أحدث الأخبار
  • 08:14 . قانون اتحادي بإنشاء هيئة إعلامية جديدة تحل محل ثلاث مؤسسات بينها "مجلس الإمارات للإعلام"... المزيد
  • 12:50 . "قيصر" عن إلغاء العقوبات الأمريكية: سيُحدث تحوّلا ملموسا بوضع سوريا... المزيد
  • 12:49 . الجيش الأمريكي: مقتل أربعة أشخاص في ضربة عسكرية لقارب تهريب... المزيد
  • 12:47 . أمطار ورياح قوية حتى الغد… "الأرصاد" يحذّر من الغبار وتدني الرؤية ويدعو للحذر على الطرق... المزيد
  • 11:53 . "الموارد البشرية" تدعو إلى توخي الحيطة في مواقع العمل بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 11:52 . 31 ديسمبر تاريخ رسمي لاحتساب القبول بـرياض الأطفال والصف الأول... المزيد
  • 11:50 . حزب الإصلاح اليمني: الإمارات لديها تحسّس من “الإسلام السياسي” ولا علاقة لنا بالإخوان... المزيد
  • 11:46 . عبدالله بن زايد وروبيو يبحثان استقرار اليمن.. ما دلالات الاتصال في هذا التوقيت؟... المزيد
  • 11:38 . موقع عبري: أبوظبي تقف وراء أكبر صفقة في تاريخ “إلبيت” الإسرائيلية بقيمة 2.3 مليار دولار... المزيد
  • 06:03 . بين التنظيم القانوني والاعتراض المجتمعي.. جدل في الإمارات حول القمار... المزيد
  • 01:22 . "رويترز": لقاء مرتقب بين قائد الجيش الباكستاني وترامب بشأن غزة... المزيد
  • 01:06 . فوز البروفيسور ماجد شرقي بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة العلوم الطبيعية... المزيد
  • 12:53 . اعتماد تعديل سن القبول برياض الأطفال والصف الأول بدءًا من العام الدراسي المقبل... المزيد
  • 12:05 . ترامب يوسّع حظر السفر إلى أمريكا ليشمل ست دول إضافية بينها فلسطين وسوريا... المزيد
  • 11:59 . السعودية تدشّن تعويم أول سفن مشروع "طويق" القتالية في الولايات المتحدة... المزيد
  • 11:53 . محكمة كويتية تحيل ملف وزير الدفاع الأسبق للخبراء... المزيد

ذاكرة

الكـاتب : عائشة سلطان
تاريخ الخبر: 04-05-2016

أتذكر تماماً تلك الحكاية القديمة عن تعلق أخي الأصغر بجدتي -رحمها الله- حين كان صغيراً، تبدو التفاصيل حين أستعيدها كأنني أفتح نافذة تواجه الشمس، حين أحكيها لا تتسلل الكلمات من نافذة الذاكرة تلك، بل يتدفق الضوء كما يتدفق شلال هادر، الذاكرة تعبث بنا أحياناً، تصير كريح قوية تنقلنا إلى أراضٍ أخرى، وتعيد تخليق الأصوات والوجوه والروائح؛ نصير كالمتنبي إذ يصف قلقه الأبدي:
على قلق كأن الريح تحتي .... أوجهها جنوباً أو شمالا

في الذاكرة حكاية ذلك الطفل الذي تعلق بجدته حتى ما عاد يفارقها ليلاً ولا نهاراً؛ صار ظلها الثاني، وصارت أمه، وحين سافرت لضرورة ملحة ذات يوم وتركته بكى فراقها حتى نام، وحين استيقظ صار يبحث عنها ويناديها في أرجاء البيت، حين تأكد أنها ليست هنا وأنه لن يراها، تضافر جسده مع قلبه رافضاً غيابها، ليدخل في حالة وهن جسدي بسبب امتناعه عن الطعام!

أمام هذه الحالة الغريبة، لم تجد الأم سوى ذلك الحل الذي لمع كبرق في ذهنها، الرائحة مفتتح الذاكرة وكيمياء القلب؛ أحضرت ثوب الجدة وألقته على وجه الصغير؛ استعاد روحه وهو يتشمم رائحة جدته، عادت له الروح، شعر كأنها هنا قريبة منه وأنه سيراها ثانية بلا أدنى ريب، لذلك قبل بالثوب والرائحة انتظاراً للآتي الأجمل.

تحيلني هذه الحكاية إلى واقعنا الراهن دائماً، إلى سطوة الذاكرة، فأومن أكثر أن علينا أن نقبض على ذاكرتنا وهي مليئة وجميلة بما فيه الكفاية، كما نقبض على تفاصيل وجودنا تماماً، الذاكرة هوية وشكل آخر للإيمان في نهاية الأمر.

هكذا تجعلنا الذاكرة، ونحن جيل نصفنا في الحاضر، وكلنا ذاكرة؛ جيل نخبئ وجوهاً ومدناً في دواخلنا، ونخبئ قصائد وقصوراً ومآذن ومساجد، نخبئ معارك وممالك ومدناً وخلفاء وقُوَّاداً ورواداً، وصعاليك ومجانين ومتصوفين ومغنين؛ نحن أبناء أمة مرت بها وعليها قوافل من اللصوص والغزاة والقتلة والطامحين بالمجد والمال والذهب، فأشهرنا في وجوههم جيوشاً من الأبطال والشعراء والعشاق والقضاة والفلاسفة والبطولات؛ نحن أمة لا تعاني من نقص في منسوب الحضارة، ولا في منسوب الانتماء، لكننا نعاني جيلاً بعد جيل من تردٍّ في منسوب الذاكرة للأسف الشديد؛ ولذلك فحين تسرق ذاكرتنا في وضح النهار نبكي وبحرقة حتى منتصف الليل ثم ننام على قهر، فإذا صحونا.. صحونا على غفران بليد!