"هذا أسوأ ما توقّعناه"، هكذا علّق مسؤول أردني على مقتل شرطي أردني، ليل الاثنين ــ الثلاثاء الماضي، في قرية دمستان، جنوب غربي العاصمة البحرينية المنامة، نتيجة إصابته بشظيّة قنبلة محليّة الصنع فجّرها عن بعد أشخاص ينتمون إلى مجموعة "إرهابيّة"، كما وصفت وزارة الخارجيّة البحرينيّة، وفقاً لـ"العربي الجديد".
ويرى مراقبون أن الأسوأ في حادثة مقتل الشرطي الأردني علي زريقات، أنّه أعاد قضيّة الدور الأمني الأردني في البحرين، التي تشهد احتجاجات معارضة لنظام الحكم، إلى الواجهة الإعلاميّة، خلافاً لما تتمنّى المملكتان.
غير أن الثابت تمثل باستحالة التستّر على حادثة القتل، التي سارع معارضون بحرينيون إلى الإعلان عنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، متسائلين عن سبب وجود رجل أمن أردني في نقطة اشتباك بين القوات الأمنيّة المحليّة والمعارضة.
ووقد رفض المسؤول الأردني توجيه أصابع الاتهام إلى جهة محددة، مؤكداً أنّ بلاده تنتظر نتائج التحقيقات التي تجريها السلطات البحرينية، في الحادثة.
كما استبعد أن "يؤثّر استشهاد الشرطي زريقات على التعاون الأمني مع البحرين في إطار التدريب، الذي تنظمه اتفاقيات ثنائيّة ملزمة".
على الصعيد الرسمي رسمياً، سارعت المملكتان في نشر النبأ، فأعلنه الجانب البحريني على لسان رئيس الأمن العام اللواء طارق حسين الحسن، فيما اتهم وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، عبر تغريدة على صفحته الشخصيّة على موقع "تويتر"، حزب الله اللبناني بالمسؤوليّة عن مقتل الشرطي الأردني، قائلاً: "رجل أمن آخر يسقط شهيداً في البحرين. قتلته قنبلة من صنع حزب الله الإرهابي".
ومن الجانب الأردني، نعت المديرة العامة لقوات الدرك زريقات، الذي وصفته على لسان مصدر بـ"شهيد الواجب الوطني".
كما أن الرواية الرسميّة الصادرة عن المملكتين، حول أسباب تواجد الدركي القتيل في البحرين، جاءت متطابقة، وهي "عمله ضمن المهمة التدريبيّة المشتركة مع قوات الأمن البحرينيّة والتي تأتي في إطار التعاون الأمني والتدريبي بين البلدين منذ سنوات".
وتُعتبر هذه الرواية، أي "المهمّة التدريبيّة المشتركة"، هي الرواية ذاتها التي تم اعتمادها قبل ثمانية أشهر، عندما تسبّبت زلّة لسان، لوزيرة الإعلام البحرينية، سميرة رجب، مطلع أبريل/ نيسان الماضي، بإماطة اللثام عن وجود قوات الشرطة الأردنية في البحرين، وهو ما كان إثباته يصطدم بالإنكار الرسمي في المملكتين.
وكانت رجب تتحدث في محاضرة في العاصمة عمّان، حين أجابت عن سؤال مباغت لأحد الحاضرين عن وجود الدرك الأردني في بلادها، بقولها: "الشرطة الأردنية موجودة في البحرين بناءً على اتفاقيات أمنيّة موقّعة بين البحرين والأردن. لم نطلب العون من أجنبي، طلبناه من العرب".
وأثبتت الوزيرة المنكر، قبل بلورة رواية التدريب، لنفي الاتهامات التي تتحدث عن مشاركة قوات أمن أردنية، في إخماد الاحتجاجات التي تشهدها البحرين.
وقد ألقى مقتل رجل الأمن الأردني حجراً في مياه ملف، احتاج إلى وقت طويل حتى يركد، في أعقاب تصريحات الوزيرة البحرينية، وعاد ليتصدّر الواجهة الإعلاميّة، وبثّ الروح لدى الناشطين الأردنيين، الذين يعارضون وجود قوات بلادهم في البحرين.
وفيما يتعلق بردود الفعل، فقد حمّل الناشط عبد الله محادين، الذي سبق له المشاركة في الاعتصام أمام السفارة البحرينيّة في عمّان، رفضاً للوجود الأردني في البحرين، حكومة بلاده المسؤوليّة عن مقتل زريقات.
وقال في تغريدة على صفحته الشخصيّة على موقع تويتر: "دم الشهيد العريف الزريقات في رقبة اللي بكمشن عشبابنا وأحلامنا"، مطالباً بسحب الشرطة الأردنية من البحرين، فيما اتهم الإعلامي عبد الله الحمد، على صفحته على "فايسبوك" نظام بلاده بـ"المتاجرة بقواته، وكأنهم سلع تصدّر للخارج".
وفي الجانب البحريني، حمل عشرات المعارضين البحرينيين، على الدور الأمني في بلادهم، واصفين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قوات الدرك الأردنية بـ "المرتزقة"، في وقت دافع فيه بحرينيون مؤيدون للنظام عن الوجود الأردني في بلادهم، معتبرين مقتل الشرطي زريقات "دليلاً على الإرهاب"، الذي يهدّد بلادهم.