أحدث الأخبار
  • 10:16 . صحوة متأخرة للضمير الأوروبي... المزيد
  • 10:05 . "فلاي دبي" تستأنف رحلاتها إلى دمشق بعد 12 عاماً من التوقف... المزيد
  • 07:36 . قوات الاحتلال تطلق النار على دبلوماسيين في جنين.. وإدانات دولية واسعة... المزيد
  • 07:17 . بجوائز تبلغ 12 مليون درهم.. إطلاق الدورة الـ28 من جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم... المزيد
  • 06:50 . لماذا تُبقي الشركات على المدير السيئ؟... المزيد
  • 12:34 . "رويترز": القيادة السورية وافقت على تسليم متعلقات كوهين لـ"إسرائيل"... المزيد
  • 11:31 . فرنسا وبريطانيا وكندا تتجه للاعتراف بدولة فلسطين... المزيد
  • 11:25 . الاتحاد الأوروبي يرفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.. والتعاون الخليجي يرحب... المزيد
  • 11:14 . أبوظبي تقحم نفسها كلاعب أساسي في إدخال المساعدات إلى غزة... المزيد
  • 07:34 . "سي إن إن": "إسرائيل" تستعد لضرب منشآت نووية إيرانية... المزيد
  • 07:31 . ترقية قائد الجيش الباكستاني إلى مارشال بعد اشتباكات الهند.. فمن هو عاصم منير؟... المزيد
  • 09:43 . السودان يتهم أبوظبي بالوقوف وراء هجوم بورتسودان... المزيد
  • 05:24 . "علماء المسلمين” يعتبرون إبادة غزة جريمة إنسانية ويطالبون بانتفاضة عاجلة... المزيد
  • 11:56 . انطلاق الدورة الرابعة من "اصنع في الإمارات" في أبوظبي... المزيد
  • 11:56 . تحوّل "كلية ليوا" إلى "جامعة ليوا" بعد اعتماد رسمي من وزارة التعليم العالي... المزيد
  • 11:16 . ترامب يشيد بالعلاقات مع الإمارات وقطر والسعودية... المزيد

الكتابة في زمن ملتبس

الكـاتب : أحمد عبد الملك
تاريخ الخبر: 12-03-2015

يحارُ الكاتب العربي، في خضم الأمواج السياسية العاتية، في تحديد ما هو الصواب الذي يجب أن يكتب فيه، وما هو «الخطأ» الذي يجب أن يتجنّبه، حتى لا يُصادر قلمه، كما تُصادر حريته وكرامته! فالمواقف السياسية متبدلة، والمزاج السياسي متقلب، والتفسيرات السياسية غير ثابتة، وما هو محظور اليوم قد لا يكون كذلك غداً، وما يمكن أن يقرّب الكاتب من مائدة «الحظوة» اليوم قد يأخذه إلى غياهب السجن غداً!

وفي ظل غياب الضمانات والدساتير الحافظة لحقوق الكاتب، فإنه قد يسقط في لحظة غضب أو ساعة تشنج، فيظل طوال حياته في قائمة «المنبوذين»!

إن عالم السياسة عالم شرس، لا يعترف بغير سلطته وتحولاته ومصالحه. وفي عالم السياسة العربي أنت مُلزم بأن تكون مع أو ضد. فإن لم تدافع دفاعاً أعمى عن قضية، فأنت خائن وعميل وجبان، وإن دافعت عنها تسقط من حسابات العقلاء.

الزمن الملتبس في العالم العربي «يُفرِّخ» كُتاباً ملتبسين، يغيرون جلودهم بين لحظة وأخرى. لذلك قد لا نتعجب إن زادت طوابير الصامتين في العالم العربي، لأن «التهم الجاهزة» حاضرة في عقول بعض الجهات، ولا أسهل من أن يُطعن كاتب ملتزم في ضميره ودينه ووطنيته ونزاهته.

القابعون في الظلام لا يمكن أن يتصالحوا مع المنتشرين في فضاءات الله الواسعة، والذين يرون بعيون جديدة ما يحدث في العالم، ويحاولون تفسير الظواهر والتوجهات على أكثر من صعيد!

البشرية في صراع بين النور والظلام، بين الحق والباطل، بين المهنية والفوضى. وإذا ما تغلب الظلام على النور، والباطل على الحق، والفوضى على المهنية، فلن يمارس الناس حقوقهم كبشر أولا وكمهنيين ثايناً. إن مخالفة بحور الشعر المعروفة يُعتبر من الفوضى الثقافية، ومخالفة أسس العمل التلفزيوني والإذاعي يعتبر من الفوضى الإعلامية، وإغلاق نوافذ التعليم على «العصر العباسي» شكل من الفوضى التعليمية. في عصر كهذا يصبح «القوي» هو المسيطر، والقادر على إحقاق الباطل، ودحض الحق، ودعم اللامهنية.

إن الانبهار بتكنولوجيا المعلومات ومخرجاتها لا ينبغي أن يُشغلنا عن الثوابت والأسس، مهنية أم فكرية، لأنه يجعل الطريق نحو الفوضى سالكاً، خصوصاً بوجود أنصاف إعلاميين وأنصاف مثقفين وأنصاف إداريين! كما أن من شأنه اختصار الطريق على الكثيرين ممن يعملون في مجال الإبداع، دونما أن يتمكنوا من أدواته أو يتأسسوا تأسيساً قوياً يؤهلهم للعطاء والإبداع.

قد نجد لدى فئة كبيرة من أبناء الجيل الجديد معرفة بالتكنولوجيا واللغة الأجنبية، لكن أغلبهم لا يتقن لغته العربية الأم، ولا يقرأ، وليس لديه ثقافة عامة. لقد جعلته التكنولوجيا جيلاً استهلاكياً قلقاً ومتسرعاً، مما أبعده عن مجال الإبداع، وقضى على روح التأمل والخيال لديه، لأنه يجد كل شيء حاضراً عبر الإنترنت.

لقد قامت نهضة أوروبا عندما تحرر العقل، وظهرت الفنون والآداب التي ساهمت في تنوير العقل، عندما سُمح للفلاسفة والعلماء والأدباء بتناول قضايا المجتمع، وإعمال العقل، والتجوال في ملكوت الخالق دون خوف. وهذا ما أشعل الخيال وولد الإبداع بجميع صوره الإدارية والصناعية والعلمية والفكرية والأدبية والفنية. إن ظهور «الهايكو» الياباني حقق للقصيدة اليابانية أبعاداً جديدة تتعلق بجمال الكون، وتقاطعات الزمني واللازمني ومعنى الحياة البشرية والميل إلى تكثيف الذات كي تصبح قريبة من اللاشيء. ولقد اقترب الشاعر الأميركي «والت وايتمان» باتجاهه نحو تبسيط الشعر، فيما عُرف بالشعر الإيكولوجي. وكذلك ما فعله فليسوف ومبدع الهند «رابندرانات طاغور»، لاعتقاده بأن الحياة هي هبة الحب العظمى التي منحها الله. ونفس الشيء لدى الشاعر الألماني «جوته»، أكبر شعراء أوروبا الإيكولوجيين، إذ كان يعتقد بأن العالم «ما كان ليستمر طويلا لو أنه لم يكن بسيطاً».

ولنا أن نقيس ذلك على مخرجات الإبداع كلها، والتي ازدهرت في مناخات الحرية فقط، لنقول إن العرب يعيشون عصراً يبعد عن الحرية بستة قرون، لذلك فهم لا يبدعون.