أحدث الأخبار
  • 10:00 . فرنسا تعتزم تقديم شكوى ضد إيران أمام محكمة العدل الدولية... المزيد
  • 07:30 . رويترز: الإمارات والولايات المتحدة توقعان اليوم اتفاقية إطارية للتكنولوجيا... المزيد
  • 06:09 . ترامب يؤكد الاقتراب من إبرام اتفاق نووي مع إيران... المزيد
  • 04:42 . ترامب يصل أبوظبي في آخر محطة خليجية... المزيد
  • 02:33 . الإمارات تدعو أطراف الأزمة الليبية إلى الحوار وتجنب التصعيد... المزيد
  • 01:24 . ترامب من قطر: لا أريد أن تتخذ المفاوضات النووية مع إيران "مسارا عنيفا"... المزيد
  • 01:24 . ارتفاع أسعار الخضار والفواكه بنسبة 80% بسبب موجات الحر وارتفاع تكاليف النقل... المزيد
  • 11:09 . مدارس خاصة في الشارقة تُلزم أولياء الأمور بسداد الرسوم قبل اليوم ومطالبات بمرونة في الدفع... المزيد
  • 11:08 . مسؤول إيراني رفيع: طهران مستعدة للتخلي عن اليورانيوم مقابل رفع العقوبات... المزيد
  • 11:05 . رئيس الدولة يبحث مع وزير دفاع السعودية في أبوظبي تطورات المنطقة... المزيد
  • 11:04 . رئيس الوزراء القطري: لا نتوقع تقدما قريبا في المفاوضات بين حماس و"إسرائيل"... المزيد
  • 08:50 . الذكاء الاصطناعي في مجمع الفقه... المزيد
  • 07:26 . الإمارات ترحب بإعلان ترامب رفع العقوبات عن سوريا... المزيد
  • 05:55 . ترامب يصل الدوحة في ثاني جولاته الخليجية... المزيد
  • 01:18 . البيت الأبيض: ترامب يدعو الشرع للانضمام إلى اتفاقيات "التطبيع مع إسرائيل"... المزيد
  • 01:16 . ترامب يجتمع مع الشرع في الرياض بحضور ولي العهد السعودي وأردوغان عبر تقنية الفيديو... المزيد

الخيانات ومنطق المؤامرة

الكـاتب : عبد الله السويجي
تاريخ الخبر: 29-09-2014

الخيانة . . ازدهر استخدام هذه الكلمة مع ازدهار فعلها، وعلى الرغم من ثقل هذا الوصف أو التصنيف وهوله، إلا أنه يستخدم بسهولة نتيجة اعتقاد أو ظن من طرف ضد آخر، نتيجة هزيمة كبيرة .
وكلمة الخيانة تُقرن بكلمة المؤامرة، فلا تتحقق الثانية إلا بوجود الأولى، بينما في الواقع هي تحالفات وتسهيلات وضمانات تتم في الخفاء ثم تُعلن كالصدمة، وهذه الصدمة هي التي تقيم للخيانة والمؤامرة وزناً، فحين احتُلت بغداد بسهولة في العام 2003 من قبل الجيش الأمريكي وحلفائه، شاع الحديث عن الخيانة، وحين حوصرت بيروت من قبل جيش الكيان الصهيوني، بعد اجتياحه للجنوب اللبناني في العام 1982 دار الحديث عن الخيانة، وحين خرجت المقاومة الفلسطينية أيضاً من بيروت في العام ذاته ثرثر كثيرون بالخيانة، وقبلها بخمسة عشر عاماً، أي في العام 1967 حين هزم الكيان الصهيوني جيوش ثلاث دول عربية واحتل أجزاء كبيرة من مصر وسوريا والأردن، وأكمل احتلاله لفلسطين، دار حديث مستفيض عن الخيانة في الجبهات كلها، وفي الحرب الأخيرة على غزة، تمتم كثيرون بمفردة الخيانة حين استطاع الطيران الصهيوني النيل من ثلاثة قادة كبار من حركة حماس دفعة واحدة . ومنذ شهر يونيو/ حزيران الماضي يدور حديث عن الخيانة في العراق واليمن جراء اجتياح تنظيم داعش لأراض شاسعة من العراق، واجتياح الحوثيين للعاصمة اليمنية .
ولو بدأنا بالأحدث، أي باحتلال صنعاء من قبل الحوثيين، نجد أن البعض يتحدث هذه المرة عن (شبهة خيانة)، فقد قال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في تصريحات نشرت في 24 سبتمبر الجاري، بعد الاستيلاء على العاصمة صنعاء بسهولة كبيرة، إن "المؤامرة كبيرة، ونحن في هذه اللحظة نشعر بأن هناك مؤامرة تجاوزت حدود الوطن"، وقال إن الانتهازيين من الداخل شاركوا في المؤامرة، واتهم قوى خارجية وداخلية بالتكالب لإسقاط التجربة اليمنية في الانتقال السلمي للسلطة . ومن جانبه أشار مساعد الأمين العام للأمم المتحدة المبعوث الخاص إلى اليمن إلى أن التداعيات كانت "مفاجئة لجميع الأطراف وخارقة للعادة، ومن الواضح أن القوات المسلحة اليمنية انهارت، لكن لا أحد يعرف كيف، ولماذا وبمساعدة من وكيف تم التخطيط؟ ومعظم الأطراف لم تتوقع ما حصل"، وقال أحد مؤسسي التجمع اليمني للإصلاح يحيى رسام إن هناك مؤامرة محلية وإقليمية ودولية حيكت لينتهي الأمر إلى ما انتهى إليه . أما في العراق، الذي يتعرض منذ سقوط بغداد عام 2003 لسلسلة هجمات دموية، فقد تعرض في بداية شهر يونيو إلى صدمة كبيرة، حين قام تنظيم داعش باحتلال مدينة الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، خلال ساعات قليلة، ثم احتل بعدها مدينة تكريت، وعلى أثر هذا قال نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي آنذاك "إن ما حصل من أحداث في مدينة الموصل مؤامرة وفقاً للمعلومات الأمنية التي وردت إلينا" . أما بخصوص مدينة تكريت، فقد قال شهود عيان في أحاديث مع وكالة الأناضول، إن "مسلحي داعش لم يحتاجوا سوى إلى بضع دقائق ليفرضوا سيطرتهم على تكريت بعد إطلاقهم عدداً من الطلقات النارية في الهواء . ." .
يكاد العامة يصدقون منطق الخيانة، فجيش العراق الذي كان من بين أكبر الجيوش في المنطقة، والذي حارب إيران لمدة ثماني سنوات، ينهار بين ليلة وضحاها، ويدخل الجيش الأمريكي من دون أدنى جهد، ويختبئ صدام بعدها كجندي صغير، وقوات أمنية كبيرة ترابط في الموصل، تمتلك أحدث المعدات العسكرية والاتصالية، والأسلحة المتطورة، تنهار خلال دقائق أمام ميليشيات تنظيم داعش وتسلم مدينة الموصل بسهولة ويسر . واليمن، الذي يمتلك جيشاً وطائرات ودبابات، تسقط عاصمته صنعاء بطريقة أذهلت مبعوث الأمم المتحدة والرئيس اليمني والمراقبين . وفي العام 1967 يخسر جيش جمال عبد الناصر القوي سيناء وقطاع غزة خلال أيام، وكذلك الأمر يخسر الجيش السوري مرتفعات الجولان الإستراتيجية ومدنه وقراه خلال وقت قصير، وجيش الأردن يخسر الضفة الغربية بما فيها القدس، والمقاومة الفلسطينية تخسر كل قواعدها في جنوب لبنان وتنسحب إلى بيروت في العام 1982 .
إنها خسارات لا شك، في المنطق العام، ستجبر الناس للتفكير بمنطق الخيانة، لأن الخسارة كبيرة، ولا تتساوى وحجم المعنويات التي كانت رائجة قبل الخسارات .
هل كل النماذج التي ذكرنا يمكن وضعها في إطار الخيانة والمؤامرة؟ فحين سقطت الموصل روّج البعض لذاك السقوط بأنه ناتج عن تحالف العشائر ضد حكومة المالكي (الدكتاتورية)، وحاول هذا البعض أن يخفف من دور تنظيم داعش الدموي، الذي قتل الجنود المستسلمين فيما بعد . وحين سقطت صنعاء، قال زعيم الحوثيين إن الثورة انتصرت، وصار بالإمكان المشاركة الفعلية في الحكومة المقبلة، وفي صناعة القرار . أما ما حدث حين حوصرت بيروت في العام ،1982 فلا يزال غامضاً حتى الآن، وكذلك حين سقطت سيناء والجولان وقطاع غزة والضفة الغربية، لا يزال الأمر غامضاً، على الرغم من إشارة البعض إلى خيانات هنا وهناك . أما مسألة قتل قادة حماس التي أعلن الكيان الصهيوني عن العملية على أنها نتيجة تعاون استخباراتي، فقد ظل غامضاً، على الرغم من إعدام الحركة لمجموعة من (العملاء) بشكل سريع، الأمر الذي جعل الرئيس الفلسطيني أبو مازن يحتج على سرعة التنفيذ وطريقته .
يرى البعض أن منطق المؤامرة غير مبالغ فيه، ويشمل هذا المنطق تنظيم داعش ذاته، إذ تتردد أحاديث كثيرة عن أن هذا التنظيم هو صنيعة الولايات المتحدة وبعض القوى الإقليمية، صنعته لتبرر لنفسها العودة إلى المنطقة بعتادها وسلاحها، ولتدمر سوريا وربما حزب الله في مراحل قادمة، وهذا البعض يبرر منطقه بكثافة الضربات على سوريا، وتحذيرها من احتلال المساحات التي يسيطر عليها داعش، ولا بد من تركها للجيش السوري الحر ليبني دولة علمانية في سوريا بعد القضاء على المتطرفين الدمويين . هنالك مؤامرة ما تحدث في المنطقة، لا تزال في مرحلة التكهنات والاستنتاجات الإعلامية، إذ لم يتم حتى الآن أي تقسيم للبلدان العربية، باستثناء ظهور دولة كردية، ومدعومة من الغرب بقوة، وإن لم يتم الإعلان عنها بشكل رسمي، وباستثناء مطالبة تركيا بمنطقة آمنة على طول الحدود الواسعة مع سوريا، وهي فكرة غامضة النوايا حتى الآن، ولكن إذا ما تم القضاء على تنظيم داعش في العراق، فإن الدولة الكردية ستعلن لا محالة، وستكون أولى الخطوات لإعادة ترتيب المنطقة من جديد .
هنالك شيء ما يحدث، وليس مهماً أن يدخل في إطار المؤامرة أو الخيانة أو التنازلات، وكل الأمور تشير إلى أن الجغرافيا السياسية لبلاد الشام (سوريا، العراق، الأردن، فلسطين، لبنان) بعد القضاء على تنظيم داعش، لن تكون الخريطة ذاتها قبل القضاء على هذا التنظيم المثير للجدل والريبة، والأيام القليلة المقبلة ستكون حبلى بالمفاجآت أو المؤامرات أو الخيانات، سموها ما شئتم .