وصفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية طرد المملكة العربية السعودية لسفير كندا وقطع العلاقات معها بأنه عمل لا يقوم به إلا "الطغاة المتخلِّفون"، معتبرة الادّعاءات السعودية بتدخّل كندا في شؤونها "خداعاً"؛ لكون المعتقلة سمر بدوي حاصلة على الجنسية الكندية.
وأكّدت الصحيفة، في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، أن وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، عاد ليقوّض مرة أخرى الإصلاحات التي بدأها لتحديث المملكة؛ من خلال العمل بشكل استبدادي مع رجال دين وتجّار وأثرياء ونشطاء حقوق إنسان.
وقالت الصحيفة: إنه "ليس غريباً أن ترفض الدول الانتقادات الخارجية، ولكن هذا الانتقام السعودية عدوانيّ وليس له أيّ داعٍ، وهو فعل يهدف بالدرجة الأولى لتخويف من يفكّر بانتقاد السعودية".
وقالت كندا، يوم الجمعة الماضي، إنها "تشعر بقلق عميق" بشأن احتجاز نشطاء في مجال المجتمع المدني وحقوق المرأة في السعودية، ومن بينهم سمر بدوي، شقيقة المدوّن المعارض المسجون، رائف بدوي".
وردّت السعودية بطرد السفير الكندي من المملكة، واستدعت سفيرها في كندا، بعد أن حثّت وزارة الخارجية الكندية الرياض على الإفراج عن نشطاء حقوقيين.
وقالت وكالة الأنباء السعودية: إن الرياض "تعلن تجميد كافة التعاملات التجارية والاستثمارية الجديدة بين المملكة وكندا، مع احتفاظها بحقّها في اتخاذ إجراءات أخرى".
وانتقدت الصحيفة الأمريكية الصمت الغربي إزاء ما فعلته السعودية ضدّ كندا.
وقالت: إن "مثل هذا الفعل سابقاً كان لا يمرّ بصمتٍ كما يجري الآن، في حين لم نسمع حتى اللحظة سوى تذمّر محدود".
وبحسب نيويورك تايمز، فإن السعودية لم تقدِّم أيّ تفسير لاحتجاز السيدة سمر بدوي، التي كان زوجها السابق -وهو محامٍ- مسجوناً أيضاً.
وصنّفت الصحيفة الأمريكية بدوي بأنها ناشطة في مجال حقوق المرأة، سبق لها أن دشَّنت حملة من أجل رفع الوصاية عن المرأة السعودية، ولها مطالبات بأن يكون للمرأة حق السفر والحصول على حقوق أخرى دون موافقة ولي الأمر.
ورفضت الصحيفة ادّعاءات السعودية حول تدخّلها في شؤونها، واصفة ذلك بالخداع؛ وذلك لكون بدوي وعائلتها يقيمون في كندا كلاجئين سياسيين، وتم منحهم الجنسية الكندية.
وبيَّنت أن بدوي أصبحت مواطنة كندية، وكندا من البلدان التي تهتمّ بالحقوق الإنسانية والسياسية، ولها تاريخ طويل في التعبير عن رأيها فردياً أو جماعياً، دفاعاً عن تلك المبادئ والقيم المكرَّسة في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وتذكر الصحيفة أن السعودية من إحدى الدول الموقّعة على الميثاق، وعضو في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والذي تتمثَّل مهمّته في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
وعن وصول محمد بن سلمان إلى السلطة وخطوات الانفتاح التي قام بها في السعودية؛ والمتمثّلة في منح المرأة الحق في قيادة السيارة، وافتتاح دور السينما، أشارت إلى أنها ترى أنه يتعامل بشكل استبدادي مع رجال دين وتجار وأثرياء ونشطاء حقوق إنسان.
واتّهمت الصحيفةُ السعوديةَ بالتدخّل في شؤون دول عربية كاليمن والبحرين وقطر، كذلك سعت إلى التأثير في صفقة الرئيس السابق، باراك أوباما، مع إيران بخصوص البرنامج النووي الإيراني.
وانتقدت الصحيفة موقف الولايات المتحدة من التصرُّف السعودي ضدّ كندا، مؤكّدة أنه لم يصدر سوى ردّ فعل وحيد من مسؤول في وزارة الخارجية، الذي أكَّد أن حكومته طالبت السعودية بتوفير المزيد من المعلومات حول المعتقلين.
وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب سبق له الإذعان لسلوك السعودية الاستبدادي، ويبدو أن الهجوم الذي شنَّه ترامب على رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، في يونيو الماضي، جعل محمد بن سلمان أكثر جرأة في التصرّف بهذا الشكل مع كندا.