أحدث الأخبار
  • 11:08 . رئيس الوزراء الباكستاني: السعودية مكان محايد لاستضافة حوار مباشر مع الهند لحل القضايا العالقة... المزيد
  • 11:07 . "سرايا القدس" تعلن سقوط قتلى وجرحى بكمين لجنود الاحتلال شمالي قطاع غزة... المزيد
  • 11:06 . أبوظبي تدين مقتل موظفين في سفارة الاحتلال بواشنطن وتعرب عن تضامنها مع الشعب الصهيوني... المزيد
  • 11:04 . "التربية": 10 يونيو بدء امتحانات نهاية العام في المدارس الحكومية والخاصة... المزيد
  • 10:10 . الكويت تُسقط الجنسية عن 1292 شخصًا لأسباب قانونية مختلفة... المزيد
  • 09:21 . الإمارات تُدين بشدة إطلاق الاحتلال النار على الدبلوماسيين في جنين... المزيد
  • 07:20 . وسط الأزمة مع الجزائر.. أبوظبي تتوسع في المغرب بصفقة تتجاوز 14 مليار دولار... المزيد
  • 07:09 . إيران: علاقتنا مع السعودية في "وضع ممتاز" وتعاون اقتصادي يلوح في الأفق... المزيد
  • 11:20 . البنتاغون يقبل رسميا الطائرة الفاخرة التي أهدتها قطر للرئيس ترامب... المزيد
  • 11:10 . عبدالله بن زايد يبحث مع نظيره الأذربيجاني تعزيز فرص التعاون... المزيد
  • 11:03 . مقتل جنديين في هجوم على قاعدة جوية روسية في سوريا... المزيد
  • 10:57 . طالب إماراتي يحصد المركز الأول في الكيمياء بمعرض "ISEF"الدولي... المزيد
  • 10:54 . أمريكا: مقتل موظفيْن بسفارة الاحتلال الإسرائيلي في إطلاق نار أمام المتحف اليهودي بواشنطن... المزيد
  • 10:16 . صحوة متأخرة للضمير الأوروبي... المزيد
  • 10:05 . "فلاي دبي" تستأنف رحلاتها إلى دمشق بعد 12 عاماً من التوقف... المزيد
  • 07:36 . قوات الاحتلال تطلق النار على دبلوماسيين في جنين.. وإدانات دولية واسعة... المزيد

ذاكرة

الكـاتب : عائشة سلطان
تاريخ الخبر: 04-05-2016

أتذكر تماماً تلك الحكاية القديمة عن تعلق أخي الأصغر بجدتي -رحمها الله- حين كان صغيراً، تبدو التفاصيل حين أستعيدها كأنني أفتح نافذة تواجه الشمس، حين أحكيها لا تتسلل الكلمات من نافذة الذاكرة تلك، بل يتدفق الضوء كما يتدفق شلال هادر، الذاكرة تعبث بنا أحياناً، تصير كريح قوية تنقلنا إلى أراضٍ أخرى، وتعيد تخليق الأصوات والوجوه والروائح؛ نصير كالمتنبي إذ يصف قلقه الأبدي:
على قلق كأن الريح تحتي .... أوجهها جنوباً أو شمالا

في الذاكرة حكاية ذلك الطفل الذي تعلق بجدته حتى ما عاد يفارقها ليلاً ولا نهاراً؛ صار ظلها الثاني، وصارت أمه، وحين سافرت لضرورة ملحة ذات يوم وتركته بكى فراقها حتى نام، وحين استيقظ صار يبحث عنها ويناديها في أرجاء البيت، حين تأكد أنها ليست هنا وأنه لن يراها، تضافر جسده مع قلبه رافضاً غيابها، ليدخل في حالة وهن جسدي بسبب امتناعه عن الطعام!

أمام هذه الحالة الغريبة، لم تجد الأم سوى ذلك الحل الذي لمع كبرق في ذهنها، الرائحة مفتتح الذاكرة وكيمياء القلب؛ أحضرت ثوب الجدة وألقته على وجه الصغير؛ استعاد روحه وهو يتشمم رائحة جدته، عادت له الروح، شعر كأنها هنا قريبة منه وأنه سيراها ثانية بلا أدنى ريب، لذلك قبل بالثوب والرائحة انتظاراً للآتي الأجمل.

تحيلني هذه الحكاية إلى واقعنا الراهن دائماً، إلى سطوة الذاكرة، فأومن أكثر أن علينا أن نقبض على ذاكرتنا وهي مليئة وجميلة بما فيه الكفاية، كما نقبض على تفاصيل وجودنا تماماً، الذاكرة هوية وشكل آخر للإيمان في نهاية الأمر.

هكذا تجعلنا الذاكرة، ونحن جيل نصفنا في الحاضر، وكلنا ذاكرة؛ جيل نخبئ وجوهاً ومدناً في دواخلنا، ونخبئ قصائد وقصوراً ومآذن ومساجد، نخبئ معارك وممالك ومدناً وخلفاء وقُوَّاداً ورواداً، وصعاليك ومجانين ومتصوفين ومغنين؛ نحن أبناء أمة مرت بها وعليها قوافل من اللصوص والغزاة والقتلة والطامحين بالمجد والمال والذهب، فأشهرنا في وجوههم جيوشاً من الأبطال والشعراء والعشاق والقضاة والفلاسفة والبطولات؛ نحن أمة لا تعاني من نقص في منسوب الحضارة، ولا في منسوب الانتماء، لكننا نعاني جيلاً بعد جيل من تردٍّ في منسوب الذاكرة للأسف الشديد؛ ولذلك فحين تسرق ذاكرتنا في وضح النهار نبكي وبحرقة حتى منتصف الليل ثم ننام على قهر، فإذا صحونا.. صحونا على غفران بليد!