اتهمت وزارة الخارجية السودانية، السبت، أبوظبي بمواصلة "التحركات التخريبية" في المحافل الدولية لحماية قوات الدعم السريع، التي وصفتها بـ"الميليشيا الإرهابية" المتورطة في جرائم إبادة جماعية وانتهاكات جسيمة بحق المدنيين.
وأدانت الوزارة ما قالت إنه "سعي إماراتي ممنهج لتوفير غطاء دبلوماسي" لتلك القوات، التي تقاتل الجيش السوداني منذ أكثر من عام.
وقالت الوزارة، في بيان رسمي، إنها رصدت ما وصفتها بـ"التحركات البائسة" لوفد الإمارات خلال اجتماعات حركة عدم الانحياز على مستوى الخبراء التي عُقدت الأسبوع الماضي في نيويورك، مشيرة إلى أن الوفد حاول منع الإشارة إلى التضامن مع السودان في البيان الختامي، كما سعى إلى حذف أي وصف لقوات الدعم السريع بأنها "كيان متمرد على الشرعية الوطنية".
وذهبت الخرطوم إلى أبعد من ذلك، باتهام الوفد الإماراتي بمحاولة إدخال فقرات في البيان تشير إلى "حكومة موازية" تسعى أبوظبي إلى إنشائها في المناطق التي تسيطر عليها الدعم السريع، في تحدٍ واضح لقرارات مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي، ورفض دولي واسع لأي ترتيبات تمس وحدة السودان وسيادته.
دعم إماراتي موثق ومواقف دولية رافضة
وتلاحق أبوظبي اتهامات مستمرة من السودان تتعلق بتمويل وتسليح قوات الدعم السريع، وهي اتهامات عززتها عشرات الأدلة وتقارير موثوقة لمنظمات حقوقية دولية، رغم نفي أبوظبي المتكرر. وتقول الخرطوم إن هذا الدعم يشمل احتضان قادة الدعم السريع، وتوفير ملاذات آمنة لهم، والإشراف المباشر على أنشطتهم، بما في ذلك الدعم اللوجستي والتقني.
وفي هذا السياق، أشارت الخارجية السودانية إلى تقرير حديث نشرته صحيفة نيويورك تايمز، ذكر أن الإمارات وفّرت لقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) ملاذاً آمناً داخل أراضيها، وأنه كان على تواصل مباشر مع رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وشقيقه الشيخ منصور بن زايد، إضافة إلى مسؤول ثالث شارك في تنسيق شبكات تمويل وتسليح غير قانونية عبر شركات وهمية.
وحذّرت الوزارة من أن ما وصفته بـ"الارتباط العضوي بين نظام أبوظبي والدعم السريع" يمثّل تهديداً مباشراً للسلم والأمن في السودان والمنطقة، ويجعل من الإمارات "نظاماً مارقاً" على القوانين الدولية وتقاليد الدبلوماسية الجماعية، وفق نص البيان.
مساعٍ للإفلات من العقاب
وأضاف البيان أن تحركات أبوظبي لحماية الدعم السريع ليست جديدة، بل تكررت في مناسبات دولية مختلفة، من بينها اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي التي عُقدت في يونيو الماضي، وكذلك في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، حيث حاولت أبوظبي "منع إدانة الدعم السريع، وتهرّب من مسؤوليتها المباشرة عن جرائم الإبادة الجماعية والانتهاكات التي ترتكبها الميليشيا".
ووصفت الخارجية السودانية قوات الدعم السريع بأنها "ميليشيا الجنجويد الإرهابية"، وأكدت أن الإمارات ما تزال تقدم لها غطاءً سياسياً وإعلامياً ودعماً مادياً مباشراً، رغم الإدانات الواسعة من مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي وعدد من الدول الكبرى، بينها الولايات المتحدة والسعودية، التي رفضت فكرة تشكيل حكومة موازية في السودان.
أبوظبي ترد: اتهامات قديمة ومزاعم غير مثبتة
من جهته، نفى أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، هذه الاتهامات، وقال في منشور له عبر منصة "إكس" بداية يوليو، إن أبوظبي أجرت اتصالات مباشرة مع كل من رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع حميدتي، استجابة لطلب من الممثل الخاص للأمم المتحدة، في إطار مساعٍ دبلوماسية لمنع تصاعد الحرب.
وأكد قرقاش أن الإمارات "تؤمن بأولوية وقف القتال والتوجّه نحو حل سياسي يفضي إلى حكومة مدنية مستقلة"، مضيفاً أن التقرير الذي نشرته نيويورك تايمز "يُعيد تدوير مزاعم قديمة وغير مثبتة".
وتعيش العلاقات بين الخرطوم وأبوظبي توتراً غير مسبوق، بلغ ذروته في مايو الماضي، حين أعلنت الحكومة السودانية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الإمارات، متهمةً إياها بشكل مباشر بدعم هجمات بطائرات مسيّرة استهدفت مدينة بورتسودان، وهو ما نفته أبوظبي جملة وتفصيلاً.
وفي خطوة تصعيدية، قدّمت الخرطوم دعوى أمام محكمة العدل الدولية، تتهم فيها الإمارات بالتورط في "أعمال إبادة جماعية" من خلال دعمها لقوات الدعم السريع. لكن المحكمة رفضت النظر في القضية استناداً إلى تحفظات قانونية قدمتها أبوظبي، تتعلق ببنود في اتفاقية جنيف.
وختمت وزارة الخارجية السودانية بيانها بالتأكيد على أن السودان "لن يقف مكتوف الأيدي إزاء المحاولات المستمرة لاستخدام المنصات الدولية لتبييض جرائم الدعم السريع"، مضيفة أن أبوظبي "تحاول فرض واقع جديد يخالف الشرعية الدولية"، وأن "الشعب السوداني لن يقبل بأي تسوية سياسية تغض الطرف عن الجرائم والانتهاكات، أو تمنح الشرعية لرعاة الإرهاب".