11:18 . إيران: مقتل عنصر أمني في اشتباك مع مسلحين جنوب شرقي البلاد... المزيد |
11:18 . قمة ترامب وبوتين في ألاسكا تنتهي دون التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا... المزيد |
11:16 . باكستان.. مقتل أكثر من 200 شخصًا جراء فيضانات وسيول مفاجئة... المزيد |
11:15 . إصابة شخصين في إطلاق نار قرب مسجد بالسويد... المزيد |
08:42 . مرتزقة كولومبيون في حرب السودان.. خيوط تمويل إماراتية تثير عاصفة سياسية وقانونية دولية... المزيد |
07:46 . "التربية" تعلن التقويم الأكاديمي للمدارس الحكومية والخاصة 2025 – 2026... المزيد |
07:44 . شرطة أبوظبي تحذر من استغلال شبكات التواصل الاجتماعي لترويج المخدرات... المزيد |
12:58 . واشنطن توافق على صفقة "صواريخ" مع البحرين بقيمة 500 مليون دولار... المزيد |
12:58 . الكويت تدعو لاجتماعين عربي وإسلامي لبحث تطورات الأوضاع في غزة... المزيد |
12:58 . رئيس الدولة وولي العهد السعودي يبحثان تطورات المنطقة في ظل تباينات إقليمية... المزيد |
12:57 . ترامب يتوقع اتفاقاً بين روسيا وأوكرانيا بعد لقائه المرتقب مع بوتين... المزيد |
12:49 . الإمارات تدين بشدة تصريحات نتنياهو حول "إسرائيل الكبرى"... المزيد |
12:48 . رفض عربي وإسلامي ودولي لخطة استيطانية إسرائيلية تعزل القدس وتفصل الضفة... المزيد |
12:47 . الحكومة الانتقالية في مالي تعلن إحباط مخطط لزعزعة البلاد بدعم دولة أجنبية... المزيد |
12:46 . أمين عام حزب الله: لن نسلم سلاح المقاومة ما دام الاحتلال الإسرائيلي قائما... المزيد |
08:47 . روسيا وأوكرانيا تتبادلان 186 أسيراً بوساطة إماراتية... المزيد |
الصورة الذهنية السابقة عن الجماعات الإرهابية أنها مجاميع من الشباب المتطرفين، من طويلي الشعر واللحى الكثة، ينفذون عمليات انتحارية وتفجيرات واغتيالات، بهدف التخريب وإسقاط الأنظمة.. المظاهر والأفعال نفسها التي نراها اليوم، لكن، ومع هذا، «داعش» ليس «القاعدة».. تنظيم فوضوي بأسلحة وأشرطة تلفزيونية.
«داعش» يملك مقومات الدولة؛ الثروة، والقوة، والسكان، والأرض.. عنده آبار بترول، ومصافٍ، وشاحنات نقل لتهريبه، وشبكة من السماسرة يقومون له بترتيب البيع والمقايضة. عنده هامش للمناورة.. يتعاطى مع أعدائه فيبيع الغاز والنفط لبعض المراكز الحكومية في سوريا لتشغيل محطات الكهرباء. ولديه من هو مكلف بجباية الأموال من قطع الطرق، وتحصيل رسوم على الشاحنات العابرة، وفرض الضرائب والمكوس على الأهالي. وقامت «دولة داعش» باعتماد مجالس بلدية في المدن والبلدات التي احتلتها، تقوم بإدارة شؤون مناطقها، ولها محاكمها، وشرطتها.. وتحاول السيطرة على الاتصالات الهاتفية المحلية، والتحكم في توزيع الإنترنت. وفي مناطقها؛ الشوارع مضاءة، والماء يجري يوميا في البيوت.. الحياة كأنها عادية، وبالطبع لهذه الدولة الإرهابية، قيادتها وعلمها، وأجهزة دعايتها.
تذبح بوحشية لإخضاع السكان، وزرع الخوف. وفي بعض المناحي التي تهمها، مثل جمع الأموال، تبدو برغماتية. وقد سألت أحد المسؤولين المصرفيين العرب عندما التقينا في المنتدى الاقتصادي الأخير في البحر الميت، عن فرع بنكهم في مدينة الموصل العراقية التي يحتلها «داعش».. روى كيف أن البنك يفتح أبوابه كل يوم في أوقاته المعتادة تقريبا، التنظيم لم يغلقه بخلاف المتوقع. ومع أن نشاطات البنك انخفضت كثيرا، إلا أن الموظفين يذهبون إلى هناك كل صباح! أي إن «داعش» لم يغلق المصارف رغم أنه يعدها ربوية محرمة. وتحت حكم «دولة داعش العراقية» أكثر من أربعين مدينة وبلدة، أكبرها الموصل، ثاني مدن العراق، والرمادي عاصمة محافظة الأنبار. ولا تبعد ميليشياتهم عن العاصمة العراقية بأكثر من ثمانين كيلومترا فقط. ولها حدود تحاذي السعودية والأردن، وتمتد سلطتها إلى شرق وشمال ووسط سوريا. وتحت سيطرة «داعش» ثلاثة سدود مائية، وقد قام بحرف مياه النهر لحرمان خصومه منها.
ولو أن «داعش» قرر أن يبقي مكانه ولا يتمدد، ولا يخسر معاركه الدفاعية المقبلة، فقد يستطيع خلال عامين، أو أكثر قليلاً، أن يكوّن علاقات مع بعض دول العالم، لأنه سيصبح أمرًا واقعًا!
هذا التطور في تفكير الجماعات الإرهابية يجعلها أخطر مما ألفناه في التنظيم الأب؛ «القاعدة». هذاك كان مشروعه إشاعة التطرّف الديني، ومحاولة إسقاط الأنظمة الأعداء له، بزعامة الراحل أسامة بن لادن، لكنه كان بلا خطة لليوم التالي. أما «داعش» فهو نموذج متقدم وأكثر خطورة.. تتضح مع الوقت معالم مشروع دولة حقيقية، فهو عن تخطيط يستهدف المناطق المضطربة.. يستولي على الأرض، ويؤسس وجوده عليها، ثم يتمدد، كما يعلم شعار دولته اليوم: «باقية وتتمدد».
ويبدو أنه يقرأ فكر خصومه جيدًا؛ في سوريا والعراق والغرب، ويفهمهم أفضل مما هم يفهمونه؛ فهو يستفيد من التحريض الطائفي الذي تمارسه القوى السياسية الشيعية العراقية والإيرانية، ويستغله لتجنيد أبناء السنة في المناطق التي يحتلها. ممارسات الحشد الشعبي الطائفية تمنح «داعش» حاجاته.. يقدم نفسه دولةَ من يشعرون بأنهم بلا دولة، وسيدافعون عنها بقناعة واستبسال. ويبدو أن التنظيم يفكر بعقله أكثر من سلاحه؛ يرصد ما يصدر عن الحكومات التي تعاديه، وخصوصا الولايات المتحدة. حتى الآن لم يستفزها بأعمال عدائية خارجية كبيرة تضطر الحكومة الأميركية إلى تكرار ما فعلته بأفغانستان ردًا على هجمات «القاعدة» على مدينتي نيويورك وواشنطن عام 2001. استراتيجية «حكومة» أبو بكر البغدادي تبدو أكثر تركيزًا من قيادة بن لادن حينذاك، فالبغدادي يستهدف الدول الساقطة، أو التي تعاني من فراغ سياسي، مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا، والسيطرة فقط على المناطق الملائمة له طائفيا.. يخضع سكانها بالقوة، ويستولي على مواردها المالية، ويكلف بعض أهلها بإدارة شؤونها المحلية، وبعد أن يستولي على أسلحتها وأراضيها، ينتقل إلى ما وراءها، في عمليات عسكرية مدروسة.
و«داعش»، دولة غنية. مؤسسة «راند» تقدر أن مداخيل التنظيم العام الماضي من البترول العراقي بلغت مائة مليون دولار، ومداخيله من الابتزاز والرسوم ستمائة مليون دولار، والأموال التي نهبها من البنوك بلغت ستمائة مليون دولار. ولو افترضنا أن فيها مبالغة، فمن المؤكد أن «دولة البغدادي» أغنى وأخطر بكثير من «دولة بن لادن».. لديها نفط، وبنوك، ومخازن أسلحة هائلة، وفي صفوفها يقاتل شباب محلي غاضب، مع شباب جاء من وراء الحدود يريد الذهاب إلى الجنة الموعودة. سيكون من الصعب تحدي «داعش» دون مشاركة كل دول المنطقة، بما فيها الحكومات الأعداء، مع التحالف الدولي القائم حاليا. وهذه مهمة صعبة جدًا ما دامت الإدارة الأميركية عاجزة عن إدارة توجهات بغداد، ولجم إيران. ودون تجريم للجرائم الطائفية على الجانبين، فلن يقوم تحالف. ويزيده تعقيدًا الاشتباك الخليجي - الإيراني، في سوريا واليمن. مع الخلافات الإقليمية والعجز الأميركي، ستزدهر «دولة داعش»، ولن يكون سهلاً دحرها لاحقا.