أحدث الأخبار
  • 01:22 . "رويترز": لقاء مرتقب بين قائد الجيش الباكستاني وترامب بشأن غزة... المزيد
  • 01:06 . فوز البروفيسور ماجد شرقي بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة العلوم الطبيعية... المزيد
  • 12:53 . اعتماد تعديل سن القبول برياض الأطفال والصف الأول بدءًا من العام الدراسي المقبل... المزيد
  • 12:52 . بين التنظيم القانوني والاعتراض المجتمعي.. جدل في الإمارات حول القمار... المزيد
  • 12:05 . ترامب يوسّع حظر السفر إلى أمريكا ليشمل ست دول إضافية بينها فلسطين وسوريا... المزيد
  • 11:59 . السعودية تدشّن تعويم أول سفن مشروع "طويق" القتالية في الولايات المتحدة... المزيد
  • 11:53 . محكمة كويتية تحيل ملف وزير الدفاع الأسبق للخبراء... المزيد
  • 12:45 . ميدل إيست آي: هل يمكن كبح "إسرائيل" والإمارات عن تأجيج الفوضى في المنطقة عام 2026؟... المزيد
  • 12:40 . أمطار غزيرة تغرق مستشفى الشفاء وآلافا من خيام النازحين في غزة... المزيد
  • 11:59 . طهران ترفض مطالب الإمارات بشأن الجزر المحتلة وتؤكد أنها تحت سيادتها... المزيد
  • 11:30 . ترامب: 59 دولة ترغب بالانضمام لقوة الاستقرار في غزة... المزيد
  • 11:29 . الإمارات تدين الهجوم على مقر للقوات الأممية بالسودان... المزيد
  • 01:04 . مرسوم أميري بإنشاء جامعة الفنون في الشارقة... المزيد
  • 12:14 . "الأبيض" يسقط أمام المغرب ويواجه السعودية على برونزية كأس العرب... المزيد
  • 09:21 . غرق مئات من خيام النازحين وسط تجدد الأمطار الغزيرة على غزة... المزيد
  • 07:15 . روسيا تهاجم سفينة مملوكة لشركة إماراتية في البحر الأسود بطائرة مسيرة... المزيد

كنت في الأندلس

الكـاتب : فاطمة الصايغ
تاريخ الخبر: 16-01-2017


لم تكن زيارتي لإسبانيا زيارة سائح عادي فقد كانت دراستي للتاريخ الإسلامي دافعاً أساسياً للتعرف عن قرب على تاريخ وحضارة الأندلس ورؤية كل ما قرأته عن الوجود الإسلامي الذي دام أكثر من 800 عام.

ومما لا شك فيه أن الزائر العربي إلى الأندلس ينتابه مزيج من الذكريات المؤلمة والفخر، الألم بسبب ما آل إليه حال العرب والمسلمين اليوم، والفخر بأن العربي والمسلم الذي سكن هذه البقعة قبل أكثر من ألف عام قد ترك تراثاً حضارياً تفخر به الإنسانية جمعاء.

الصروح الإسلامية في الأندلس لا يمكن مقارنتها بأي عمارة أخرى في تلك البلاد، والإرث الحضاري الذي تركه المسلمون عميق ومتجذر في الثقافة الإسبانية حتى اليوم. فمثلاً، يوجد في اللغة الإسبانية حوالي 4 آلاف كلمة مشتقة من اللغة العربية.

كما ترك العرب المسلمون حضارة متقدمة وراقية للغاية في مجالات التكنولوجيا والفلاحة والعمارة والفنون وغيرها من مجالات الحياة. فقد جلب المسلمون إلى تلك البقاع زراعات عدة كالبرتقال والرمان وغيرها من المحاصيل.

حالما تطأ قدماك الأندلس يأخذك الخيال إلى الماضي بكل عبقه وذكرياته بكل ما توحيه تلك العمارة الإسلامية والتراث الذي خلّفه المسلمون وراءهم. فعظمة البنيان ورقي الإنسان جعلت من الأندلس في تلك الفترة جنة من جنان الأرض.

ولا يمكن مقارنة الجموع التي تأتي في كل يوم لمشاهدة تلك الروائع الإسلامية بأي جموع تأتي إلى إسبانيا لمشاهدة الآثار الأخرى، حيث تحتشد صفوف الزائرين لآلاف الأمتار وقوفاً بالساعات انتظاراً لدخول أحد الصروح الإسلامية كقصر غرناطة أو مسجد قرطبة أو قصر إشبيلية.

معالم رائعة وصروح خيالية أثبتت قدرة العرب المسلمين على الابتكار والاختراع قبل غيرهم من الشعوب، وتركوا وراءهم إرثاً حضارياً رائعاً. كما أن حضارة الأندلس تثبت أن المسلمين قد سبقوا غيرهم في مجالات عدة متقدمة حتى باتت حضارة الأندلس مضرب الأمثال في التقدم والرقي. ولكن ما هي عوامل ضعف المسلمين وانهيار دولتهم وتفرق عددهم في الأندلس؟

عوامل كثيرة أدت إلى ضعف المسلمين بعد قوة وانفراط عقد دولتهم بعد وحدة، فمنذ أن استطاع عبد الرحمن الداخل تأسيس الدولة الإسلامية في الأندلس واتخاذ قرطبة عاصمة والمسلمون مستمرون من نصر إلى نصر حتى وصلوا إلى جبال البرانس في فرنسا، وباتت كل الممالك المسيحية في أوروبا تراقب تحركهم بكل حذر خوفاً من أن تقع هي الأخرى تحت سيطرة المسلمين.

واستمر التقدم الإسلامي حتى باتت كل أوروبا تنظر إلى التقدم الإسلامي على أساس أنه واقع حاصل. هذا النصر أورثهم حقد أوروبا. بالإضافة إلى هذا العامل، فقد كان التناحر بين الممالك الإسلامية في عصر الطوائف عاملاً حاسماً في تفرق عددهم وانهيار دولهم.

لم يترك المسلمون أثراً سياسياً على أوروبا فقط بل تركوا إرثاً حضارياً لا يمكن مقارنته بأي إرث حضاري في العالم أجمع.

فصروح الأندلس دخلت التراث الإنساني كأجمل ما خلدته يد إنسان على وجه البسيطة إلى جانب ما خلده المسلمون في بقاع العالم كتاج محل في الهند وصروح سمرقند وبخارى، وليست الصروح المادية هي فقط ما خلفه المسلمون وراءهم بل الفنون والعمارة وذلك الإرث الفكري الذي خلفه علماء الأندلس مثل الإدريسي وابن رشد وابن العربي وغيرهم الكثير.

ولكن كيف تعاملت الممالك المسيحية مع الإرث العربي الإسلامي بعد سقوط آخر مملكة إسلامية في الأندلس وهي غرناطة؟ بعد سقوط الأندلس على يد الممالك الإسبانية وخروج العرب من إسبانيا تعامل الإسبان مع الإرث العربي بكل قسوة.

فالكثير من الكنوز الأدبية أحرقت وتحولت العديد من المساجد الإسلامية إلى كنائس ومنها مسجد قرطبة الكبير. فالزائر إلى هذا المسجد اليوم يحزنه أن يرى المسجد وقد تم تغير اسمه إلى كاتدرائية والصليب وقد نصب في وسط المسجد المشهور بعمارته الإسلامية وأقواسه التي دخلت التاريخ شاهداً على روعة الحضارة الإسلامية.

دروس عدة يمكن استيعابها من الأندلس ولكن قد يكون أولها أن العربي المسلم قادر على الإبداع والابتكار بشكل استثنائي إذا ما سنحت له الفرصة، وثانيها أن الإسلام لم يركز على العبادات فقط بل أيضاً ركز على عمارة الأرض. إن هذه الدروس هي في حد ذاتها دروس توعية للأجيال المسلمة الجديدة التي تعتقد أن الإسلام هو فقط الأركان الشرعية.