خلال الاجتماع الـ33 لوزراء الداخلية بدول المجلس في الكويت، طرحت فكرة بدء إنشاء ما يسمي "الشرطة الخليجية المشتركة"، وهي فكرة يفترض أنها تختلف عن قوة الدفاع الخليجية المشتركة أو ما يعرف بـ"قوات درع الجزيرة"، من جانبه رحب الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي باتجاه دول المجلس إلى تشكيل قوة عسكرية موحدة، ومتوقع أن يصادق الوزراء علي المشروع بصفة نهائية خلال اجتماعهم الذي يسبق القمة الخليجية الـ35 المقرر عقدها في الدوحة هذا الشهر بعدما أصدروا أوامرهم في 27 نوفمبر الماضي ببدء عمل هذه الشرطة المشتركة.
فما هي أهمية هذه الشرطة الموحدة؟ وما أهميتها؟ وهل يقتصر دورها علي التعاون المشترك في الجرائم المالية "غسيل الأموال" أو الجنائية أم يمتد عملها لتكون قوة لحماية الأنظمة في الخليج في ظل تصاعد التحديات الداخلية والخارجية؟، وما الحاجة لشرطة موحدة في وجود قوات دفاع مشتركة تدخلت بالفعل في البحرين في "شأن داخلي" إبان موجات الاحتجاجات عام 2011 في البحرين؟
الشرطة الخليجية الموحدة
التجربة الخليجية المرتقبة ليست الأولى من نوعها في العالم، فكما يرى مراقبون فإن «الشرطة الخليجية» تأتي كعملية إعادة استنساخ لنظريتها الأوربية ومقرها لاهاي بهولندا، والتي تأسست عام 1992 لتحسين التعاون بين قوات الشرطة المختلفة في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
كشف هزاع الهاجري، الأمين العام المساعد للشؤون الأمنية في مجلس التعاون الخليجي عن تعيين المقدم مبارك الخييلى، من دولة الإمارات العربية المتحدة رئيسا لجهاز الشرطة الموحدة، وأن الإمارات ستكون المقر الأول للجهاز الجديد، حيث ستتولي الإمارات رئاسة الدورة الأولى لمقر جهاز "الشرطة الخليجية".
وأضاف «الهاجري» أن رئاسة المركز ستكون بالتناوب بين دول المجلس الست، وذلك بقرار من الأمين العام، على أن تستمر الدورة الواحدة لمدة ثلاثة أعوام، وسوف يخضع مشروع "الشرطة الخليجية" لقاعدة بيانات مشتركة بين دول المجلس على أن يمثل شخص واحد من كل دولة خليجية نقطة اتصال بين دولته وبين "الشرطة الخليجية" في عملية تبادل المعلومات.
مخاوف حقوقية
تتصاعد مخاوف الحقوقيين من أن يكون تشكيل هذه الشرطة الموحدة "الانتربول الخليجي" هدفه تعقب المعارضين، وتوحيد جهود الشرطة الخليجية ضد معارضي الأنظمة وتسليم معارضين بعدما شهدت الفترة الأخيرة مناقشات كبيرة في هذا الصدد بالأخص حول استضافة قطر لمعارضين من البحرين والامارات ما أثار سلسلة أزمات بين الطرفين، وخصوصا أن البحرين كانت هي صاحبة اقتراح من البداية.
حيث يعقب المحامي الكويتي «سعود الشحومي» بقوله: "من الجيد أن تكون دول الخليج بيتا واحدا من أجل الاستقرار والحفاظ على الأمن من خلال إنشاء جهاز للشرطة الخليجية وهو أمر نفخر به، إلا أنني أعتقد أن هذا الجهاز سوف تواجهه بعض العقبات، ولا بد أن نعرف حدود هذا الجهاز وهل الأمر مقتصر على تبادل المعلومات بين دول الخليج، وهو أمر قائم فعليا، أم أن الأمر سيتخطى ذلك لتكوين جهاز للشرطة الخليجية مثل الجيش الخليجي؟".
وأضاف قائلاً: "لا أعتقد أننا بحاجة إلي قوة للشرطة موحدة في الخليج، لافتا إلى أن قوة الدفاع المشتركة موجودة فعليا، وكل بلد له شرطته الخاصة به وأجهزة الشرطة في دول الخليج كافية ووافية ، ولفت إلى أن الأمر لم يتخط كونه توصيات، والسؤال هل هذه المقترحات قابلة للتطبيق أم لا؟".
أيضا صدرت تعليقات من خليجيين علي مواقع التواصل تبدو متحفظة على هذا الجهاز الجديد وتتخوف من دور أمني يتمثل في تعقب المعارضين، إذ تقول "مريم آل سعد" في تغريده علي تويتر: «أصلا ما توحدهم إلا الاتفاقيات الأمنية..!! تبون اتحاد خليجي ..؟؟ هذا معناه انتربول أمني من الشرطة الخليجية».
وعقب " د. زيد الحصان" بقوله: " انتي للحين تحلمين بالعملة الخليجية الموحدة،ماقلتلك انسيها من زمان،شوفي الشرطة الخليجية المشتركة بليله طلعت بسبب وجود ارادة سياسية".
ويقول مراقبون أن ما شهدته دول الخليج من عمليات تجسس وشبكات تخريب خاصة في السنوات الأخيرة، إضافة إلى الاتهامات الخليجية من قبل السعودية والكويت والبحرين لإيران بالعمل على زعزعة الأمن الداخلي لبلادهم، ومن قبل ذلك دولة الامارات التي أبعدت أكثر من 150 مواطنا لبنانياً بدعوى تبعيتهم لخلايا حزب الله اللبناني إضافة إلى التحديات التي أفرزتها الثورات العربية في وجه أنظمة الخليج، فضلا عن الأوضاع الأمنية المتردية في اليمن بسبب انتشار شبكات القاعدة والتي اتخذت اليمن قاعدة لمهاجمة الدول الخليجية خاصة المملكة العربية السعودية، كل هذه قد تكون مبررات كافية لحكام الخليج للذهاب نحو تفعيل جهاز "الشرطة الخليجية".