كشف الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية الأربعاء (4|11) أن "أكاديمية الإمارات الدبلوماسية" عينت برناردينو ليون الذي يشغل حالياً منصباً رفيعاً في منظمة الأمم المتحدة مديراً عاماً للأكاديمية مشيدا ومسوقا لهذا الاختيار.
ليون، هو المبعوث الأممي للحوار بين الأطراف الليبيين، حكومة طبرق وحفتر من جهة، وحكومة طرابلس والثوار من جهة أخرى. فلماذا يتم تعيين "ليون" تحديدا، وكيف جرت مفاوضات توظيفه خلف الكواليس، وما هو دور سلطان الجابر وعبد الله بن زايد؟
الغارديان البريطانية كشفت عن ملابسات وكواليس التفاوض بين أبوظبي وليون لاستقطابه لهذه الوظيفة. وذكرت الصحيفة في طبعتها الإلكترونية، الأربعاء، أن المبعوث الأممي إلى ليبيا، برناردينو ليون، كان خلال فترة الصيف الماضي يتفاوض على قبول وظيفة براتب 35 ألف جنيه شهريا مع دولة الإمارات التي تناصر طرفاً في النزاع الليبي الذي يعمل هو على وضع حد له.
من هو ليون؟
وكان الوسيط الأممي ليون، وهو وزير خارجية إسباني سابق، قد تلقى عرضا للعمل في شهر يونيو الماضي من قبل أبوظبي، كمدير عام لـ"أكاديمية دبلوماسية"، وأعلنت الإمارات، الأربعاء، أن ليون قبل العمل كرئيس لهذه الأكاديمية، وهي مؤسسة بحثية مدعومة من الحكومة تأسست السنة الماضية لتسويق السياسة الخارجية الإماراتية وعلاقاتها الاستراتيجية ولتدريب دبلوماسييها، وفق "الغارديان".
وكانت الصحيفة قد أرسلت إلى ليون الإثنين الماضي رسالة، تستفسر منه عن هذه الأنباء، ورد الأربعاء قائلا إنه لم "يتم التوقيع على أي عقد بعد، وكل ما في الأمر هو حديث". وطلب من “الغارديان” ألا تنشر القصة، وعرض مقابلة معها لشرح الأمر. ولكن الإمارات أعلنت الأربعاء عن قبوله الوظيفة قبل إجراء المقابلة.
وقال مصدر سياسي ليبي، فضّل عدم ذكر اسمه، إن مغادرة ليون منصبه الأممي يوم الجمعة ستؤدي عملياً إلى إنهاء التسوية المأمولة بين أطراف النزاع الليبي، كما أنها ستجعل من أي محاولة مقبلة محفوفة بالشكوك والمخاطر حول إمكانية تلاعب المال السياسي الخارجي بالأوضاع الليبية ودفع أطرافها المختلفة إلى التناحر.
ليون، من جهته، أنكر أي تضارب في المصالح، قائلاً إنه كان واضحا في إبداء رغبته بمغادرة المنصب الأممي مع بداية سبتمبر الماضي. وبحسب أقواله التي أوردتها الصحيفة فإن ليون قال في رسالة إلكترونية إليها: "إن دفاعي الوحيد ضد الهجمات التي أتعرض لها هو عملي"، معتبرا أن اقتراحاته للتسوية الليبية تم قبولها من طرفي النزاع.
التفاوض على الوظيفة
وأوردت الصحيفة معلومات تكشف أن الوظيفة الإماراتية عرضت عليه في يونيو (عندما كانت المفاوضات الليبية في أوجها) وأن المفاوضات حول شروط عمله مع الإمارات تواصلت في يوليو وتركزت على زيادة تعويض السكن.
ويشير تقرير الصحيفة إلى أنه في رسالة أخرى من الوزير سلطان الجابر للشيخ عبدالله بن زايد قال فيها إن ليون لن يجد مسكنا مناسبا في أبو ظبي بمبلغ 360 ألف درهم (63 ألف جنيه إسترليني) كمخصصات سكن سنوية. وأنه يطلب ضعف المبلغ لاستئجار منزل للعائلة في جزيرة السعديات (يتراوح إيجاره ما بين 500 ألف إلى 600 ألف درهم إماراتي في العام).
ويقول الجابر أن ليون يعتقد أنه وحسب المبلغ المخصص له من الممكن أن يجد مسكنا مناسبا في مدريد. وفي أغسطس قال ليون إنه سيسافر للاستقرار في أبوظبي مع عائلته.
رسالة "ليون" تكشف انحيازه لحفتر
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي أعده رانديب راميشن إن الإمارات ومصر تستخدمان النزاع الليبي كحقل للصراع ضد الإسلاميين المدعومين من تركيا وقطر، وإن قبول ليون للوظيفة الإماراتية يرفع منسوب الشك في حياديته المهنية، وإن ليون، وبعد خمسة أشهر فقط من بدء عمله كوسيط في ليبيا وجه رسالة بتاريخ (31|12|2014) إلى وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد من بريده الالكتروني الشخصي.
وفي تلك الرسالة يقول ليون إن أوروبا والولايات المتحدة تطالبان بخطة “ب” من خلال مؤتمر سلام تقليدي، وهو، حسب ما قيل على لسان ليون في البريد الإلكتروني الذي كشفته الصحيفة "هذا في رأيي خيار أسوأ من الحوار السياسي لأنه يعامل طرفي النزاع كخصمين متساويين"، ويؤكد ليون في رسالته تلك أنه يريد دعم برلمان طبرق المدعوم من الإمارات ومصر، كما يؤكد ليون في رسالته المذكورة أنه لن يدعو كل الأطراف إلى الحوار، كما يؤكد بوضوح أنه سيستخدم استراتيجية لإفقاد برلمان طرابلس وحكومتها "أي شرعية"، كما يقرّ أن كل خطواته واقتراحاته تمت بالتشاور مع (وأحيانا باقتراح من) السفير الليبي إلى الإمارات، ومع رئيس الوزراء الليبي السابق المقيم في الإمارات محمود جبريل.
ويؤكد ليون في رسالته أنه لن يستطيع البقاء طويلا في منصبه، لأنه كان ينظر إليه باعتباره منحازا إلى حكومة وبرلمان طبرق.
لذلك يرجح ناشطون أن تعيين "ليون" بهذه الوظيفة إنما جاء على سبيل التكريم للدور الذي كان يلعبه في الحوار بانحيازه إلى الطرف الذي تدعمه أبوظبي وهو اللواء المنشق قائد الثورة المضادة خليفة حفتر.