أحدث الأخبار
  • 06:03 . بين التنظيم القانوني والاعتراض المجتمعي.. جدل في الإمارات حول القمار... المزيد
  • 01:22 . "رويترز": لقاء مرتقب بين قائد الجيش الباكستاني وترامب بشأن غزة... المزيد
  • 01:06 . فوز البروفيسور ماجد شرقي بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة العلوم الطبيعية... المزيد
  • 12:53 . اعتماد تعديل سن القبول برياض الأطفال والصف الأول بدءًا من العام الدراسي المقبل... المزيد
  • 12:05 . ترامب يوسّع حظر السفر إلى أمريكا ليشمل ست دول إضافية بينها فلسطين وسوريا... المزيد
  • 11:59 . السعودية تدشّن تعويم أول سفن مشروع "طويق" القتالية في الولايات المتحدة... المزيد
  • 11:53 . محكمة كويتية تحيل ملف وزير الدفاع الأسبق للخبراء... المزيد
  • 12:45 . ميدل إيست آي: هل يمكن كبح "إسرائيل" والإمارات عن تأجيج الفوضى في المنطقة عام 2026؟... المزيد
  • 12:40 . أمطار غزيرة تغرق مستشفى الشفاء وآلافا من خيام النازحين في غزة... المزيد
  • 11:59 . طهران ترفض مطالب الإمارات بشأن الجزر المحتلة وتؤكد أنها تحت سيادتها... المزيد
  • 11:30 . ترامب: 59 دولة ترغب بالانضمام لقوة الاستقرار في غزة... المزيد
  • 11:29 . الإمارات تدين الهجوم على مقر للقوات الأممية بالسودان... المزيد
  • 01:04 . مرسوم أميري بإنشاء جامعة الفنون في الشارقة... المزيد
  • 12:14 . "الأبيض" يسقط أمام المغرب ويواجه السعودية على برونزية كأس العرب... المزيد
  • 09:21 . غرق مئات من خيام النازحين وسط تجدد الأمطار الغزيرة على غزة... المزيد
  • 07:15 . روسيا تهاجم سفينة مملوكة لشركة إماراتية في البحر الأسود بطائرة مسيرة... المزيد

فهلوة خلط الأوراق

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 13-11-2014

تتميز مجتمعاتنا العربية بقدرة لافتة على تقبُل لعبة خلط الأوراق عند التعامل مع إيديولوجياتها وقضاياها الكبرى . وهي لعبة استعملها بحذق ممارسو الفهلوة الفكرية والسياسية، عبر تاريخنا وحاضرنا، لإدخال الشعوب العربية في دهاليز فرعية أو هامشية من أجل تمييع، أو نسيان، أو تشويه الموضوع الأصلي . لنأخذ الأمثلة التالية لتوضيح خطورة هذه الظاهرة .
* أولاً، بعد إطاحة مؤسستي الحكم الاستبدادي في تونس ومصر قادت انتخابات حرة ونزيهة إلى صعود الإخوان المسلمين في مصر والنهضة في تونس إلى سدة سلطة التشريع والحكم . ما حدث كان شيئاً طبيعياً ومتوقعاً في مجتمعات متعلقة أغلبيتها بالثقافة الإسلامية عبر القرون .
لكن الحركتين ارتكبتا أخطاء سياسية عدة عندما لم تدركا أن الفترات الانتقالية، بعد الحراكات الثورية الكبيرة، تحتاج إلى أن تدار وتحكم من خلال التعاون والتوافق مع الآخرين، إلى حين الوصول إلى أهداف تلك الحراكات واستقرار أحوال المجتمعات . عند ذاك يمكن الدخول في لعبة التنافس والخلافات .
لكن ما إن حدثت تلك الأخطاء وتذمرت الشعوب حتى أطلّت الفهلوة الفكرية والسياسية برأسها لتضيع الموضوع الأصلي، وهو الديمقراطية، ولتخلط الأوراق . وأدخلت الاستخبارات الأجنبية عملاءها التكفيريين المجرمين في السًاحة فتشابك الخارج مع الداخل .
لقد أصبحنا اليوم أمام حملة تضليلية شرسة لإقناع المواطن العربي بأنه أمام خيارين لا ثالث لهما: إذا اختار الديمقراطية فإنه لن يرى أمامه سوى الإسلام السياسي، وإذا كان لا يريد الإسلام السياسي فعليه أن يقبل بحكم اليد الأمنية الباطشة .
أما الحقيقة البديهية الأصلية، والتي خبرتها مجتمعات أخرى كثيرة، والمؤكدة أنه مثلما جاءت الانتخابات الديمقراطية النزيهة العادلة بقوى الإسلام السياسي فإنها ستكون قادرة في المستقبل على استبدالهم بآخرين يحملون أفكاراً ومنهجية سياسية مختلفة، أما هذه البديهية فقد ضاعت ونسيت ومعها نسي الناس هدف ثورات وحراكات الربيع العربي: الانتقال إلى الديمقراطية الشاملة العادلة .
* ثانياً، في بداية الخمسينات من القرن الماضي طرح الزعيم الراحل جمال عبدالناصر المشروع القومي العربي الناصري لنقل الوطن العربي من التجزئة إلى الوحدة، من الاستعمار والتبعية إلى الاستقلال الوطني والقومي، من التخلف الاقتصادي إلى التنمية، ومن استغلال وفقر الملايين من الشعوب العربية إلى عدالة اجتماعية شاملة .
وراء المشروع وقفت إمكانات دولة القطر المصري الهائلة وأحزاب وحركات قومية في طول الوطن العربي وعرضه، والملايين من جماهير الشعب العربي . آنذاك تحقق الكثير وكان المستقبل يعد بالكثير .
لكن مؤامرات الخارج وقوى الداخل الرجعية الفاسدة وتعدد الأخطاء في الممارسات وموت بطل المشروع أدت إلى تراجع، ثم توقف تلك الموجة التاريخية القومية الواعدة .
مرة أخرى أطلت الفهلوة الفكرية والسياسية برأسها لتخلط الأوراق من خلال التركيز المتعمد على الأخطاء في الممارسات ونقاط الضعف وتفريغ الذاكرة الجمعية العربية من الإنجازات المبهرة حتى ينسى الناس الموضوع الأصلي التاريخي: طريق نهوض الأمة العربية من خلال وحدتها وتحررها وتنميتها الذاتية واعتماد العدالة الاجتماعية نهجاً في حياتها .
هذا الإصرار العجيب عند البعض لاستعمال أية أخطاء أو نقاط ضعف في المشاريع والحراكات العربية الكبرى، من أجل تدميرها أو إيقاف مسيرتها وإخراجها من الذاكرة الجمعية للشعوب، بدلاً من تحليل أخطائها بموضوعية وتقديم الحلول المساعدة لمسيرتها، هذا الإصرار الانتهازي عند بعض المفكرين والكتاب والإعلاميين العرب ينذر باقترابهم من ممارسة رذيلة وعار الخيانة لأحلام وتطلعات أمتهم ويضعهم في خندق القوى الامبريالية والصهيونية التي لا تريد لهذه الأمة أن تتوحد وتتحرر وتتقدم .
* ثالثاً، الممارسة نفسها طبقت على حدث تاريخي كبير حدث فوق أرض كربلاء . فالشهيد الإمام الحسين بن علي، (رضي الله عنه)، لم يمت كضحية مكسورة تستجدي قليلاً من الماء لأهلها وتبكي دمعاً على ما حل بهم . لقد مات واقفاً كبطل تاريخي محارب من أجل مشروع إصلاحي لأمة الإسلام جميعها، وفضل موت العزة والكرامة على ذل الحياة المنكسرة .
لكن بدلاً من أن تصبح ذكرى موته السنوية تمجيداً للبطولة الثورية وتجييشاً لها في نفوس وعقول كل المسلمين والعرب، وإصراراً على نهج الإصلاحات الجذرية في وجه الاستبداد والفساد، بدلاً من أن تكون الذكرى ألقاً إيمانياً وسياسياً بامتياز قلبه البعض إلى قصص جانبية، وأحياناً متخيلة وبكائيات، ووجهوا مشاعر الغضب والاستياء نحو مماحكات السياسة الحقيرة التاريخية التي رافقت ذلك الحدث التمردي العظيم .
هذا الخلط للأوراق إبان تلك المناسبة الرامزة لعبق البطولة والتضحيات المرفوعة الرأس السامية بالنفس البشرية نحو الأعلى والأفضل والأنقى يُضيع الموضوع الأصلي ويشوهه في دهاليز فرعية تنتقص من قيمته .
الأمل في شباب ثورات وحراكات الربيع العربي، قادة المستقبل، ألا يدخلوا دهاليز الضياع أبداً، وأن يركزوا مشاعرهم وعقولهم ليل نهار على أصل المواضيع الكبرى في حياة أمتهم .