بالقدر الذي نسعد فيه بهطول الأمطار، ونفرح ونبتهج بها ونتبادل التهاني بتساقطها حتى وان كانت مجرد «نفاف»، نجد أن البعض، وبالذات في دوائر البلديات والطوارئ والدفاع المدني، لا يسرون كثيرا بهذا المطر لأنه ببساطة يكشف «المستور»، ويتسبب في تعرية ما وراء التصريحات الوردية عن أحوال البني التحتية وجاهزية شبكات التصريف، هذا إن وُجدت أصلاً. وترى أصحاب تلك التصريحات، وقد ألجمتهم المفاجأة وتوابع الوضع.
مشاهد ومواقف تتكرر مع كل موسم من مواسم الأمطار، تتجمع برك المياه، تتسرب مياه الأمطار نحو البيوت، تتعطل حركة العمل في اسواق المناطق المتضررة. كما لو أنها أول مرة تشهد هطولا للأمطار أو عواصف رعدية أو رملية، وينكشف ذات العجز الغريب في التعامل مع موضوع تجمعات المياه وقصور الشبكات وانقطاع الكهرباء، وأمور تعد من الأساسيات في التصدي للظروف المناخية غير الاعتيادية أو الطبيعية.
الكثير من الجهات تحاول الاستفادة من اخطائها، وتسعى لعدم تكرارها إلا بعض البلديات عندنا، من تلك التي ترفع ذات المبررات والأعذار عن ضعف الامكانيات والموارد. الشيء الوحيد الذي لا تتحدث عنه سوء التخطيط والاستعداد عندها.
والدليل أنها بعد أن تغمر المياه الطرق والميادين، وتتسرب الى المحال والبيوت، نجدها تعلن حالة الطوارئ، وترسل عمالها وآلياتها للمواقع المتضررة بشدة من أجل التخفيف قدر الإمكان من وطأة الاضرار هنا وهناك.
في الشارقة ارسلت البلدية عشرات الصهاريج للتعامل مع تجمعات المياه، وفي أم القيوين وعجمان وخورفكان ورأس الخيمة وغيرها من مناطق الدولة حالة من الاستنفار غير المسبوق لمواجهة الوضع. والذي ارسلت معه وزارة الداخلية عددا من الآليات والمعدات الاضافية للمساعدة على توفير الدعم للأجهزة المختصة، وذلك بتوجيهات ومتابعة من الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، حيث تحرك فريق الإمارات للبحث والانقاذ بقوة قوامها 110 من عناصره، و15 آلية وغرفة عمليات متحركة و15 طنا من المعدات والتجهيزات، لتقديم خدماته في الفجيرة ومدن ومناطق الساحل الشرقي. وليبقى هناك إلى حين استقرار الأحوال الجوية، وتبدل الظروف المناخية، وكذلك مساعدة الاجهزة المعنية هناك في تقييم الاحتياجات ووسائل المساعدة المطلوبة في احتواء تداعيات الأمطار والسيول، والتغلب عليها.
وخلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، كان نصيب البلديات في تلك المناطق من الانتقادات الشيء الكثير، عبر برامج البث المباشر في اذاعاتنا. وكذلك النشرات الاخبارية المحلية في فضائياتنا وغيرها من الوسائل التي نقلت لنا مشاهد غير مقبولة. كما حملت تلك الوسائل استياء واسعاً للمتضررين من غفلة تلك البلديات التي كان بإمكانها التخفيف من وطأة الوضع الذي تسببت فيه الامطار، بالاستعداد الجيد والجاد للتحذيرات التي كانت قد أطلقها المركز الوطني للأرصاد والزلازل وتوقعاته لحالة الطقس غير المستقر.
نتمنى من البلديات والدوائر المختصة في تلك المناطق الخروج من هذا الظرف الطارئ بدروس وحلول ومبادرات واقعية تحمل حلولا تقضي على المبررات التي نسمعها في كل مرة، حلول تتناسب والجهد الكبير الذي يبذل على كافة المستويات للحفاظ على مدن وبلدات الإمارات بصورتها الزاهية الجديرة باسم الإمارات، والمكانة التي تحققت لها في ميادين التميز والريادة.