أحدث الأخبار
  • 06:03 . بين التنظيم القانوني والاعتراض المجتمعي.. جدل في الإمارات حول القمار... المزيد
  • 01:22 . "رويترز": لقاء مرتقب بين قائد الجيش الباكستاني وترامب بشأن غزة... المزيد
  • 01:06 . فوز البروفيسور ماجد شرقي بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة العلوم الطبيعية... المزيد
  • 12:53 . اعتماد تعديل سن القبول برياض الأطفال والصف الأول بدءًا من العام الدراسي المقبل... المزيد
  • 12:05 . ترامب يوسّع حظر السفر إلى أمريكا ليشمل ست دول إضافية بينها فلسطين وسوريا... المزيد
  • 11:59 . السعودية تدشّن تعويم أول سفن مشروع "طويق" القتالية في الولايات المتحدة... المزيد
  • 11:53 . محكمة كويتية تحيل ملف وزير الدفاع الأسبق للخبراء... المزيد
  • 12:45 . ميدل إيست آي: هل يمكن كبح "إسرائيل" والإمارات عن تأجيج الفوضى في المنطقة عام 2026؟... المزيد
  • 12:40 . أمطار غزيرة تغرق مستشفى الشفاء وآلافا من خيام النازحين في غزة... المزيد
  • 11:59 . طهران ترفض مطالب الإمارات بشأن الجزر المحتلة وتؤكد أنها تحت سيادتها... المزيد
  • 11:30 . ترامب: 59 دولة ترغب بالانضمام لقوة الاستقرار في غزة... المزيد
  • 11:29 . الإمارات تدين الهجوم على مقر للقوات الأممية بالسودان... المزيد
  • 01:04 . مرسوم أميري بإنشاء جامعة الفنون في الشارقة... المزيد
  • 12:14 . "الأبيض" يسقط أمام المغرب ويواجه السعودية على برونزية كأس العرب... المزيد
  • 09:21 . غرق مئات من خيام النازحين وسط تجدد الأمطار الغزيرة على غزة... المزيد
  • 07:15 . روسيا تهاجم سفينة مملوكة لشركة إماراتية في البحر الأسود بطائرة مسيرة... المزيد

الإنسان الحقيقي

الكـاتب : عائشة سلطان
تاريخ الخبر: 30-11--0001

عائشة سلطان
توقفت كثيرا عند هذا التعبير «الإنسان الحقيقي» وحين شرحه صاحبه قال: أقصد الإنسان الذي لا يخلو من الأفكار الساطعة التي تميزه عن غيره، الذي يمتلك قناعاته ورؤاه الخاصة، ذلك الذي يمكنه التعبير عن نفسه بثقة وقوة واقتحام، لأنه مؤمن بنفسه ولأنه تعب كثيراً ليكون ما هو عليه. 

في الحقيقة لقد راق لي هذا الوصف، وتمنيت أن أحظى دائماً بفرصة الجلوس والحديث مع هذا النوع من الناس، لكن الواقع يفاجئك حين تجلس مع كثيرين فتتحول الأحاديث الى عملية اجترار تشبه الى حد كبير عملية إعادة إنتاج الورق المستعمل لآلاف المرات، الأصعب حين تتوقع أحاديث ونقاشات مختلفة فتجد الناس يقولون كل شيء الا ما يتوجب أن يقولوه أو يعبروا عنه ببساطة !

عادة ما تفقد المجتمعات طبيعتها الإنسانية كلما أوغلت في المدنية والتطور والإعجاب بالحداثة والتقنية، ففي نهاية الأمر تظل التقنية وسيلة لا أكثر، أما حين نضعها محل الإنسان فلن نتوقع الكثير من الإنسانية حتماً، سيتحول الإنسان تدريجياً الى كائن يتحدث بأصابعه ، لا يفكر كثيراً أو بمعنى أدق لا يستخدم عقله في معظم الوقت، لا يتحدث ولا يتفقد جهة صدره اليسرى، ليتأكد إن كان ثمة دوي في صدره أم لا، هل افتقد شقيقه الذي لم يره منذ شهور، هل اطمأن على والدته، هل يعلم إن كانت جدته على قيد الحياة بعد أم غادرت ؟ هل لا زال جاره العجوز يقطع الطريق إلى المسجد كعادته خمس مرات في اليوم أم أقعده المرض والعمر ؟؟ الذي يتماهى مع الآلة يتحول أغلب الظن الى أكثر من آلة، لأن الآلة صنعت آلة لا تزيد ولا تنقص أما الإنسان فيبذل جهداً مضاعفاً ليتفوق عليها !

الإنسان الحقيقي تصنعه الظروف الحقيقية، الحياة الحقيقية، الناس والأصدقاء والآباء والأمهات والتفاصيل الحقيقية، يولد في بيت عادي، يكبر، يواجه الظروف، يعاني، يقرأ، يتحدى، يجتهد ليصنع غده ومستقبله، يملأ نفسه بالتصميم والإرادة، يزود شخصيته بالكثير من الأدوات التي تعينه على اجتياز دروب الحياة الصعبة، في نهاية الأمر لا يوللد كعجين الكيك الرخو ولا يتقولب في أوان من الكريستال، الإنسان الحقيقي هو الذي يؤسس كيانه من كل ما يحيط به، هذا لا يعني أن يكون من جنس الملائكة ولا يعني أن يكون مثاليا فاضلاً بالمطلق، لكنه بالتأكيد لا يكون مضطراً ليكون شخصاً آخر، وللأسف فكثيرون ممن نلتقيهم يحاولون بل يجتهدون بقوة كي لا يكونوا هم، يلبسون أقنعة ليخفوا حقيقتهم، ليزيفوا طرقاتهم وأهدافهم ، ليرسموا ابتسامات وضحكات وكلاما لا يعنونه لكن الظروف تتطلب أن يقولوه، ويظلون طيلة النهار يرسمون خيالاً وشكل شخص لا يمت لهم بصلة حتى ينسوا في النهاية من هم وماذا يريدون بالضبط !

الإنسان الحقيقي يبدو واضحاً للجميع، لا لبس ولا ضبابية في حدوده وملامحه وشكله، خريطة مخه واضحة، تضاريس قلبه واضحة، ولشدة وضوحه يصفه ميلان كونديرا بالكائن الذي لا تحتمل خفته، وأول من لا يطيقه ولا يحتمله أولئك المزيفون، كثيرو الادعاء من لابسي الأقنعة، الإنسان الحقيقي يسير وحيداً معظم الوقت لكنه لا يشعر بوحشة الطريق أبداً، ربما لأنه يمشي في طريق آمن رغم وعورته، ولقد اتضح اليوم أكثر من أي وقت مضى أن الأمان هو المطلب الأكثر إلحاحاً وضرورة وأن معظم الناس مستعدة لتقايض الدنيا بقليل من الأمان.