أحدث الأخبار
  • 01:22 . "رويترز": لقاء مرتقب بين قائد الجيش الباكستاني وترامب بشأن غزة... المزيد
  • 01:06 . فوز البروفيسور ماجد شرقي بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة العلوم الطبيعية... المزيد
  • 12:53 . اعتماد تعديل سن القبول برياض الأطفال والصف الأول بدءًا من العام الدراسي المقبل... المزيد
  • 12:52 . بين التنظيم القانوني والاعتراض المجتمعي.. جدل في الإمارات حول القمار... المزيد
  • 12:05 . ترامب يوسّع حظر السفر إلى أمريكا ليشمل ست دول إضافية بينها فلسطين وسوريا... المزيد
  • 11:59 . السعودية تدشّن تعويم أول سفن مشروع "طويق" القتالية في الولايات المتحدة... المزيد
  • 11:53 . محكمة كويتية تحيل ملف وزير الدفاع الأسبق للخبراء... المزيد
  • 12:45 . ميدل إيست آي: هل يمكن كبح "إسرائيل" والإمارات عن تأجيج الفوضى في المنطقة عام 2026؟... المزيد
  • 12:40 . أمطار غزيرة تغرق مستشفى الشفاء وآلافا من خيام النازحين في غزة... المزيد
  • 11:59 . طهران ترفض مطالب الإمارات بشأن الجزر المحتلة وتؤكد أنها تحت سيادتها... المزيد
  • 11:30 . ترامب: 59 دولة ترغب بالانضمام لقوة الاستقرار في غزة... المزيد
  • 11:29 . الإمارات تدين الهجوم على مقر للقوات الأممية بالسودان... المزيد
  • 01:04 . مرسوم أميري بإنشاء جامعة الفنون في الشارقة... المزيد
  • 12:14 . "الأبيض" يسقط أمام المغرب ويواجه السعودية على برونزية كأس العرب... المزيد
  • 09:21 . غرق مئات من خيام النازحين وسط تجدد الأمطار الغزيرة على غزة... المزيد
  • 07:15 . روسيا تهاجم سفينة مملوكة لشركة إماراتية في البحر الأسود بطائرة مسيرة... المزيد

إبهامُ «زوربا»

الكـاتب : ياسر حارب
تاريخ الخبر: 30-11--0001

ياسر حارب

يقول زوربا اليوناني: «عديدة هي أفراح هذا العالم؛ النساء والفواكه والأفكار». وإذا فكرتَ فيما يجلب لك السعادة وتمعنتَ حولك قليلاً، فستجد بأن أفكارك فقط كافية لجلب كل شيء جميل. ولا أتحدث هنا عن قانون الجذب، بل عن قدرتك على بناء عوالمك الخاصة، وتصوير حياة جميلة بعدسة أفكارك.

هل دخلتَ المستشفى مرة وبينما أنت مكتئب من رائحة الدواء وتأوهات المرضى وسذاجة الطعام، راودتك فكرة أنك ستخرج من ذلك المكان يوما ما وتمشي على الشاطئ، وتذهب إلى السينما، وترتاد المطارات، وتحلق في السماء، وتلتقط صورا أمام برج إيفل، أو على العتبات الإسبانية في روما؟

إن التفكير المجرد والبسيط في أمور كهذه كفيل بتحويل غرفة المستشفى المليئة بمصابيح النيون البيضاء، التي تسكب التعاسة والقلق على ساكنيها، إلى مكان مقبول، وربما جميل لبعض الوقت، كمحطة القطار التي، رغم امتلائها برائحة المحروقات والزيوت، إلا أننا نحبها كثيراً.

أتعلمون لماذا؟ لأنها بوابة تُفضي بنا إلى عالم الترحال الروائي. فمهما تنوعت أساليب السفر، يبقى القطار أكثرها عذوبة ورومانسية.

إلا أن الفكرة الأكثر جلباً للسعادة هي الحُب؛ لأنه المعجزة الوحيدة الباقية في الأرض. سألني أحدهم مرة كيف يمكن للحب أن يكون معجزة؟ فقلتُ له لأنه يدفعنا للتغلب على المستحيل. الحب يزرع فينا الشجاعة، ويُظللنا بالأمل والحماسة، ويساعدنا لنجد الأشياء المفقودة في حياتنا.

إنه ما يجعلنا نتبرع بإحدى كليتينا إلى من نُحب، ونعمل في وظيفتين لِنُعيل من نُحِب، ونسهر طوال الليل إذا مرض من نُحب. الحب يعيد القيم الكُبرى إلى حياتنا، كالعدالة، والرحمة، والتسامح، والتضحية، والصبر، والوفاء وغيرها. فكرة الحُب وحدها، ناهيك عن فعله، يجعلنا نقوى على ظلمة السجون عشرات السنين، ثم عندما نخرج نبتسم ونصفح ونتجاوز.

عندما نُحب فإن كل شيء نفعله يصبح جميلا؛ لأنه حينها يكون ذا معنى. فلا شيء أعذب من أن تعمل حتى ساعة متأخرة ثم تغادر عملك وأنت تعلم بأن من تُحب ينتظرك الآن. إن انتظار من نُحب عملٌ لا نمل منه، كالدعاء والسفر. وعندما تعلم بأن هناك من يفكر فيك الآن فإنك لا تكون وحيداً.

إن قدرتنا على التفكير والتخيل لا تضاهيها قوة أخرى في الكون؛ فالأفكار تصنع حقيقتنا.. إنها العالم الذي نبنيه دون تدخل من أحد، تماماً مثلما يفعل مهندسو الألعاب الإلكترونية، أو مثلما يفعل الأطفال عندما يلعبون لعبة (ليجو)، فتَراهم لا يكترثون بالتعليمات المرفقة مع صندوق اللعبة، لأنهم يثقون بأفكارهم، ولأنها تُرشدهم إلى فعل ما يُحبون.

إن العشاق كالأطفال؛ يستطيعون السفر عبر الزمن، يمتطون أفكارهم، ويشقّون طُرقاتهم على سكة شغفهم. الأطفال والعشاق يرون الأرواح لا الأبدان، يلمسون القلوب ويسمعون هتافاتها؛ لذلك لا يملّون.

إن من يملكون أفكارهم يثقون بها، ومن يفعل ذلك يعيش كيفما يشاء. كزوربا اليوناني الذي قطع إبهامه لأنه كان يُعيقه عن صناعة الفخار، ويُفسد ما كان يُحاول صُنعه كلما أدار الدولاب وتكوّم الطين عليه.

لقد أدرك زوربا أن صناعة ما يُحب أهم عنده من إبهامه؛ فبَتَرَهُ ليجد الحُرية، وتلك مُعجزة أخرى مثل الحب. الحياة تشبه دولاب زوربا، والحب هو الطين الجميل المُكدس عليها، وكثير من أفكارنا تُشبه إبهامه.

إن الحرية قادرة على إطلاق كل شيء جميل فينا، إنها أشبه بفتح قفص مليء بالطيور الملونة وإطلاقها، في تلك اللحظة فقط يتبسم قوس المطر؛ لأنه يدرك حينها أن في الكون ما هو أجمل منه حتى يستمتع هو أيضاً برؤية الأشياء الجميلة.

إن من يقع في الحُب يرتفع بالحُرية؛ لأنه حينها يتخلص من حُب الأشياء إلى حب الأرواح، من عِشق ما يبلى إلى ما يبقى. في تلك اللحظة فقط تصير الفكرة نقية، وتصبح الأبدان شفافة كالبلور، نرى من خلالها الحنان والشغف، مثلما نرى الأسماك في حوض جميل. أن نُحب من نشاء، أن نُفكّر بحرية، أن نكون مَن نُريد، تلك حاضِناتُ السعادة.

 يقول زوربا: «هذه هي الحرية؛ أن تهوى شيئا ما، وتجمع قطع الذهب، وفجأة، تتغلب على رغبتك وترمي كنزك في الهواء.. أن تتحرر من هواك لتخضع لهوى آخر أكثر نُبْلا منه». لو قُدِّر لي الآن أن أختار فكرتي لكانت قضاء بقية عمري في عيني مَن أُحب؛ فتلك هي السعادة الحقيقية.