قبل ساعاتٍ من الموعد الثالث لبدء المرحلة الأولى من تنفيذ اتفاق "إعادة الانتشار" الخاص بمدينة الحديدة غربي اليمن، عقد المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث اجتماعات مع قيادات الحوثيين في العاصمة صنعاء، في محاولة لإنقاذ اتفاق الحديدة، الذي يبدو مهدداً أكثر من أي وقتٍ مضى، إذا ما استمرّ تعثّر تنفيذ الاتفاق الخاص بـ"المرحلة الأولى"، والذي تذهب أغلب المؤشرات إلى احتمال تأجيله مجدداً، على نحوٍ يهدّد بانهيار خطة الأمم المتحدة في المدينة، والتي يقودها الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد.
ومن المقرّر أن تشهد مدينة الحديدة اليوم الخميس، بدء عملية إعادة الانتشار من قبل قوات الحوثيين من خلال الانسحاب من ميناءي الصليف ورأس عيسى في المدينة، بعد أنّ تأجلت الخطوة مرتين متتاليتين يومي الأحد والإثنين الماضيين، بسبب بروز تحفظات من قبل الحوثيين، على ضوء الضمانات التي طالب بها الوفد الحكومي، كشرط للموافقة على بدء التنفيذ.
وتتمحور تحفظات جماعة الحوثي حول رفضها الشرط الذي تقدّمت به الحكومة، بأن يتم تسليم الموانئ التي ينسحب منها مسلحوها إلى قوات الأمن والمسؤولين المحليين الذين كانوا مسؤولين عن الموانئ قبل سيطرة الحوثيين على الحديدة أواخر عام 2014، وعلى نحو يلزم بالتراجع عن التغييرات الإدارية وفي المكونات الأمنية التي أجراها الحوثيون في الأعوام الأربعة الأخيرة.
وتكتسب زيارة غريفيث إلى صنعاء أهمية استثنائية، كونها تأتي لإنقاذ الاتفاق الذي أُعلن عنه في فبراير الحالي، بقيادة كبير فريق المراقبين الدوليين في الحديدة الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد، وهو الاتفاق الذي أيّده مجلس الأمن الدولي في بيان صحافي منذ أيام، وعُرف باتفاق "المرحلة الأولى".
غير أنه في الأسبوع الماضي واجه اعتراضاً من الجانب الحكومي، وفي الأيام الأخيرة، تبدّلت المواقف وبات الحوثيون هم الطرف الذي يتحفّظ على بدء تنفيذ الاتفاق.
وتبرز أهمية الاجتماعات الدائرة في صنعاء والحديدة من كون فشلها يعني انتكاسة خطة لوليسغارد الذي خلف الجنرال الهولندي باتريك كاميرت مطلع الشهر الحالي. ولعلّ التصريح الدبلوماسي الأهم في هذا السياق كان من قبل السفير البريطاني لدى اليمن مايكل آرون، والذي تتصدّر بلاده الجهود الدولية الداعمة لاتفاق السويد الذي تم التوقيع عليه في شهر ديسمبر الماضي.
وقد عبّر آرون في تصريح لوكالة "رويترز" يوم الثلاثاء الماضي، عن أمله في أن يتم الانسحاب هذا الأسبوع (أي يبدأ الخميس)، مضيفاً "يتعيّن حدوث ذلك... إذا لم يتم تنفيذ اتفاق استوكهولم، لن نعود إلى المربع رقم واحد، بل إلى المربع ناقص واحد".
وتعد زيارة غريفيث إلى صنعاء هي الثالثة خلال أقل من شهر، كما أنّ زياراته إلى العاصمة اليمنية باتت شبه أسبوعية، منذ توقيع اتفاق السويد، وتتمحور بمجملها حول العقبات التي برزت في طريق تنفيذ اتفاق استوكهولم، بدءاً من الخطوات التنفيذية التي يقتضيها الاتفاق في الحديدة، وصولاً إلى العقبات التي ما تزال تقف في طريق بدء عملية تبادل الأسرى والمعتقلين بناءً على مقتضيات الاتفاق. وكل ذلك، يمثّل مؤشراً على حجم العقبات التي تقف في طريق التنفيذ.
وكانت الحديدة قد شهدت يوم الثلاثاء الماضي خطوة إلى الأمام، من خلال قيام الحوثيين بإعادة فتح الطريق الرئيسي نحو مخازن شركة مطاحن البحر الأحمر، التي تضم كميات من الحبوب التابعة لبرنامج الأغذية العالمي. وبدت الخطوة التي ترافقت مع اجتماع لوليسغارد بممثلين عن الطرفيين، كما لو أنها محاولة لتعويض الانتكاسة التي تواجه اتفاق "المرحلة الأولى".