعم السريع إلى اللعبة بعد طردها من الخرطوم... المزيد

الطريق والحزام والطموح الصيني

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 16-05-2017


الثورة الاقتصادية الصينية التي دفعت بالصين من دولة مقسمة محتلة إلى أحد أقوى اقتصادات العالم استفادت بشكل كبير من المبدأ الذي وضعه باني نهضة الصين الاقتصادية الحديثة شياوبنج وهو رئيس الصين الثاني بعد ماو تسي تونج والذي ابتعد بالصين عن شيوعية ماو وأدلجة الدولة إلى ديمقراطية الحزب الواحد الاشتراكية الصناعية، شياوبنج كان يعمل وفق المبدأ الذي وضعه «نخفي قدراتنا، ننتظر، لا نأخذ دور القيادة مطلقاً» انطلاقاً من هذا المبدأ عملت الصين لعقود طويلة في صمت، كانت صندوقاً أسود من الإنجازات الاقتصادية المشوبة بانتهاكات حقوق الإنسان، ولكن هذا المارد المنكفئ على نفسه احتاج أن يتنفس ويتمدد وإلا تعرض للاختناق؛ ولذلك بدأت الصين بسط أجنحتها حول العالم بمنتجاتها وشركاتها وأموالها مع استحضار روح مقولة شيابونج، فلم تدخل الصين في نزاعات مسلحة بشكل مباشر ولم تتدخل في النزاعات التي حدثت حول العالم وجلست في المقعد الخلفي، بينما تصارع الاتحاد السوفيتي مع الولايات المتحدة والتزمت ذات المقعد بعد بسط الأخيرة نفوذها على العالم، اليوم يبدو أن القيادة الصينية تتجه بالصين إلى كسر قيود الانكفائية.
خلال الأيام الماضية جمعت الصين القادة من مختلف دول العالم للاحتفاء بمشروعها الذي أطلقه الرئيس الصيني في عام 2013، والذي تعتبره الصين مساهمتها العالمية الأكبر، أطلق شي جين بينغ الرئيس الصيني على هذا المشروع اسم الحزام والطريق، في إشارة إلى طريق الحرير القديم، المشروع يهدف إلى تعزيز بنية الطرق البرية والبحرية عالمياً لربط الصين بأوروبا، يحتوي المشروع على سكك حديدية وشوارع وموانئ بحرية تمتد عبر عشرات الدول بدءاً بالصين ومروراً بباكستان وروسيا ومنطقة أوراسيا وانتهاءً بأوروبا الغربية، هذا المشروع الطموح تعهدت الصين بدعمه بمبلغ 124 ملياراً من أصل 900 مليار دولار أميركي هي التكلفة المتوقعة للمشروع، الجزء الأكبر من هذه الأموال سينفق على البنية التحتية، ولكن هناك جزء آخر سينفق على التنمية في الدول ذات الاقتصاد المتواضع مثل ميانمار وسريلانكا والتي سيمر بها المشروع، طريق الحرير الجديد يحظى بدعم كبير من دول محورية مثل روسيا وتركيا وباكستان، ولكنه يواجه مقاومة شديدة من بعض دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الذين يعتبرون المشروع واجهة للنفوذ الصيني وحصان طروادة تدخل معه المنتجات والشركات ورؤوس الأموال الصينية إلى مئات الأسواق الجديدة دون توفر شروط المنافسة مع الشركات غير الصينية.
منتدى الحزام والطريق الذي اختتم أعماله يوم أمس في بكين كان هدفه الرئيسي إطلاق المراحل العملية من المشروع والحصول على موافقة من الدول المشاركة بشكل جماعي لمراحله المختلفة، ورغم محاولة الصين تمرير وثيقة نهائية للمؤتمر تكون بمثابة انطلاقة حقيقية للمشروع، فإن ضعف التمثيل الأوروبي والغربي والاعتراض الذي أبدته دول مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا وغيرهم على الوثيقة قلل من ثقل الوثيقة وأهمية نتائج المؤتمر، وزيرة الخارجية الألمانية أعلنت أن بلادها تريد ضمانات للمنافسة الشريفة على العقود المرتبطة بالمشروع، في إشارة إلى القلق الغربي من أن تستحوذ الشركات الصينية على نصيب الأسد من عقود المشروع، وأن يستخدم في الضغط على الدول النامية للارتباط بالأجندة الصينية.
من جهته استغل الرئيس الصيني كلمته في المنتدى ليهاجم الحمائية الاقتصادية ويدفع بالتجارة الحرة حلاً للمشاكل الاقتصادية واستجابة للطلب العالي على مشاريع البنية التحتية والقصور في تمويلها، وهي حقاً مفارقة تستحق التوقف عندها، فهاهي الصين التي اتهمها الغرب لعقود بالانكفاء والانغلاق تطالب الغرب بالانفتاح، بينما تتجه دول غربية وعلى رأسها الولايات المتحدة إلى الانكفاء الاقتصادي وتعزيز آليات الحمائية للحفاظ على اقتصاداتها المحلية من أثر التجارة الحرة، ورغم الطموح الكبير الذي يرتبط بالمشروع فإن العديد من الاقتصاديين يحذرون من أنه سيكون وبالاً اقتصادياً على الصين ولن يعود بعوائد حقيقية عليها، ومع ذلك لا يجد الرئيس الصيني مفراً من الدفع بالمشروع أولاً لأنه يمثل ركناً أساسياً في سياسته الخارجية وثانياً لأن الصين بذلت حتى الآن مئات المليارات في مراحل المشروع الأولى، ولم يعد بالإمكان التراجع عنه؛ لأن ذلك سيشكل انتحاراً سياسياً لكل من عمل عليه.
تسعى الصين عبر مشروعها هذا إلى إحياء طريق الحرير القديم، ليس مادياً فحسب بل معنوياً كذلك، صحوة المارد الصيني هذه وتجليه للعيان عبر القوة الناعمة سيكون له بلا شك تأثير على شكل العالم إن رأى هذا المشروع النور، وحتى إن تعثر فيبدو أن الصين خرجت من شرنقتها اليوم ولن تعود إليها أبداً، الصين اليوم تمول آلاف المشاريع التنموية في آسيا وإفريقيا وتمارس نفوذاً خفياً على العديد من الدول الفقيرة عبر شركاتها وأذرعتها التنموية، الكرة الآن في الملعب الغربي، إذا أراد الغرب الحفاظ على مكانته القيادية عالمياً فعليه أن يكبح جماح الصين، وفي ظل الأزمات المتلاحقة التي تواجهها أوروبا والتغييرات السياسية الجذرية التي تمر بها الولايات المتحدة ربما تجد الصين فرصة تاريخية تصل بها إلى حالة قطبية جديدة في العالم، عالم جديد تكون الصين فيه قطباً، وربما أوحد.;