وجاء في مقاله الذي نشره موقع “بلومبيرغ” أن ضرب المنشآت السعودية التي أدت لعرقلة الإنتاج النفطي السعودي غير مسبوق ويعبر عن مرحلة خطيرة في أسواق النفط العالمية.
وقال إننا سنكتشف حجم التراجع النفطي الحقيقي، فقد انكمش بسبب العقوبات على إيران وناقلات النفط المتفجرة والطائرات المسيرة التي سقطت فوق مضيق هرمز، إلا أن الهجوم نهاية الأسبوع على منشآت النفط في إبقيق -التي تعد من أهم المصافي النفطية على وجه البسيطة- مختلف.
وقالت السعودية إن الهجوم أثر على إنتاج 5.7 مليون برميل في اليوم، أو نصف الإنتاج السعودي تقريبا. ولا يعرف إن كان الهجوم نفذ من خلال طائرات مسيرة محملة بالقنابل أو الصواريخ أو الاثنين معا. ويقول الكاتب إن منشآت النفط في إبقيق التي تغطي مساحتها ميلا مربعا يجعل من ضربها مهمة صعبة.
ولا يمكن إلا لضربة قوية ومحكمة أن تعطلها عن العمل. ولكننا لا نعرف حتى الآن ما جرى، وهو ما يضيف خطرا أوليا إلى أسعار النفط.
ويقول إن الشعور العام في السوق النفطي قبل الهجمات كان هو الغموض، مما أثر على أسعار النفط والتأرجح المستمر في الحرب التجارية، بالإضافة لإمكانية عودة براميل النفط الإيرانية الممنوعة إلى الأسواق العالمية بعد رحيل جون بولتون، مستشار الأمن القومي الذي عزله دونالد ترامب الأسبوع الماضي من منصبه.
وبهذا، فالغموض يتراوح من مستوى لآخر؛ فمن جهة كانت هناك صعوبة في تخيل حدوث اختراق في العلاقات الأمريكية- الإيرانية حتى قبل رحيل بولتون. وفي ظل اتهام وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إيران بالمسؤولية عن الهجمات، بات من الصعب تخيل ذوبان في جليد العلاقات الأمريكية- الإيرانية يسمح بعودة البراميل الإيرانية إلى الأسواق العالمية.
وعلى المستوى الثاني، فلو تعرقل الإنتاج النفطي السعودي لفترة طويلة، أو أسابيع على الأقل، فإن الأسواق الآسيوية الباحثة عن نفط خام لمصافيها قد تضطر للبحث عن بديل للنفط السعودي في البراميل الإيرانية. ولا نعرف أيضا ماذا سيحدث عندما يتم استخدام المخزون الإستراتيجي لمنع أي توقف للصادرات النفطية السعودية. وتقول الوكالة الدولية للطاقة إنها تراقب الوضع، مشيرة إلى أن الأسواق “حصلت على ما تريد بشكل جيد”، مما يشير لتوقعات بإصلاح السعوديين الوضع بشكل سريع.
وما هو واضح أن أسواق النفط دخلت مرحلة جديدة. وعلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي قاد الحملة على اليمن الرد، خصوصا عندما سيمتد أثر الهجمات على الصادرات النفطية لوقت طويل. وفي نفس الوقت، سيراقب محمد بن سلمان خطط طرح أسهم شركة النفط أرامكو في السوق العام وهي تتبدد.
وكل هذا يحدث في سياق تغير الدور الأمريكي بالمنطقة، فالولايات المتحدة ناشطة في عدد من الجبهات ولكنها تنسحب من أخرى. ويمكن تفسير هذا التصعيد على أنه الرد الإيراني على سياسة “أقصى ضغط” التي تمارسها واشنطن على طهران. فإن لم تستطع هذه تصدير النفط، فعلى السعودية أن تتوقف هي الأخرى عن التصدير، وعليه فاللعبة الصفرية حاضرة في هذه المواجهة، مما يعني أن فرص ارتكاب الخطأ والتصعيد عالية جدا.
وفي الوقت الذي تحتاج أسواق النفط في هذه المنطقة من العالم تنافسا، إلا أن استمراره على المدى البعيد ضار بها. وعلى المدى القصير، فالتراجع في الإنتاج السعودي قد يمنح فرصة لمنتجي النفط الآخرين مثل صناعة الزيت الصخري لتعويض النقص.
ويرى الكاتب أن زيادة أسعار النفط بسبب العنف ليس بديلا عن أسعاره بسبب الطلب عليه. وأكثر من هذا، فليس أمامنا وبداية الحملات الانتخابية في ولاية أيوا سوى خمسة أشهر، والتي ستحدد الطريقة التي يمكن أن تتجنب فيها الولايات المتحدة ركودا محتملا.
وأبدى دونالد ترامب حساسية من زيادة أسعار النفط، كما بدا أثناء الانتخابات النصفية عام 2018. وهناك قضية وجودية يجب الاهتمام بها، وهي “التغير المناخي” التي يتم مناقشتها بين الديمقراطيين قبل حملات أيوا.
ورغم أن الموضوع لا يتردد صداه إلا وسط قطاع معين من الأمريكيين، إلا أن التاريخ الأمريكي يقترح أنه من الصعب جعل الناخب يركز على الطاقة إلا عندما ترتفع أسعار النفط، كما حدث في انتخابات عام 2018. وربما كان هو الواقع في انتخابات عام 2020 لو حدثت الانتخابات على خلفية النزاع في الشرق الأوسط. كما أن أهمية إبقيق تعبّر عن نظام للطاقة قائم على مركزية الإنتاج في منطقة لم يسمع عنها الأمريكيون من قبل.