اعتبرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن فقدان قوات المعارضة السورية لمدينة حلب السورية سيعد بمثابة نهاية مبكرة للعبة الحرب التي تدور رحاها في البلاد منذ قيام الثورة السورية على مدى 5 أعوام ماضية، بالإضافة إلى التبعات الإنسانية الكبيرة التي قد تخلفها العمليات العسكرية في حلب في ظل أزمة إنسانية عاصفة.
وأشارت واشنطن بوست في تقرير نشرته لمراسلتها في بيروت، ليز سلاي، إلى أن قوات المعارضة السورية ناضلت لبقائها على قيد الحياة داخل وحول مدينة حلب السورية الشمالية الخميس الماضي، بعد أن ساعد هجوم مكثف شنته المقاتلات الروسية القوات الموالية للحكومة على قطع طريق الإمداد الحيوي، وأرسل موجة جديدة من اللاجئين الفارين باتجاه الحدود مع تركيا.
كان الهجوم الذي تدعمه روسيا ضد مواقع المعارضة السورية في حلب، تزامن مع فشل محادثات السلام في جنيف، وساهم في تعزيز شكوك المعارضة بأن روسيا وحلفاءها في الحكومة السورية هم أكثر اهتمامًا بتأمين النصر العسكري على المتمردين من التفاوض على تسوية سياسية.
وأفادت الصحيفة الأمريكية بأنه وبعد يومين من الضربات الجوية التي وصفتها قوات المعارضة بأنها كانت الأشد وطأة، نجحت القوات الحكومية يوم الأربعاء في قطع طريق الإمداد الرئيسي لقوات المعارضة من الحدود التركية إلى جزء من مدينة حلب التي ما تزال تحت سيطرتهم.
وفي اليوم التالي، سيطرت الحكومة على عدة قرى أخرى في المناطق الريفية المحيطة بها؛ مما أثار مخاوف بين السكان وقوات المعارضة من أن تقع المدينة تحت الحصار قريبًا.
ضربة محتملة للثورة
وفقًا للتقرير، الذي نشر ترجمة له موقع "ساسة بوست"، فإن فقدان حلب، كبرى المدن السورية والمركز الحضري الأهم، على الأقل جزئيًّا، والتي تخضع لسيطرة المتمردين، من شأنه أن يمثل ضربة محتملة حاسمة للثورة السورية التي اندلعت منذ 5 سنوات ضد الرئيس السوري بشار الأسد.
قوات المعارضة كانت قد سيطرت على جزء كبير من المدينة منذ عام 2012، مما دفع تقديرات الاستخبارات الأمريكية أنها في نهاية المطاف قد تطيح بالحكومة في دمشق.
بدلًا من ذلك، كثفت روسيا وإيران مساعداتهما إلى نظام الأسد؛ مما يساعد الحكومة على تقليص الخسائر بشكل مطرد. معظم القوات الموالية للحكومة التي تقاتل الآن في محافظة حلب هم من المليشيات الشيعية من العراق أو أفغانستان التي تم تجنيدهم من قبل إيران لمساعدة حليفها في دمشق، وفقًا لقوات المعارضة والمحللين العسكريين.
قتال حتى الرمق الأخير
بدا المقاتلون المتمردون يائسين في الوقت الذي بلغت فيه الضربات الجوية أكثر من 200 ضربة خلال الـ 24 ساعة الماضية وحدها. وأصدر قادة جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة نداءات عاجلة لتعزيزات من أجزاء أخرى من البلاد.
وقال عبد السلام عبد الرزاق، المتحدث باسم حركة نور الدين زنكي للصحيفة الأمريكية: “إننا نخوض معركتنا الأهم حتى الآن. إننا نقاتل لمنع حصار النظام لحلب”.
وأضاف عبد الرازق: “في الأيام المقبلة، ستكون المعركة شرسة. وسوف نستمر في القتال حتى الرمق الأخير، ونأمل ألا نتخلى عن شعبنا”.
تركيا والسعودية
أيضًا، نوه التقرير إلى أن سقوط حلب في يد الحكومة، يمثل تحديًا كبيرًا لتركيا والمملكة العربية السعودية، أشد مؤيدي المتمردين، ولكن لم يتضح حتى الآن ما يمكنهما القيام به في حال وقع الأسوأ.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، عززت القوات التركية وجودها على طول الحدود مع سوريا، وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشنكوف، للصحفيين في موسكو إن روسيا تشتبه في أن تركيا تستعد للقيام بعمل عسكري في سوريا.
لكن تركيا لديها مساحة محدودة للمناورة في سوريا منذ أن أسقطت طائرة روسية ضلت الطريق لفترة وجيزة في المجال الجوي التركي في ديسمبر الماضي، مما أثار تدابير انتقامية من قبل روسيا.