كشف تحقيق صحفي لموقع عربي بوست عن تجسس إسرائيلي محتمل على هواتف سامسونج في الشرق الأوسط، ومن بينها الإمارات، عبر تطبيق غير قابل للحذف يحمل اسم AppCloud، يُثبَّت مسبقاً في أجهزة الفئة المتوسطة والاقتصادية من الشركة ويجمع بيانات المستخدمين دون إذن مباشر.

يأتي هذا التحقيق في ظل تساؤلات أوسع حول الدور الإسرائيلي في تطوير تقنيات المراقبة، وسط اتهامات متكررة لشركات إسرائيلية بابتكار أدوات تجسس متقدمة استُخدمت ضد سياسيين وناشطين وصحفيين حول العالم، على غرار برنامج بيغاسوس الذي أثار فضائح ومحاكمات دولية، وكان مرتبطاً بشراكات أمنية واسعة مع الإمارات.

نتنياهو.. التكنولوجيا كسلاح نفوذ

قبل أيام، صرّح رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام وفد من الكونغرس الأمريكي قائلاً: هل لديك هاتف محمول؟ إذن أنت تحمل قطعة من إسرائيل هنا، في إشارة إلى الحضور الإسرائيلي القوي في صناعة التكنولوجيا.

وبحسب تحقيق عربي بوست، لم يكن ذلك مجرد استعراض سياسي؛ إذ تزامن مع كشف معلومات عن تطبيق AppCloud الإسرائيلي المدمج في أجهزة سامسونج المخصصة لأسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، دون علم المستخدمين.

انتشار حصري في الشرق الأوسط

التحقيق أكد أن التطبيق يوجد حصراً في هواتف موجهة إلى أسواق غرب آسيا وشمال أفريقيا، ولم يُعثر عليه في الأجهزة المباعة في أوروبا أو أمريكا، وقد وثق فريق الصحيفة وجود التطبيق في متاجر بالأردن ومصر والمغرب وسوريا ولبنان والعراق وتركيا.

ويتركز وجوده في سلسلتي Galaxy A وGalaxy M الأكثر مبيعاً عالمياً، مع تقديرات ببلوغ شحنات Galaxy A أكثر من 89 مليون وحدة في 2025.

وفي المغرب، وُجد أن بعض المؤسسات الحكومية توزع هذه الأجهزة على موظفيها، ما عزز المخاوف من انتشار غير مُصرح به.

ما هو تطبيق AppCloud؟

تطبيق AppCloud هو جزء من منصة أوسع باسم Aura، طورته شركة IronSource الإسرائيلية التي يقع مقرها في #تل_أبيب ويقودها مؤسسها الإسرائيلي تومر بار زئيف، حتى بعد استحواذ شركة Unity الأمريكية عليها.

ورغم أنه يُقدَّم كتطبيق يتيح اقتراح ألعاب أو تطبيقات، إلا أن صلاحياته أوسع بكثير، والأخطر أن إلغاء تثبيته غير ممكن إطلاقاً، على عكس تطبيقات مثل واتساب أو تويتر.

بحسب ما رصده "عربي بوست"، فإن تطبيق Appcloud في سامسونج موجود على أجهزتها بإحدى طريقتين:

▪️مثبّت مسبقاً عند الشراء، وذلك بحسب موديلات بعض الأجهزة التابعة لسامسونج.

▪️يثبّت لاحقاً، بعد طلب تحديث لنظام الهاتف.

وللعثور على التطبيق، والتأكد من عدم وجوده على جهازك، اتبع الخطوات التالية:

1- اذهب إلى الإعدادات

2- اذهب إلى التطبيقات Apps

3- اكتب في البحث AppCloud، مع عدم وجود مسافة بينهما.

وعند البحث، تبيّن أن الموقع الرسمي لمجتمع مستخدمي سامسونج التابع للشركة، شهد شكاوى من مستخدمين بسبب وجود التطبيق على هاتفهم، متسائلين عن طريقة حذفه، وكذلك على موقع Reddit الشهير للاستفسارات والأسئلة، معبّرين عن سخطهم بعد إجراء تحديث للنظام ونزول التطبيق بعد ذلك، بسبب عدم إمكانية حذفه.

ردود سامسونج

فريق التحقيق تواصل مع مكتب الرئيس التنفيذي الإقليمي لـ سامسونج في إحدى الدول العربية، فجاء الرد على شكل إقرار ضمني بوجود مخاوف، أن التطبيق مدمج بعمق في النظام ويُصنّف كتطبيق نظام، ما يجعل حذفه غير ممكن رسمياً، ويُثبّت تلقائياً بعد تحديثات النظام حتى لو لم يكن موجوداً مسبقاً خصوصاً بعد تحديثات النظام أو الأمان، وأن سامسونج اطلعت على تقارير بهذا الشأن.

وعن مدى انتشاره، كشف أن الشراكة مع IronSource/Unity نشطة في أكثر من 30 سوقاً وتم توسيعها إلى أكثر من 50 سوقاً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأن منصة Aura التي يتبع لها AppCloud دُمجت على أكثر من 1.1 مليار جهاز سامسونج عالمياً. وردّاً على أسئلة محددة، جاء على لسانه:

وحسب التقرير، فإن بيانات المستخدمين تُجمع بغرض "تقديم توصيات للتطبيقات"، وتشمل أنماط الاستخدام والموقع الجغرافي ومعلومات الجهاز وعناوين IP، لكن تفاصيل مشاركتها مع أطراف خارجية غير واضحة.

لا يوجد تصريح رسمي من سامسونج حول خصوصية التطبيق، كما أن الموافقة الصريحة من المستخدمين غير مضمونة ضمن شروط الاستخدام المعقدة.

التجسس التكنولوجي الإسرائيلي

ترتبط قضية AppCloud بمشهد أوسع؛ إذ تُتهم شركات إسرائيلية منذ سنوات بالريادة في تقنيات التجسس والمراقبة مل:

NSO Group (مطورة بيغاسوس) التي استُخدمت في اختراق هواتف سياسيين وصحفيين.

Candiru لإنتاج برمجيات اختراق خفية.

Cellebrite لاستخراج بيانات الهواتف.

Toka للتجسس على أجهزة "إنترنت الأشياء".

AnyVision/Oosto لتقنيات التعرف على الوجوه، المتهمة بمراقبة الفلسطينيين.

غالبية هذه الشركات أسسها ضباط سابقون في وحدة 8200 الإسرائيلية المتخصصة في التنصت الإلكتروني، وتعمل بترخيص من وزارة الحرب الإسرائيلية. وقد فرضت الولايات المتحدة قيوداً على بعضها، فيما رفعت شركات مثل فيسبوك وآبل دعاوى قضائية ضدها.

من بيغاسوس إلى G42 وتطبيق ToTok

لا يقتصر القلق على الهواتف فقط، بل يرتبط أيضاً بالبنية الأمنية في الإمارات، حيث تشير تقارير عن إدارة برنامج بيغاسوس داخل الإمارات عبر شركة دارك ماتر، التي ضمّت مسؤولين سابقين من الاستخبارات الإسرائيلية ووكالة الأمن القومي الأمريكي.

الشركة ارتبطت مباشرة بـ G42، الذراع التكنولوجية الكبرى في أبوظبي، والتي نفت علاقتها رسمياً لكنها تشترك معها في الإدارة عبر الرئيس التنفيذي بينغ شياو.

تحقيقات دولية كشفت مشروع "ريفين" الذي تورطت فيه دارك ماتر بالتجسس على مئات النشطاء والقادة السياسيين في الخليج والعالم.

الإمارات أيضاً واجهت فضيحة تطبيق ToTok، الذي رُوّج له كوسيلة اتصالات مجانية لكنه تبين لاحقاً أنه أداة تجسس، ما دفع آبل وجوجل إلى إزالته من متاجرهما بعد تحذيرات المخابرات الأمريكية.

التقرير أعلاه بثير في هذا السياق أسئلة مقلقة حول حجم البيانات التي تملكها "إسرائيل" وشركاتها التكنولوجية التابعة للأنظمة عن دول الخليج مثل الإمارات، لا سيما في ظل الشراكات الأمنية والتكنولوجية القائمة.

وتتزايد المخاوف مع غياب الشفافية بشأن تطبيقات مثل AppCloud التي لا يمكن حذفها، وتعمل في مناطق محددة جيوسياسياً، ما يجعلها موضع ريبة بشأن استخدامها في أغراض تتجاوز مجرد "توصيات التطبيقات".

اقرأ أيضاً 

ماهي "G42"؟ وكيف يستخدمها الشيخ طحنون لبسط نفوذه في الدولة؟

ثلاثي التجسس بأبوظبي.. شركة سيبرانية جديدة تعزز موقعها في الإمارات (تحقيق حصري)

مشرعون أمريكيون يطالبون بمعاقبة شركة تجسس إماراتية وشركات أخرى