باحث إسرائيلي:تصفية المعارضة من أسباب استمرار النظم الملكية في الخليج
وكالات
– الإمارات 71
تاريخ الخبر:
15-12-2016
الخوف من التمدّد الإيرانيّ والخشية من توقّف الولايات المُتحدّة عن الاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط، هما العاملان الأساسيان اللذان يُوثّقان ويُوطدان العلاقات شبه السريّة بين إسرائيل وبين دول الخليج العربيّ، هذه هي النتيجة التي توصّل إليها الباحث في الشؤون العربيّة، يوئيل غوجانسكي، في الكتاب الجديد الذي أصدره مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، وتناول فيه مصير دول الخليج العربيّ ومدى استمرار استقرارها السياسيّ على ضوء المُتغيّرات التي تعصف بالوطن العربيّ منذ العام 2010، وهي الفترة التي سُميّت بـ”الربيع العربيّ”. وذلك وفق تقرير لمراسل صحيفة "راي اليوم" من الأراضي المحتلة زهير أنداروس.
ويقول الباحث الإسرائيلي غوجانسكي في الكتاب الذي يقع في 94 صفحة من الحجم المُتوسّط، يقول إنّ الكثيرين قاموا برثاء الأنظمة الملكيّة في الخليج منذ نحو 50 عامًا، زاعمين أنّ هذه الدول تُمثّل هياكل سياسيّة مُعادية للتاريخ، والتي تقف جحر عثرةٍ أمام رياح التقدّم والتغيير.
وأوضح المُستشرق الإسرائيليّ أنّ هذه التوقعات لم تتحقق على أرض الواقع، على الرغم من أنّ عوامل عدم استقرار الممالك والإمارات في الخليج، ما زالت قائمةً في البنية السياسيّة والاجتماعيّة، وعلى ضوء فشل التقديرات، شدّدّ الكتاب، يتحتّم إجراء دراسةٍ جديدةٍ لسبر غور هذه الظاهرة، أوْ كما سمّاها “لغز البقاء”، أيْ استمرار الاستقرار النسبيّ في هذه الدول، على حدّ تعبيره.
وبرأيه، فإنّ لهذه الدول لا يوجد أيّ عامِلٍ تفضيليّ مؤثرٍ على الدول الأخرى لكونها تتبع نظام حكمٍ ملكيٍّ، ولا يبدو في الأفق أنّ الشعوب العربيّة تتجّه نحو إتبّاع هذا النموذج من الحكم. كما يؤكد الباحث، أنّ طبيعة أنظمة الحكم في الخليج لم تكُن ولن ستكون مُستقبلاً عاملاً فاعلاً في تثبيت استقرار هذه الدول، على حدّ قول المُستشرق الإسرائيليّ.
الكتاب يُشدّد على وجود أربعة عوامل كان لها التأثير البارز والمركزيّ، لا بلْ المفصليّ في استقرار دول الخليج. وهذه العوامل، وهي نتاج التكتيكات التي انتهجتها هذه الدول، هي كالتالي: أولاً، الاستخدام والتوظيف الناجعان للأرباح العائدة من بيع النفط والغاز.
ثانيًا، وأد التظاهرات والاحتجاجات ضدّ الأنظمة الحاكمة بشكلٍ ممتازٍ.
العامل الثالث، طرق ووسائل نبذ و”تصفية” المعارضين في الداخل سياسيًا.
والعامل الرابع والأخير، بحسب كتاب مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، يمكن في اعتماد هذه الدول، أوْ الأنظمة الحاكمة على الدعم الخارجيّ، دون أنْ يُشير بشكلٍ واضحٍ إلى دور الدولة العبريّة في ذلك.
ورأى مؤلّف الكتاب أنّ فشل الانتفاضات العربيّة ضدّ الأنظمة الجمهوريّة، هو السبب الرئيسيّ الذي أدّى لاستقرار دول الخليج، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّه حتى أولئك الذين يرغبون في تغيير أنظمة الحكم في الخليج توقّفوا عن المُطالبة بذلك، لأنّهم، شدّدّ المُستشرق الإسرائيليّ، لا يرغبون في الوصول إلى ما آلت إليه الأوضاع في كلٍّ من اليمن، ليبيا، سوريّة والعراق، على حدّ قوله.
وأشار الباحث إلى أن الحكّام الديكتاتوريين لا يميلون إلى تشجيع المسّ سلبًا بمركزهم، وللتدليل على ذلك، أوضح غوجانسكي، فإنّ الخطوات لإشراك المواطنين في عمليات اتخاذ القرارات كانت قليةً جدًا ومحدودةً جدًا، وأيضًا مصحوبةً بقيام السلطات في تل الدول باستخدام القوّة المُفرطة ضدّ المواطنين، الأمر الذي ألغى عمليًا التغييرات، على الرغم من قلّتها.
وعلى الرغم من أنّ دول الخليج، أبرزت مناعتها في الحفاظ على السلطة، فإنّ هذه الحصانة لا تضمن ولا تؤمّن بقاء هذه الأنظمة الحاكمة لمدّةٍ طويلةٍ. وبرأيه، فإنّه من أجل الحفاظ على مناصبهم ومكانتهم، يتحتّم على زعماء الدول الخليجيّة، وتحديدًا الملوك، إيجاد الردّ الكافي، الوافي والشافي لطموحات الجيل الشّاب الجديد والمُتعلّم، وهذا الجيل بطبيعة الحال، أكّد الباحث، يطمح في ابتكار أساليب من أجل الانخراط في هيئات إدارة الدولة، بحسب تعبير غوجانسكي.
ومع ذلك، شدّدّ الكتاب على أنّ خطر اندلاع العنف السياسيّ في دول الخليج ما زال قائمًا، وهناك قوى معارضة بالداخل وقوى إقليميّة ستسعى لإذكاء التباينات الداخليّة في دول الخليج في محاولةٍ لزيادة تأثيرها بالمنطقة.
لجهة إسرائيل، أكّد الكتاب على أنّ الخشية من التمدد الإيرانيّ والقلق من عزوف أمريكا عن المنطقة، يُعتبران عاملان أساسيان في توثيق العلاقات شبه العلنيّة بين دول الخليج والدولة العبريّة. ولكن، أشار إلى أنّ مصلحة دول الخليج في توثيق العلاقة مع إسرائيل أكثر بكثير من مصلحة إسرائيل في توطيد علاقاتها مع هذه الدول، فتل أبيب معنية جدًا باستقرار دول الخليج لتكون حلفًا ضدّ إيران.
وخلُص الباحث إلى القول إنّ العلاقات الثنائيّة ستتعزز كثيرًا بين إسرائيل ودول الخليج، على الرغم من أنّها ستبقى شبه سريّة وشبه علنيّة، ذلك لأنّ العلاقات، كما هي قائمة الآن، تُعتبر مُريحةً للطرفين، دول الخليج وإسرائيل.