شهدت دولة الإمارات الأحد (16|4) ثلاثة حوادث مترابطة ومتناقضة في وقت واحد، كشفت عن أحد العوائق الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها الإماراتيون، فيما يتعلق بالمساواة والعيش الكريم وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطن، فضلا عن تزايد مؤشرات إلقاء الجهات الرسمية مسؤولياتها على شركات القطاع الخاص، فما هو مصير المواطن الإماراتي الذي لا يمتلك منزلا، وليس لديه قدرة على سداد قرض بناء أو صيانة منزله؟
القروض مسموحة للمقتدرين فقط
أعلنت هيئة أبوظبي للإسكان، أنها سوف تخصم من 20% إلى 25% من دخل المواطن، لسداد قسط قروض المساكن. ومع عدم مناقشة هذا الاقتطاع الكبير نطرا لوجود مشكلة أكثر خطورة، نسلط الضوء على "أمر" الهيئة التي قالت: "يجب على المواطنين دراسة قدرتهم المالية قبل الإقدام على طلب أي قرض". وكذلك، لن يتم مقارنة ما تقدمه الدولة من مساعدات إنمائية في سقطرى وعدن وبنغازي وغيرها مع الجهود الإنمائية الضئيلة التي تقدمها للمواطن الإماراتي سواء في إمارة أبوظبي أو في عموم الإمارات وخاصة الشمالية منها.
ومع أن الهيئة تختص بالإسكان في إمارة أبوظبي، فإن ناشطين أكدوا أن هذا الاقتصار يكشف عن تعارض في المساواة بين مواطني دولة الإمارات من جهة، ويكشف أن القروض لا تقدم إلا لمن لديه القدرة على السداد، دون تقديم الهيئة والمؤسسات الأخرى إجابات للعاجزين عن امتلاك منزل، ويفتقدون القدرة على السداد.
وسجل الناشطون، ملاحظتين بهذا الصدد، الأولى: أن مواطني رأس الخيمة والإمارات الشمالية هم أول من تطبق عليهم "المساواة" عندما يتعلق الأمر بإرسالهم لحروب خارج الدولة. والملاحظة الثانية: أن أبوظبي ودبي تعاني طفرة عقارية كبيرة وبيوت وشقق غير مستأجرة، وهو ما يمكن أن يشكل حلا لمأساة مواطنين لا يجدون السكن المناسب.
الموت مصير العاجزين عن الاقتراض
وفي ذات ذلك اليوم، (16|4) قالت صحيفة "الاتحاد" المحلية، توفي المواطن «ع.أ» في العشرينيات من عمره " إثر سقوط سقف منزل على رأسه، في منطقة الرمس برأس الخيمة".
وتابعت الصحيفة التي نشرت أيضا تعليمات هيئة قروض المساكن الصارمة، "اتضح أن السقف سقط على رأس الشاب المواطن وقد فارق الحياة على الفور متأثراً بإصاباته البالغة".
وقد سببت هذه "الحادثة" استياء واسعا في أوساط المواطنين، الذين لا يجدون مفرا من منازلهم المتهالكة إلا أن ينتظروا سقوطها أو تعاجل السلطات في استدعاء الشباب للحرب في اليمن وغيرها، على حد قولهم.
تخلي عن المسؤولية
أما الحدث الثالث في ذلك اليوم، فقد نشرته صحيفة "الإمارات اليوم"، إذ نقلت مطالب للشركات العقارية، "بالتوجه نحو شريحة ذوي الدخل المحدود، باعتبارها جزءاً من المسؤولية الاجتماعية للشركات".
وطالب الرئيس التنفيذي لـ"شركة ستاندرد للعقارات"، عبدالكريم الملا، الشركات أن تدشن "مجمع سكني خارج حدود المدينة، يستهدف ذوي الدخل المحدود،.. يراعى فيها ظروفها الاقتصادية، من خلال وضع قيم إيجارية منضبطة تلائم مدخولاتها الشهرية" على حد تعبيره.
من جانبه، اعتبر المدير العام لشركة «إيموفاليو» المتخصصة في التقييم العقاري، عمران الشرهان، أن توجه شركات العقار لبناء مجمعات سكنية لذوي الدخل المحدود، "يعدّ جزءاً من المسؤولية الاجتماعية للشركات العقارية تجاه المجتمع"، على حد تعبيره.
ومن جهته، قال رئيس مجلس إدارة «شركة فالكون سيتي»، سالم الموسى، في عهد المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، "كانت هناك بعض الصعوبات الاقتصادية التي أثرت بدورها في العائلات المقيمة بدبي، فما كان من سموّه إلا أن أمر بخفض القيم الإيجارية على هذه الفئات بنسبة 15%".
وإزاء ذلك، استغرب مواطنون أن يطلق على عام 2017، "عام الخير" وإطلاق برامج "السعادة"، في حين يواجه الإماراتيون صعوبات واضحة يدفعون ثمنها بدماء أبنائهم تحت المنازل الآيلة للسقوط، منتظرين مبادرة شبيهة بمبادة الشيخ راشد بن سعيد تمنحهم جزءا من الحياة الكريمة والمساواة ليس مع مواطني أبوظبي فقط، وإنما مع كثير من شعوب دول العالم الذين يحظون بتمويل إنمائي إماراتي بلا حدود، جعلها أكبر مانح في العالم للعام الثالث على التوالي.
فيما تساءل مواطنون، إذا سئلت شركات العقارات عن مسؤولياتها الاجتماعية، فلمن يُوجه سؤال المسؤولية الوطنية والقانونية، مشيرين أن ترك سكن المواطنين لشركات الاستثمار والتجارة مؤشر لتخلي المؤسسات الرسمية عن مسؤولياتها وتترك المواطنين تحت "شفقة ورحمة" العقاريين، على حد قولهم.