أحدث الأخبار
  • 06:03 . بين التنظيم القانوني والاعتراض المجتمعي.. جدل في الإمارات حول القمار... المزيد
  • 01:22 . "رويترز": لقاء مرتقب بين قائد الجيش الباكستاني وترامب بشأن غزة... المزيد
  • 01:06 . فوز البروفيسور ماجد شرقي بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة العلوم الطبيعية... المزيد
  • 12:53 . اعتماد تعديل سن القبول برياض الأطفال والصف الأول بدءًا من العام الدراسي المقبل... المزيد
  • 12:05 . ترامب يوسّع حظر السفر إلى أمريكا ليشمل ست دول إضافية بينها فلسطين وسوريا... المزيد
  • 11:59 . السعودية تدشّن تعويم أول سفن مشروع "طويق" القتالية في الولايات المتحدة... المزيد
  • 11:53 . محكمة كويتية تحيل ملف وزير الدفاع الأسبق للخبراء... المزيد
  • 12:45 . ميدل إيست آي: هل يمكن كبح "إسرائيل" والإمارات عن تأجيج الفوضى في المنطقة عام 2026؟... المزيد
  • 12:40 . أمطار غزيرة تغرق مستشفى الشفاء وآلافا من خيام النازحين في غزة... المزيد
  • 11:59 . طهران ترفض مطالب الإمارات بشأن الجزر المحتلة وتؤكد أنها تحت سيادتها... المزيد
  • 11:30 . ترامب: 59 دولة ترغب بالانضمام لقوة الاستقرار في غزة... المزيد
  • 11:29 . الإمارات تدين الهجوم على مقر للقوات الأممية بالسودان... المزيد
  • 01:04 . مرسوم أميري بإنشاء جامعة الفنون في الشارقة... المزيد
  • 12:14 . "الأبيض" يسقط أمام المغرب ويواجه السعودية على برونزية كأس العرب... المزيد
  • 09:21 . غرق مئات من خيام النازحين وسط تجدد الأمطار الغزيرة على غزة... المزيد
  • 07:15 . روسيا تهاجم سفينة مملوكة لشركة إماراتية في البحر الأسود بطائرة مسيرة... المزيد

من الهلع إلى تفعيل الإرادة

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 19-05-2016


كعادتنا، في كل أرض العرب، نضيع الفرص التاريخية، ولا نستيقظ إلا بعد أن تلفح وجوهنا نيران الأزمة.
هذا ما حدث بالضبط لمسيرة حقبة النفط والغاز في بعض دولنا العربية، فعبر سبعة عقود تجمّعت ثروات مالية هائلة لدى الكثيرين ، صرف جزء منها بشكل صحيح في بناء بنية تحتية جيدة حديثة، وفي إقامة دولة الرعاية الاجتماعية المعقولة. لكن جزءاً كبيراً أهدر بدلاً من استعماله لبناء اقتصاد إنتاجي ومعرفي يؤدّي إلى وجود تنمية إنسانية شاملة ومستمرة، وينقل مجتمعات هذه الدول إلى صحوة وجهد وإبداع إنتاج الثروة.

لقد ظلّ الكتّاب يكتبون والنّاصحون يتحدثون، عن أن تلك الثروة هي ثروة ناضبة وبالتالي مؤقتة، وأنّ الحكمة تملي أن يستعمل جزء كبير من تلك الثروة لبناء المستقبل ولسدّ حاجات الأجيال القادمة.

لكن تلك الكتابات والأصوات لم تلق ما يكفي من اهتمام، ووجِهنا مؤخراً بهبوط حاد في أسعار البترول، وبمنافسة خطرة من قبل البترول الصخري المتواجد في أماكن كثيرة عبر العالم كله، وبإمكانات مؤكدة لانتقال العالم إلى مصادر طاقات أخرى غير بترولية.
ومؤخرا بدأ الحديث الجاد في بعض الدول عن ضرورة عدم الاعتماد الكلي على الثروة الريعية البترولية، وعن ضرورة تنويع الاقتصاد والانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الإنتاجي والخدمي والمعرفي الحديث.

حسناً، لنفترض أن الإرادة موجودة لنقل مجتمعاتنا إلى حالة العمل والعرق والإبداع والتجديد، ولنذّكر مسؤولينا بمتطلبات ذلك الانتقال إذا كنا نريده أكثر من حلم صيف وأضغاث أحلام.

أولاً: إن عصب ذلك الانتقال يكمن في وجود قوى عاملة وطنية مؤهَّلة ومدرّبة بمستويات عالية.
إن ذلك يعني ضرورة وجود نظام تعليمي كفؤ يعتمد مرجعية فلسفية تربوية تفرد مساحة كبيرة للتعلّم الإبداعي غير التلقيني، الذي بدوره يقود إلى عقلانية صارمة تقوم على العلم ومنهجيته، إلى شخصية مستقلة متوازنة ملتزمة، إلى انتهاج التعلّم الذاتي المستمر طوال الحياة، إلى سلوكات الجهد والعمل المتقن والمحافظة على الوقت، إلى الرفض الحقيقي للولاءات وللعادات التراثية السلبية التي ما عادت صالحة لهذا العصر.
ثانياً: إن الانتقال إلى اقتصاد كهذا يحتاج إلى فكر اقتصادي جديد يتجنب الجوانب السلبية في الفكر الرأسمالي العولمي النيو - ليبرالي، وعلى الأخص دعوته للتحرير شبه الكامل للأسواق الوطنية المالية والخدمية والسلعية من أية قيود أو ضوابط، ودعوته لتقليص الدّعم للمواطنين من ذوي الدخل المحدود.
لكن أخطر دعواته هي التي تعتبر أن أية سياسة حمائية وداعمة من قبل الدولة للمشاريع الاقتصادية الوطنية، حتى في بداياتها وحتى إلى حين وقوفها على رجليها، تعتبرها غير مقبولة. وهي دعوة تنسى أن كل الدول الرأسمالية القوية قد مارست سياسات حمائية وداعمه لكل صناعاتها، عبر عقود طويلة من الزمن، إلى أن وقفت على رجليها وأصبحت قادرة على المنافسة العالمية.

هذا الفكر الاقتصادي يحتاج أن يتعلم الكثير من تجارب الدول الآسيوية التي استطاعت أن تنتقل خلال سنوات محدودة من دول زراعية باقتصادات متخلفة إلى دول صناعية إنتاجية ومعرفية تنافس بكفاءة ونجاحات مذهلة.

وأخيراً فإن العدالة الاجتماعية يجب أن تكون في قلب ذلك الاقتصاد وأحد أهدافه.

ثالثاً: لا يكفي أن يحدث إصلاح في التعلم، وأن يوجد الخرّيج المتميّز، إذ هناك حاجة لسياسة وطنية تعطيه الأفضلية في التوظيف وفي إعادة التدريب وفي الصّعود المتواصل في سلّم الترقيات وفي الأجر العادل المعقول. إن ذلك سيعني وضع ضوابط للاستعانة بالقوى العاملة الخارجية تخضع للمتطلبات الوطنية والقومية العروبية ولا تخضع فقط لمقاييس الرّبح لأصحاب رؤوس الأموال. إن اقتصاداً يكون على حساب الهوية هو اقتصاد يحفر قبر مجتمعاته ليدفنها، إن عاجلاً أو آجلاً.
رابعاً: إن الانتقال إلى ذلك الاقتصاد، سيحتاج إلى رافد يسير بموازاته يتمثل في وجود مراكز بحثية تطويرية تحسينية، سواء في داخل الجامعات أو خارجها. إن البخل تجاه البحوث العلمية والتكنولوجية هو في الحقيقة بخل تجاه نمو واستمرار الاقتصاد.
خامساً: إن كل ما سبق ذكره لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال حكم رشيد كفؤ خاضع للمراقبة والمحاسبة وغير موبوء بالفساد والمحسوبية والزبونية والولاءات الفرعية غير الوطنية. إن وجود مساحة بين سلطة المال وسلطة السياسة هو أحد المفاتيح الأساسية لتحقيق المتطلبات التي ذكرنا.
سادساً: إن التنمية الإنسانية المستدامة، التي سيكون ذلك الاقتصاد أحد دعائمها الرئيسية، هي مترابطة ومتفاعلة في علاقة تبادلية تساندية مع مكونات المشروع النهضوي العربي من مثل الوحدة العربية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني والقومي والتجديد الحضاري الدائم.
إننا أمام قضية وطنية تحتاج أن يحمل مسؤوليتها الجميع، هذا إن كنا حقاً نريد ألا نلعب في الوقت الضائع من خلال تحسين مظهري في هذه الإحصائية أو تلك.