حتى ما قبل 3 سنوات ظلت سمعة الدولة تتمتع بصورة نقية وزاهية نتيجة السياسة الخارجية "الخيرة" والمحايدة التي تقوم على الوساطة النزيهة بين الأطراف المتنازعة إقليميا ودوليا، وكانت وساطتها تحظى بقبول وترحيب كل الأطراف. و لكن منذ الربيع العربي تحولت الصورة الذهنية الإيجابية عن الدولة إلى صورة سلبية تحظى بمزيد من الانتقادات "والهجاء السياسي"، على حد تعبير مراقبين.
خلال الأيام القليلة الماضية كشفت صحيفة الغارديان وصحف بريطانية أخرى عددا من المواقف السياسية للدولة واستخدام المال السياسي في بعض أزمات المنطقة كما أظهرت قضية ليون الأخيرة والتي باتت جزءا لصيقا للسلوك الدبلوماسي والسياسي الذي حظي بانتقادات واسعة النطاق.
"الثمن الباهظ للسياسة الإماراتية"
بهذا العنوان جاءت افتتاحية القدس العربي اليوم الاثنين(9|11) تتحدث عن قضية ليون المبعوث الأممي إلى ليبيا.
وقالت الصحيفة، "في خبرين صحافيين مهمين كشفت جريدة "الغارديان" البريطانية الآثار الشائكة لتدخّل المال السياسي الخليجي في السياسات العالمية والعربية، عبر فضحها قبل أيام للعلاقة المثيرة للجدل بين الإمارات والوسيط الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون، وكذلك لوقائع خطيرة لمحاولات تدخل المسؤولين في الدولة المذكورة في سياسات بريطانيا الداخلية والخارجية فيما يتعلق بجماعة "الإخوان المسلمين"".
ورأت الصحيفة أن تعامل الإمارات مع ليون سوف يؤدي إلى فشل الوساطة في ليبيا، الأمر الذي سيغرق "المنطقة بالدماء البشرية ويعزز من الفوضى التي يعتاش عليها الطغيان العربيّ وأشكال التطرّف الناتجة عنه".
ووصفت الصحيفة هذا المنهج السياسي بالقول،" "يتجاوز الحدود" السياسية للإمارات، بحيث تُرى آثاره في معارك ونزاعات هائلة واستخدام فائض للمال السياسي في كل المنطقة العربية والعالم بشكل ينعكس سلباً على الإمارات، ..، ويعرضها إلى احتمالات عديدة يصعب تقدير حجم أخطارها ومساوئها على المدى البعيد".
وأضافت الصحيفة، "الإمارات، والمنطقة ككل، ما تزال تدفع ثمن هذا التوجّه لدعم انقلابات أجهزة الاستبداد القديمة على الثورات الناشبة في العالم العربي من خلال تزايد الاستقطاب الذي يعتاش طرفاه عليه: طغيان مقابل تطرّف، فرأينا كيف ازدهر تنظيم «الدولة الإسلامية» مع تبدّد آفاق آمال العرب بتغييرات حقيقية.
وتابعت الافتتاحية، "بالنسبة لبريطانيا، فإن أسوأ ما حصل هو انكشاف سوء فهم الإمارات لآليات اشتغال دولة مؤسسات ديمقراطية مثل بريطانيا، فلا هي، ولا خبراء علاقاتها العامة "الفهلويون" نبهوا أبوظبي إلى أن إمكانيات خضوع السلطة التنفيذية البريطانية لهذا النوع من الضغوط معدومة لأن أي كشف لتجاوب مع هذه الضغوط كان كفيلا بإسقاط رئيس الحكومة والمتورطين فيها".
المال السياسي لأبوظبي
وتحت هذا العنوان كتب رئيس تحرير صحيفة "المصريون" التنفيذي محمود سلطان حول المال السياسي الذي توظفه أبوظبي في التحكم في عدد من دول الربيع العربي.
وقال الكاتب، "المال السياسي الإماراتي فشل في إجهاض التجربة التونسية،.. والمال السياسي الإماراتي فشل في ليبيا، وكانت نتيجته جلب "داعش" لتتمدد وتتسع على الحدود المصرية ـ الليبية.. ودفع بليبيا نحو احتمال تقسيمها.. وحال حدوثه فلن يتوقف التقسيم عند حدودها، وسيضع مصر في بؤرة الخطوة".
وتابع، "المال السياسي الإماراتي.. فشل في اليمن، ولم ينجح إلا في إحكام قبضة إيران على باب المندب"، على حد قوله.