أحدث الأخبار
  • 02:42 . مسؤول إيراني: احتمال اندلاع حرب جديدة مع "إسرائيل" وارد... المزيد
  • 12:44 . تغييرات إدارية وإقالات مبكرة وجدَل تحكيمي يشعل انطلاقة دوري أدنوك للمحترفين... المزيد
  • 12:42 . العفو الدولية: سياسة تجويع ممنهجة في غزة وسط استمرار المجازر... المزيد
  • 11:53 . نائب حاكم الشارقة يبحث مع مسؤولين مصريين التعاون القضائي والأكاديمي... المزيد
  • 11:44 . عبدالله بن زايد يبحث مع نظيره السعودي المستجدات الإقليمية... المزيد
  • 11:41 . الإمارات تستحوذ على 65% من طائرات "بوينغ" المسلّمة للشرق الأوسط في 2025... المزيد
  • 06:44 . الرحلة الأخيرة لزعيمة المعارضة البيلاروسية.. كيف أصبحت الإمارات ممراً للاختطاف السياسي؟... المزيد
  • 12:02 . في جريمة جديدة.. الولايات المتحدة تمنع التأشيرات الإنسانية الطبية على أبناء غزة... المزيد
  • 11:58 . الكويت.. القبض على 67 متهما بصناعة الخمور عقب وفاة 23 شخصاً... المزيد
  • 11:50 . بدء دوام المدرسين والإداريين في الإمارات اليوم.. والطلاب من الأسبوع القادم... المزيد
  • 11:44 . 16 شهيداً بنيران جيش الاحتلال في غزة اليوم... المزيد
  • 11:35 . اليمن.. قصف إسرائيلي يستهدف محطة كهرباء بصنعاء... المزيد
  • 01:28 . سفير الاحتلال لدى أبوظبي يواصل إغضاب المسؤولين الإماراتيين... المزيد
  • 08:10 . تعليقاً على لقاء ترامب وبوتين.. قرقاش: للإمارات دور محوري بين روسيا وأوكرانيا... المزيد
  • 05:55 . البديوي يبحث مع نائب وزير خارجية التشيك التعاون الثنائي ومستجدات المنطقة... المزيد
  • 11:55 . "رويترز": جنوب السودان يناقش مع الاحتلال الإسرائيلي تهجير فلسطينيين إلى أراضيه... المزيد

هل يُصلح الإنساني ما أفسد السياسي؟

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 20-12-2016


ربع مليار ريال جمعت في ليلة واحدة لصالح حلب المحاصرة ومشرديها، في تضافر شعبي ورسمي كانت تلك الحملة عنوانا جديدا للمشاعر الوطنية تمتد يدا من الإخاء إلى الأشقاء الذين يرزحون تحت صواريخ المستبد وداعميه، ولا شك أن حجم ما جمع لا يساوي حجم المأساة التي يعيشها الشعب السوري عموما وشعب حلب بشكل خاص، ولكنه سيساهم في تخفيف العبء وتيسير عمليات النزوح التي تترافق مع موجة برد قاسية، فلا يدري النازح هل يهرب من قطرات المطر أم حبات الثلج أم الصواريخ والرصاص المنهمر؟!
عملية النزوح هذه تم الإعداد لها طويلا بانتظار أن ينتهي الساسة من مساوماتهم، المئات من الجمعيات والآلاف من المتطوعين يقفون على أهبة الاستعداد في ريف حلب وعلى الحدود التركية ليساهموا في رفع المعاناة عن الألوف الذين ينتظرون دورهم للخروج من جحيم حلب المدمرة، هذه الجهود الإنسانية التي تنتشر في سوريا ربما تكون من أكبر التجمعات الإنسانية في التاريخ الحديث تجاوبا مع عظم المأساة وطول أمدها، وبينما تمتلئ نشرات الأخبار بالتطورات السياسية والعسكرية، فإن عملا عظيما يقوم على الأرض لا يسلط عليه الضوء كثيرا فيما يتعلق بالعمل الخيري والإنساني، في المناطق المحررة تعمل مؤسسات المجتمع المدني المختلفة على ملء الفراغ السياسي من خلال المجالس المحلية والخدمات التعليمية والصحية وحتى التنظيم الإداري التطوعي لحياة الناس اليومية، وفي مناطق النزاع يقدم المتطوعون أعظم التضحيات لإخراج المنكوبين من تحت الركام وإسعاف المصابين في الهجمات الوحشية، أما مخيمات اللاجئين فهي مدن صغيرة بل كبيرة أحيانا تقوم الجمعيات الخيرية بإدارتها من الألف إلى الياء، تخيلوا معي كل هذه الأماكن دون وجود هذه الجهود الإنسانية، تخيلوا ملايين النازحين دون إعانة ولا مخيمات يهيمون على وجوههم، ومن أراد أن يعرف خطورة وضع كهذا فعليه بالمناطق المحاصرة التي يمنع عنها المساعدات الإنسانية، في تلك المناطق الحقيقة المؤلمة لعالم الحروب دون عمل إنساني يخفف المعاناة.
اليوم يتعرض العمل الإنساني لانتقادات متكررة داخل سوريا وخارجها، ولا شك أن هناك قصورا في هذا المجال كما هو الحال في المجالات الأخرى، ولكن من يشاهد عظم حجم العمل الموجود على الأرض والحاجة المتزايدة الضخمة يعلم أن العمل الإنساني بحاجة إلى كل أشكال الدعم الممكنة ماديا ومعنويا حتى يستمر في تقديم يد العون لمحتاجيها، والعاملون في المجال الخيري سيحدثونك عن المشاكل التي يواجهونها بشكل يومي من فقدان الأمان وفقد الأمل وقلة ذات اليد والتحديات السياسية التي يصطدمون بها يوميا في إطار عملهم، وأصعب ما في ذلك هو أن يكون كل شيء متوفرا بين يديك من مساعدات غذائية ودوائية وتعجز عن إيصالها لخلافات سياسية بين أطراف النزاع فترى الناس يموتون أمامك لا تفصلك عنهم إلا أمتار معدودة، العمل في هذا المجال يتطلب حقيقة نفسية صامدة، وإلا فمن منا يتحمل أن يرى الموت أمامه كل يوم ويكون هو مسؤولا عن رفع معاناة الملايين بإمكانات محدودة تحت رحمة قوى عالمية.
ما يدمره الخلاف بين الساسة كل يوم من أبنية وما يزهق بسببهم من أرواح لا يتصور أن يكون العاملون في المجال الإغاثي والإنساني قادرون على تعويضه، وتحميلهم هذه المسؤولية ظلم عظيم، ولكننا في الوقت نفسه لا نجد غيرهم لتحميله هذه المسؤولية، ولذلك فعلينا جميعا أن نكون عونا لهم من خلال تقديم ما نستطيع لتمويل جهودهم والتطوع من خلال برامجهم، بالإضافة إلى تيسير عملهم بما نتحصل عليه من صلاحيات وعلاقات وإمكانات فردية ومؤسسية، نحن بحاجة إلى أن نكون جميعا بشكل أو بآخر مساهمين في العمل الإنساني، هذه المساهمة أيا كانت هي خير ولا شك من التذمر الدائم والانتقاد المتكرر لما يقدمه أولئك العاملون في المجال.
ربع المليار التي جمعت مساء الأحد وفوقها ملايين عديدة ستصل قريبا إلى الجمعيات والمؤسسات الخيرية لتستخدمها وقودا لآلة الإغاثة الضخمة على حدود حلب، هذه الملايين ستنفد سريعا أمام احتياجات آلاف النازحين وأمام ظروف الجو القاسية، وأمام الجمعيات مهمة صعبة معقدة لضمان أن تصرف هذه المبالغ بأفضل شكل ممكن، فالمسألة ليست مبالغ تؤخذ بهذه اليد وتعطى بتلك، المسألة تبدأ بعملية تخطيط دقيقة وتوفير مواد أولية ونقلها في الوقت المناسب والتعامل مع المشاكل اللوجستية المعقدة والتفاهم مع الأطراف المختلفة لضمان صمود الجهود الإغاثية أمام التعقيدات الإدارية والخلافات السياسية.
العمل الإنساني هو ما تبقى لهذا العالم من وميض أمل مع تكالب الأزمات وتكاثر المآسي، ودوري ودورك هو أن نعمل بما يتيسر لكل منا من إمكانيات لضمان أن يكون هذا العمل ناجحا وناجعا، دورنا جميعا هو أن نبني ما يهدمونه في عالم السياسة.;