كشفت صحيفة أن أبوظبي قامت بترحيل مهندس اتصالات فلسطيني مع عائلته خارج البلاد على خلفية رفضه شرب زجاجة "بيبسي" بسبب المقاطعة الناتجة عن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بعد 20 عاماً قضاها في العمل داخل الإمارات.
وأوضحت صحيفة "عربي 21" أن القصة بدأت حين امتنع الفلسطيني "س.م" عن تناول مشروب الكولا من زجاجة "بيبسي" كانت تتوسط طاولة في مقر مؤسسة حكومية يعمل بها في إمارة أبوظبي، خلال احتفال بعيد ميلاد أحد الزملاء في المكان، حيث علّق بشكل تلقائي أمام الحضور أن "بيبسي مقاطعة"، وهو ما أدى الأجهزة الأمنية إلى ترحيله.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة قولها إن الفلسطيني المذكور استدعي إلى مقر جهة أمنية في أبوظبي بعد يومين من الحادثة فقط، وأُخبر أن عليه المغادرة من البلاد خلال أيام قليلة، وهو ما تم بالفعل، إذ اضطر إلى تصفية أعماله، وسحب أولاده من مدارسهم، وسافر عائدا إلى الأردن حيث يحمل جوازا مؤقتا فيها.
تشديد أمني وملاحقات
ولم يكن "س.م" الوحيد الذي طالته أوامر الترحيل على خلفية تعاطفه مع مما يجري في غزة، فقد قالت المصادر إن فلسطينية أخرى مقيمة في دبي تلقت أمرا من جهة أمنية بالمغادرة خلال 48 من البلاد، بعد أن نشرت نعيا لأحد أقربائها الصحفيين والذي استشهد خلال حرب الإبادة الجماعية في غزة.
كما نقلت الصحيفة عن مصادر أن هناك متابعة وتدقيقاً أمنياً شديداً يلاحق الفلسطينيين، والجاليات العربية في الإمارات عموما، حيث يُحرم هؤلاء من إظهار أي تعاطف مع ما يجري في غزة، ويمنعون من ارتداء الكوفية الفلسطينية أو القلادات التي تحمل خارطة فلسطين أو حتى الإعلام الفلسطينية، حتى وصل الأمر حد تحذير البعض من وضع صور لخارطة فلسطين أو أعلام فلسطينية داخل منازلهم، وإلا سيواجهون الترحيل من البلاد.
وتؤكد المصادر أن فلسطينية من غزة تحمل إقامة إماراتية، جرى إجلاؤها منتصف حرب الإبادة في غزة، تعرضت للتحقيق المطول داخل دائرة أمنية في دبي بعد أيام قليلة من وصولها هناك، حيث تعرض هاتفها للتفتيش بدقة، شمل الاطلاع على رسائل "الواتساب" ومواقع التواصل الأخرى، كما سئلت عن عائلتها وانتماءاتهم التنظيمية.
ووجه ضابط التحقيق تحذيرا شديدا من المشاركة أو الانخراط في أي عمل تضامني مع غزة، بما يشمل النشر على مواقع التواصل أو حتى داخل برامج وتطبيقات الاتصال كـ"واتساب" أو "تلغرام".
وفي حالة أخرى، ذكرت الصحيفة -نقلاً عن المصادر- أن سيدة من جنسية عربية تعمل مدرسة في إحدى المدارس الخاصة، خُيّرت بين أن تعمل مخبرة للجهات الأمنية في أبوظبي أو تواجه الترحيل من البلاد، وذلك بعد أن استدعيت للمثول أمام دائرة أمنية في الإمارة.
ويشتكي فلسطينيون وعرب في الإمارات من قبضة أمنية شديدة وعمليات مراقبة يتعرضون لها منذ سنوات عديدة، لكنها ازدادت ضراوة بعد اتفاق التطبيع الذي وقعته أبوظبي مع الاحتلال الإسرائيلي في 2020، وفي أعقاب حرب الإبادة الجماعية في غزة في أكتوبر 2023.
كاميرات مراقبة
وقال تاجر مقيم في إمارة دبي في للصحيفة إن "القلق والخوف يلازمنا في كل خطوة نخطوها في الإمارات، خشية حملة الترحيل والملاحقة التي يتعرض لها المقيمون في الإمارات".
وشدد قائلا: "نشعر أن أنفاسنا معدودة علينا في هذا البلد، الرقابة شديدة للغاية، ففي لحظة واحدة يمكن أن تخسر كل ما بنيته على مدار سنين طويلة، لسبب تافه أو بناء على تقرير أمني جائر".
ولفت إلى أن جهة أمنية أجبرته على وضع كاميرات مراقبة في أحد المصانع التابعة له في منطقة المصفح في أبوظبي، وقامت بربطها بنظام محوسب يتبع لها لتتمكن من متابعة ما يجري في المكان.
وذكر التاجر الذي رفض ذكر اسمه خشية ملاحقته، أنه يفكر جديا في نقل استثماراته التي تقدر بملايين الدولارات إلى دول بديلة، على ضوء التطورات الجديدة، والقبضة الأمنية الشديدة التي قال إنها تؤثر على مناخ العمل، وتمثل بيئة طاردة للمستثمرين.