كشفت منصة "إيكاد" للتحقق من الأخبار زيف الادعاءات التي أطلقتها الناشطة روضة الطنيجي، بعدما ظهرت في مقطع فيديو تتهم فيه الجيش السوداني بالضلوع في تجارة المخدرات، مستندة إلى وثائق وتقارير دولية زعمت أنها تثبت مزاعمها.

ففي مقطعها المصور، عرضت الطنيجي صورة لتقرير قالت إنه صادر عن وزارة العدل الأمريكية، وأشارت فيه إلى تعاون مزعوم بين ما سمته "جيش الإخوان المسلمين السوداني" وعصابات المخدرات الكولومبية.

غير أن "إيكاد"، وبعد مراجعة التقرير على الموقع الرسمي للوزارة، أكدت أنه لم يتناول السودان إطلاقاً، بل تطرق حصراً إلى تسليم زعيم منظمة "كلان ديل جولفو" الكولومبية إلى الولايات المتحدة.

ومع ذلك، نسبت الطنيجي الادعاء إلى السودان زاعمة أن عصابة "عشيرة الخليج" الكولومبية تهرّب الكوكايين والبشر عبر ميناء سوداني.

وبحسب "إيكاد"، فإن الوثيقة التي اعتمدت عليها الناشطة صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية لا وزارة العدل، وتتناول تقديم مكافأة مالية مقابل معلومات عن قادة "عشيرة الخليج" المتورطين في تهريب البشر، من دون أي إشارة إلى السودان.

ولم تقتصر المغالطات على ذلك؛ إذ عرضت الطنيجي تقريراً آخر من "المجلس الأطلسي" وزعمت أن الموانئ السودانية تُستغل لتهريب المخدرات نحو أوروبا. غير أن التدقيق أظهر أن التقرير يتحدث عن تصاعد تجارة المخدرات في دول الساحل الأفريقي، من دون ذكر السودان.

أما في آخر ادعاءاتها، فقد استشهدت الطنيجي بتقرير صادر عن "معهد نيولاينز" الأمريكي لتأكيد أن السودان بات مركزاً رئيسياً لتجارة الكبتاغون. لكن مراجعة التقرير نفسه أظهرت بوضوح أنه يحمّل قوات "الدعم السريع" مسؤولية تجارة المخدرات، ويشير إلى أن هذه الأنشطة مرشحة للانتقال إلى دارفور مع تركز وجود تلك القوات فيها، من دون اتهام الجيش السوداني بأي صلة بالأمر.

وتساءلت منصة "إيكاد" عن دوافع هذا الكم من المعلومات المضللة التي قدمتها الطنيجي، معتبرة أن اتهاماتها تفتقر إلى أي أساس موضوعي.

ردود فعل غاضبة على "إكس"

أثار كشف هذه المغالطات موجة من التفاعل على منصات التواصل، خصوصاً عبر "إكس". فقد كتب الناشط زكريا علي معلقاً: "هي مجرد مؤدية، لم تبذل أي جهد بحثي، كل ما فعلته استعراض أداء بالإنجليزية بطلاقة كأنها على منصة (TED)، لكنها لم تدرك أن كلماتها قد تكون سبباً في قتل وتشريد وتدمير حياة الكثير من الناس".

أما صاحب حساب "الملاك المظلم"، فاعتبر أن الطنيجي مجرد "إمعة" تقرأ ما يُكتب لها، قائلاً: "ولو سألتها خمسين سؤالاً عن السودان ما بين التاريخ والجغرافيا والأدب لما استطاعت الإجابة عن اثنين".

وأضاف ساخراً: "في عصر ثورة المعلومات والذكاء الاصطناعي تقريرها هذا لا يساوي شيئاً".

بدوره، كتب الناشط طلال: "للأسف تم استغلالك يا روضة، وغداً سيُضحّي بك نظام أبوظبي كما تخلّى سابقاً عن كثيرين".

المخدرات والدعم السريع

وفي سياق موازٍ، أشارت تقارير أمنية إلى أن الموانئ القريبة من السودان تُستغل بالفعل في أنشطة تهريب المخدرات، لكن المتهم الرئيس فيها ليس الجيش بل قوات "الدعم السريع"، التي تعتمد على حدود السودان المفتوحة مع دول مثل جنوب السودان وكينيا وتشاد، وتستخدم بعض موانئ المحيط الهندي في دول الجوار لإدخال المخدرات وتهريبها.

وكان جهاز الاستخبارات العامة، بالتعاون مع الجيش وهيئة أمن ولاية الخرطوم، قد أعلن في فبراير الماضي ضبط أكبر مصنع لإنتاج الكبتاغون داخل مبنى قيد الإنشاء مكوّن من ثلاثة طوابق في المنطقة الصناعية الجديدة ببحري قرب الجيلي شمال العاصمة.

ووفق الاستخبارات، فإن المصنع كان قادراً على إنتاج 100 ألف حبة في الساعة، بما يعادل 700 مليون حبة من المواد المضبوطة التي قُدّرت قيمتها بنحو ثلاثة ملايين دولار. واتهمت السلطات قوات "الدعم السريع" بامتلاك المصنع واستخدام إنتاجه في تمويل أنشطتها العسكرية، إضافة إلى ترويج المخدرات داخلياً وتحفيز عناصرها في القتال، فضلاً عن تهريب الفائض إلى دول الجوار.

اقرأ ايضاً:

مرتزقة كولومبيون في حرب السودان.. خيوط تمويل إماراتية تثير عاصفة سياسية وقانونية دولية

أبوظبي تتهم الحكومة السودانية بتقوّيض جهود إحلال السلام عبر حملة "تضليل ممنهجة"

وسط تصاعد الأزمة.. السودان يقول إنه أسقط طائرة عسكرية إماراتية تقل مرتزقة كولومبيين