أحدث الأخبار
  • 09:23 . وزير خارجية عُمان: مباحثات واشنطن وطهران في روما تحرز "بعض التقدم"... المزيد
  • 08:01 . قرقاش عقب العقوبات الأمريكية: لا حل في السودان إلا بوقف الحرب وتشكيل حكومة مدنية... المزيد
  • 06:45 . فرنسا تستضيف وزراء خارجية السعودية والأردن ومصر تحضيرا لمؤتمر حول حل الدولتين... المزيد
  • 06:36 . جيش الاحتلال يعلن اعتراض ثلاثة صواريخ قادمة من اليمن خلال 24 ساعة... المزيد
  • 06:35 . "المعاشات" تحدد الثلاثاء موعداً لصرف معاشات مايو بزيادة في عدد المستفيدين والقيمة الإجمالية... المزيد
  • 11:28 . واشنطن تفرض عقوبات على السودان بتهمة استخدام أسلحة كيميائية والخرطوم تتهمها بالابتزاز... المزيد
  • 11:08 . رئيس الوزراء الباكستاني: السعودية مكان محايد لاستضافة حوار مباشر مع الهند لحل القضايا العالقة... المزيد
  • 11:07 . "سرايا القدس" تعلن سقوط قتلى وجرحى بكمين لجنود الاحتلال شمالي قطاع غزة... المزيد
  • 11:06 . أبوظبي تدين مقتل موظفين في سفارة الاحتلال بواشنطن وتعرب عن تضامنها مع الشعب الصهيوني... المزيد
  • 11:04 . "التربية": 10 يونيو بدء امتحانات نهاية العام في المدارس الحكومية والخاصة... المزيد
  • 10:10 . الكويت تُسقط الجنسية عن 1292 شخصًا لأسباب قانونية مختلفة... المزيد
  • 09:21 . الإمارات تُدين بشدة إطلاق الاحتلال النار على الدبلوماسيين في جنين... المزيد
  • 07:20 . وسط الأزمة مع الجزائر.. أبوظبي تتوسع في المغرب بصفقة تتجاوز 14 مليار دولار... المزيد
  • 07:09 . إيران: علاقتنا مع السعودية في "وضع ممتاز" وتعاون اقتصادي يلوح في الأفق... المزيد
  • 11:20 . البنتاغون يقبل رسميا الطائرة الفاخرة التي أهدتها قطر للرئيس ترامب... المزيد
  • 11:10 . عبدالله بن زايد يبحث مع نظيره الأذربيجاني تعزيز فرص التعاون... المزيد

الروس في سوريا ليسوا كالسوفيات في أفغانستان

الكـاتب : فيصل القاسم
تاريخ الخبر: 27-09-2015


من السذاجة الاعتقاد أن روسيا ستواجه في سوريا المصير نفسه الذي واجهته في أفغانستان في القرن الماضي.
فالظروف تغيرت، والتحالفات تبدلت، والحرب الباردة انتهت، ناهيك عن أن روسيا نفسها لم تعد ذاك الاتحاد السوفيتي.
وبالتالي فإن كل من يراهن على غرق الروس في المستنقع السوري، كما غرقوا من قبل في المستنقع الأفغاني، فإنهم كمن يقارن البطيخ بالبطاطا.
لا يكفي أن تتشابه بعض الأحرف في الكلمتين كي تكونا متشابهتين، وهكذا الأمر بالنسبة للتدخل الروسي في أفغانستان سابقاً وسوريا حالياً.
صحيح أن السوفيات غزوا أفغانستان للحفاظ على نظام حكم موال لهم، وهم الآن يتدفقون على سوريا لحماية نظام مشابه تماماً، لكن يكفي أن نعلم أن موقع سوريا الجيوسياسي يختلف تماماً عن موقع أفغانستان كي نستنتج فوراً أن نتائج التدخل الروسي لن تكون مشابهة أبداً لنتائج التدخل السوفيتي في أفغانستان. لكن قبل أن نلج في الجانب الجيوسياسي، يجب أن نعلم أن الذي أغرق الاتحاد السوفيتي في الرمال الأفغانية هو التحالف الغربي بقيادة أمريكا بالدرجة الأولى. أما من كانوا يسموّن بالمجاهدين الذين تدفقوا على أفغانستان من كل أنحاء العالم فلم يكونوا سوى أدوات لتنفيذ مهمة أمريكية أولاً وأخيراً، وتلك الأدوات تخلص منها الأمريكان وحلفاؤهم بعد أن أنجزت المهمة، وتحول "المجاهدون" بين ليلة وضحاها إلى إرهابيين. وقد شاهدنا كيف وضعتهم أمريكا على قوائم الإرهاب، ولاحقتهم في أقاصي الدنيا، وكيف شحنتهم إلى معسكر جوانتانامو، وقبل ذلك طبعاً قامت واشنطن وحلفاؤها العرب بضرب المجاهدين بعضهم ببعض بعد أن طردوا السوفيات، حتى راحوا ينهشون لحوم بعضهم البعض، فذهبت ريحهم وتشتتوا وتمزقوا.
هل يمكن أن تعيد أمريكا استخدام "المجاهدين" بنفس الطريقة التي استخدمتهم بها في أفغانستان في سوريا؟ بالطبع لا. وبذلك، يجب ألا يحلم أحد بتمريغ أنوف الروس بالتراب في سوريا كما مرّغ "المجاهدون" أنوفهم في أفغانستان، لأن أمريكا لم تعد في حرب باردة وساخنة مع الروس، كما كان الوضع أيام أفغانستان. فقد كان الأمريكان يفعلون المستحيل لإسقاط الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت، ولم يتركوا فخاً إلا ونصبوه للسوفيات كي يقعوا فيه. وتذكر الوثائق أن مستشار الأمن القومي الأمريكي وقتها بريجنسكي قد اتصل بالرئيس الأمريكي جيمي كارتر بعد دخول الدبابات السوفيتية إلى كابول ليقول له حرفياً: "مبروك، الآن بدأت فيتنام الاتحاد السوفيتي". وقد حشد الأمريكان وحلفاؤهم الأوروبيون والعرب كل ما استطاعوا من قوة لتحطيم القوة السوفيتية في أفغانستان. وكلنا شاهد كبار الدعاة الإسلاميين وهم يجوبون الولايات الأمريكية في ذلك الوقت لجمع التبرعات لطرد السوفيات من أفغانستان. لكن الدعاة أنفسهم أصبحوا فيما بعد إرهابيين كباراً في أعين الأمريكان بعد أن دعموهم من قبل بالغالي والنفيس لإخراج السوفيات من أفغانستان. وقد وصل الدعم الأمريكي والعربي للمجاهدين إلى حوالي أربعين مليار دولار في ذلك الوقت، وهو مبلغ فلكي بمقاييس اليوم.
ومن ينسى صواريخ "ستنجر" الأمريكية بأيدي المجاهدين، وكيف شلّت الطيران السوفيتي في ذلك الوقت.
لقد أغدق الأمريكان على المجاهدين كل أنواع السلاح لمواجهة السوفيات، وكان الإعلام الغربي والدولي والعربي آنذاك يسمي المجاهدين "مقاتلون من أجل الحرية"، بينما هم الآن في نظر أمريكا قبل روسيا مجرد دواعش إرهابيين.
وبينما استخدم الأمريكان المجاهدين وقتها ضد السوفيات، يتحالف الآن الأمريكان والروس ضد "المجاهدين" (بين قوسين) في سوريا وعموم المنطقة. قد يرى البعض أن الأمريكيين يريدون للروس أن يتورطوا في الوحل السوري من دون أن يتصدى لهم الأمريكان بنفس الطريقة الأفغانية، لكن النتائج لن تكون كالنتائج الأفغانية الناجعة دون دعم أمريكي واضح. فمن دون الدعم الأمريكي والعربي السخي للمقاتلين في سوريا، فلن يبلوا بلاء حسناً ضد الروس. وعلينا أن نتذكر أن أمريكا منعت سلاح الطيران عن الجيش الحر في سوريا، فما بالك أن تعطيه الآن لداعش ومثيلاتها كي تتصدى به للطيران الروسي الذي بدأ يجوب أجواء سوريا. مستحيل، لا، بل إن البعض يرى أن الأمريكيين سيكونون ممتنين للروس لو دخلوا بقواتهم البرية ضد داعش في سوريا والمنطقة، لأن أمريكا ليست مستعدة للزج بجندي واحد على الأرض بعد أن ذاقت الويلات في العراق وأفغانستان من قبل.
ولا ننسى العامل الإسرائيلي في سوريا، فالروس يتدخلون في سوريا بمباركة إسرائيلية أيضاً، وقد شاهدنا كيف طار نتنياهو فوراً إلى موسكو للتنسيق مع الروس في سوريا.
جدير بالذكر هنا أن أمن إسرائيل أولوية روسية قبل أن يكون أولوية أمريكية، وبالتالي، فإن روسيا في سوريا صمام أمان لإسرائيل. بعبارة أخرى فإن الروس والأمريكان يتسابقان على حماية أمن إسرائيل جارة سوريا.
وفي أحسن الأحوال بالنسبة للحالمين بتمريغ أنف الروس في سوريا، يمكن أن يستغل الأمريكان التدخل الروسي كأداة جديدة لتنفيذ مشروع "الفوضى الخلاقة" (الهلاكة) الأمريكي الذي يقوده الرئيس السوري بشار الأسد في المنطقة حليف الروس، خاصة أن المشروع يجري على قدم وساق، بينما يفرك الأمريكيون أيديهم فرحاً من بعيد.