أعلنت دول الخليج في قمتهم الأخيرة في العاصمة القطرية الدوحة، إعلانا لحقوق الإنسان، تضمن 47 مادة تناولت مختلف الحقوق العامة للمواطن الخليجي، غير أنها تضمنت موادا تقوم دول الخليج بانتهاكها باستمرار.
وأول هذه المواد المنتهكة في الإعلان الخليجي لحقوق الإنسان، هي المادة الثانية التي تنص على أن الناس متساوون في الكرامة الإنسانية، وفي الحقوق والحريات، وهم سواسية أمام النظام (القانون)، ولا تمييز بينهم بسبب الأصل أو الجنس أو الدين أو اللغة أو اللون أو بأي شكل من أشكال التمييز الأخرى؛ حيث تنتهك الكويت حقوق المواطنين البدون الذين يحرمون من حقهم في التجنيس، ومن كافة حقوقهم الأخرى المترتبة على الجنسية، مما يعد تمييزا بسبب الأصل ومخالفة لتلك المادة.
وفي المادة التاسعة نص الإعلان على أن حرية الرأي والتعبير عنه حق لكل إنسان، وممارستها مكفولة بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية والنظام العام والأنظمة (القوانين) المنظمة لهذا الشأن، وهي المادة التي ما فتئت الأنظمة الخليجية في معظمها على انتهاكها، حيث تقوم المملكة والإمارات والبحرين على الأخص بانتهاكات كثيرة لحرية الرأي والتعبير لمواطنيها، حيث بلغ عدد معتقلي الرأي في الإمارات وحدها 204 معتقلا حسب ائتلاف المنظمات الحقوقية الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان في الإمارات، وقامت السعودية مؤخرا بالإفراج عن الشيخ محمد العريفي الداعية المعروف وتحديد إقامته بعد 3 شهور من اعتقال قيل إنه بسبب تغريدة انتقد فيها الأداء الحكومي في تنظيم موسم الحج، أما في البحرين فقد قامت بعدة انتهاكات لناشطين سياسيين واعتقالهم لمعارضتهم للنظام السياسي في البحرين خاصة بعد الاحتجاجات التي اندلعت في 2011.
ونصت المادة العاشرة على أن حرية التنقل والإقامة والمغادرة حق لكل إنسان وفقاً للنظام (القانون)، وفي المادة الحادية عشرة نصت على أنه لا يجوز إبعاد مواطن عن بلده أو منعه من الدخول إليها، في حين تقوم العديد من الدول الخليجية بمنع معارضيها من التنقل لمواطنيها، فضلا عن أن أنظمة الكفالة في معظم دول الخليج تحد من حرية إقامة ومغادرة معظم المقيمين العاملين في دول الخليج، كما يمنع العديد من الخليجيين من دخول بلدانهم نظرا لملاحقتهم أمنيا نتيجة معارضتهم للأنظمة السياسية.
وقال الإعلان في المادة الثالثة عشرة أن الجنسية حق لكل إنسان ينظم منحها النظام (القانون)، ولا يجوز إسقاط الجنسية أو سحبها إلاّ في حدوده، وهو ما ينتهك بشكل واسع في دول الخليج خاصة البحرين والكويت والإمارات التي تستخدم الجنسية سلاحا ضد معارضيها، حيث سحبت الكويت الجنسية من العديد من معارضيها أبرزهم نبيل العوضي الداعية الإسلامي والإعلامي سعد العجمي، كما سحب الإمارات الجنسية من العديد من معارضيها الذين تم تحويلهم لمحاكمات وخاصة من المنتمين لجمعية الإصلاح الإسلامية.
وفي المادة السادسة عشرة جاء النص التالي "الحياة الخاصة مصونة لكل إنسان، ولا يجوز التعدي على حرمتها أو شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو اتصالاته، وله الحق في طلب حمايتها"، وهو النص الذي قامت العديد من السلطات الخليجية بانتهاكه حيث قامت بمراقبة مراسلات واتصالات العديد من معارضيها، بينما حرمت أسرهم من رؤيتهم أو التواصل معهم بعد اعتقالهم تعسفيا.
وتنص المادة الثلاثون على أن المشاركة السياسية حق لكل مواطن وله حق الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده، كما له الحق في تقلد الوظائف العامة على قدم المساواة مع الآخرين طبقاً للنظام (القانون) وتعمل الدولة على توفير فرص العمل لمواطنيها، وهو ما ترفضه الأنظمة الخليجية، حيث لا توجد مشاركة سياسية في معظم دول الخليج باستثناء الكويت والبحرين اللتين توجد فيهما أنظمة سياسية انتخابية وتشريعية، غير أن صلاحياتها محدودة لا تؤثر على النظام الحاكم، في حين يعني الملك السعودي كامل مجلس الشورى الذي لا يملك صلاحيات حقيقية بخلاف كونه مجلسا استشاريا للملك والحكومة، ويعين الرئيس الإماراتي نصف المجلس الوطني الإماراتي، وينتخب نصفه بنظام معقد، في حين لا يملك صلاحيات في النظام السياسي الإماراتي، وهو نفس الواقع في عمان.
وقالت المادة الحادية والثلاثون إن حُرية تكوين الجمعيات والنقابات والهيئات مكفولة وفقاً للنظام (القانون)، ولا يجوز إجبار أيّ إنسان على الانضمام إليها، فباستثناء الكويت والبحرين، تمنع تكوين الجمعيات السياسية في كل بلدان مجلس التعاون الخليجي، فضلا عن الأحزاب السياسية.
وجاءت المادة الرابعة والثلاثون لتنص على أنه لا يجوز القبض على أيّ إنسان أو تقييد حريته أو حبسه تعسفاً، وله الحق في المعاملة الإنسانية أثناء التحفظ عليه، ويُفصل المتهمون عن المُدانين مكانياً ويعاملون معاملة تتفق مع وضعهم، فيما نصت المادة السادسة والثلاثون على أنه يُحظر التعذيب (بدنياً أو نفسياً) أو المعاملة القاسية أو المُهينة أو الحاطّة بالكرامة الإنسانية، بالإضافة للمادة السابعة والثلاثون التي قالت "يعامل المحكوم عليهم، بعقوبات سالبة للحرية، معــاملة إنـسانية تُحــترم فيها كرامتهم، وتراعى فيها المعايير الدولية الخاصة بالمؤسسات الإصلاحية والعقابية"، في حين تؤكد معظم المنظمات الحقوقية أن معظم دول الخليج تخالف هذا النصوص مخالفة صريحة وبالأخص الإمارات والسعودية والبحرين، التي أوردت المنظمات الحقوقية فيها عشرات النماذج من حالات الاعتقال التعسفي وانعدام المعاملة الإنسانية، فضلا عن التعذيب المنتشر سواء للمعتقلين أو المحكوم عليهم.