بعد قتال شرس على وقع الانفجارات وإطلاق نار كثيف في العاصمة الليبية طرابلس، و وصول حكومة التوافق لمباشرة أعمالها في طرابلس أعلن الهلال الأحمر عن تسيير جسر جوي لتقديم "دعم إنساني" لبنغازي حيث مقر الثورة المضادة بقيادة اللواء المنشق خليفة حفتر.
فقد أعلنت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، تنفيذ برنامج إغاثي، لتعزيز استجابتها تجاه الأوضاع الإنسانية في ليبيا، يتضمن تسيير جسر جوي يتكون من تسع طائرات تغادر تباعاً إلى مدينة بنغازي الليبية، على متنها أكثر من 300 طن من المواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية، و"الاحتياجات الإنسانية الأخرى".
وقال الأمين العام لهيئة الهلال الأحمر، محمد عتيق الفلاحي، إن «الهيئة مقبلة على مرحلة جديدة من العمل والحركة على الساحة الليبية، من أجل إحداث الفرق المطلوب في جهود الإغاثة الإنسانية في عدد من المحافظات الليبية الأكثر تأثراً بالأزمة الراهنة».
وتعتبر ليبيا إحدى أهم الملفات الشائكة والمعقدة التي أثار تدخل أبوظبي فيها ودعمها أحد أطراف الحرب الأهلية الكثير من المشكلات والصعوبات في مسيرة الثورة بعد الإطاحة بالقذافي، وفق ما تؤكده وثائق رسمية مسربة نشرها الإعلام البريطاني والأمريكي منذ نوفمبر الماضي وحتى تقرير مجلس الأمن الدولي الصادر مطلع مارس الجاري والذي أكد انتهاك أبوظبي حظر إرسال السلاح إلى ليبيا وذلك بإرسال كميات كبيرة منه إلى حفتر في بنغازي.
كما كشفت الوثائق عن دور دبلوماسي سلبي لعبته أبوظبي من خلال تأثيرها على الوسيط الأممي السابق في ليبيا ليون وذلك بدفعه لتكييف مقترحاته و وساطته بما يناسب رؤية أبوظبي لهذا البلد ولدول الربيع العربي من حيث إقصاء الثوار ولا سيما الإسلاميين ومعاقبة الشعوب على ثوراتها وذلك بإدخال بلادها في أزمات أمنية وعسكرية واقتصادية وانفصالية والدفع بتقسيم البلاد لأظهار أن الثورة مسؤولة عن هذه الأزمات ليكون ذلك رادعا للشعوب عن أي تحركات مستقبلية تطالب بحقوقها فترضى بالاستبداد والقهر وحكم العسكر والمخابرات بدلا من الفوضى التي تصنعها الدول المعادية لحريات الشعوب، وهذا ما اكده الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي مطلع العام الجاري عندما اتهم دولة الإمارات بتمويل الثورات المضادة التي خططت لها إسرائيل.
ويتساءل ناشون ليبيون عن سر توقيت تسيير هذا الجسر الجوي "الإنساني" إلى بنغازي وليس إلى الحكومة في طرابلس، وإن كان هذا الدعم ثمنا لتمرد جديد من جانب المتمرد حفتر، أم مناكفة للحكومة الجديدة وأسلوب لإعلان عدم الاعتراف بها وعدم التعامل معها، وإنما بقاء التعامل مع المؤسسات المتمردة حتى على الحكومة التي شكلتها الأمم المتحدة؟
تساؤلات كثيرة أثارها الدعم "الإنساني" الجديد، الأيام المقبلة سوف تكشف عن دوافعه ومضمونه ومدى مساهمته بصنع السلام والأمن الذي يستمر مسؤولون إماراتيون يؤكدون أن الإمارات دولة محبة للسلام وتصنع السلام في كل العالم.