أحدث الأخبار
  • 08:14 . قانون اتحادي بإنشاء هيئة إعلامية جديدة تحل محل ثلاث مؤسسات بينها "مجلس الإمارات للإعلام"... المزيد
  • 12:50 . "قيصر" عن إلغاء العقوبات الأمريكية: سيُحدث تحوّلا ملموسا بوضع سوريا... المزيد
  • 12:49 . الجيش الأمريكي: مقتل أربعة أشخاص في ضربة عسكرية لقارب تهريب... المزيد
  • 12:47 . أمطار ورياح قوية حتى الغد… "الأرصاد" يحذّر من الغبار وتدني الرؤية ويدعو للحذر على الطرق... المزيد
  • 11:53 . "الموارد البشرية" تدعو إلى توخي الحيطة في مواقع العمل بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 11:52 . 31 ديسمبر تاريخ رسمي لاحتساب القبول بـرياض الأطفال والصف الأول... المزيد
  • 11:50 . حزب الإصلاح اليمني: الإمارات لديها تحسّس من “الإسلام السياسي” ولا علاقة لنا بالإخوان... المزيد
  • 11:46 . عبدالله بن زايد وروبيو يبحثان استقرار اليمن.. ما دلالات الاتصال في هذا التوقيت؟... المزيد
  • 11:38 . موقع عبري: أبوظبي تقف وراء أكبر صفقة في تاريخ “إلبيت” الإسرائيلية بقيمة 2.3 مليار دولار... المزيد
  • 06:03 . بين التنظيم القانوني والاعتراض المجتمعي.. جدل في الإمارات حول القمار... المزيد
  • 01:22 . "رويترز": لقاء مرتقب بين قائد الجيش الباكستاني وترامب بشأن غزة... المزيد
  • 01:06 . فوز البروفيسور ماجد شرقي بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة العلوم الطبيعية... المزيد
  • 12:53 . اعتماد تعديل سن القبول برياض الأطفال والصف الأول بدءًا من العام الدراسي المقبل... المزيد
  • 12:05 . ترامب يوسّع حظر السفر إلى أمريكا ليشمل ست دول إضافية بينها فلسطين وسوريا... المزيد
  • 11:59 . السعودية تدشّن تعويم أول سفن مشروع "طويق" القتالية في الولايات المتحدة... المزيد
  • 11:53 . محكمة كويتية تحيل ملف وزير الدفاع الأسبق للخبراء... المزيد

أما ما ينفع الناس.. فيبقى!

الكـاتب : عائشة سلطان
تاريخ الخبر: 18-11-2016

أقرأ رسائل انطونيو غرامشي، تلك الرسائل التي كتبها من سجنه وتحت تعذيب سجانيه، وأتساءل كيف يمكن لمن يعيش تلك الظروف أن يكتب كل هذا الفكر وبكل هذا الحنين والعذوبة ؟

انطونيو غرامشي، مفكر إيطالي انتمى للجهة المناهضة للنظام الفاشي الذي حكم إيطاليا ضمن موجة المد الديكتاتوري التي سادت أوروبا في الثلاثينيات، فأمر موسليني بسجنه عشرين عاماً، نُشر مؤخراً الجزء الأول من مذكراته التي كتبها فترة سجنه التي دامت 11 عاماً، وانتهت به إلى مصحة علاج خاصة، مات فيها بسبب نزيف في المخ جراء التعذيب، هذا المفكر الذي لم يعش طويلاً (1891-1937)، ترك للعالم مشروعاً فكرياً كبيراً وضعه في 3000 صفحة دونها بخط يده عرفت بكراسات السجن، تنقلت معه من سجن إلى سجن.

كراسات غرامشي إلى أمه وأصدقائه وأسرته، بقيت شاهدة على عصر لا يمكن محوها، لقد قاوم السجن بذكرياته وبذاكرته وحدها، ما ذكرني بكاتب الأوروغواي الشهير أدواردو غاليانو الذي كتب «الحكواتية يبحثون في الآثار عن الذاكرة المفقودة، عن الحب والألم، وهي آثار لا ترى، لكنها لا تمحى».

إن العالم بحاجة ماسة لمفكرين يضيئون له الطريق نحو القيم الإنسانية الراسخة، لقد انتقد غرامشي الهيمنة الرأسمالية كما هاجم ستالين، لكن رسائله إلى أمه وأسرته تذكرنا بكل المستنيرين الذين يرون الخطر فينبهون له قبل غيرهم، أولئك الذين يطلقون صرخة زرقاء اليمامة.

لم يتوافر لغرامشي في زنزانته أي نوع من الرفاهية والراحة والوثائق ليكتب مشروعاً فكرياً موثقاً متماسكاً كما يجب، ومع ذلك فقد اعتمد على ذاكرته وحدها، في ترميم أفكاره، وظل يكتب بلا توقف فأنجز ثلاثة آلاف صفحة بخط يده، تناول فيها موضوع الإصلاح ودور المثقفين وأفكار ميكيافيللي والأدب والمجتمع، كما تحدث عن عصر النهضة ودانتي والمجتمع المدني، كان يكتب ليقاوم الموت، وكان يكتب ليتواصل مع أمه وأصدقائه ليشعر بأنهم معه دائماً، وكان يكتب لأنه يؤمن بأن هذه هي وظيفته كمثقف في الحياة: التنوير.

في تاريخنا الإسلامي عانى الإمام ابن حنبل محنة السجن ومن سجنه كتب أيضاً. وكان يقول أتاح لي السجن أن أكتب ما لم أكتبه خارجه، هؤلاء الذين يحولون المحن إلى فرص عظيمة، مصرين على القيام بما يتوجب عليهم.

تعيش الأمة العربية اليوم محنة وجود كبرى وتحتاج إلى كل المستنيرين وأصحاب الهمم لأن يروجوا ويدعوا لعقيدة التسامح، فبالتسامح فقط يمكننا عبور هذا النفق المظلم، وبالبصيرة فقط يمكننا استدراك حجم الخطر المتربص بنا.