أثار تسلُّم الحكومة المصرية الحالية لمنحة كويتية تُقدر بمليار دولار، لا تُرد، موجة من الجدل عبر مواقع التواصل الإجتماعي المختلفة. تباينت الآراء حولها بين من يرى أن دولة الكويت كان ينبغي لها أن تضع شرط لسداد المنحة على مصر، وبين من لايرون أن الدولة الخليجية الغنية كان ينبغي لها من الأساس توجيه تلك المنحة في حين لايزال الداخل الكويتي يحتاج إلى العديد من الإصلاحات التي رأوا أنها الأولى بتلك المخصصات المالية الضخمة.
وأعلن مقرر اللجنة الإسكانية البرلمانية النائب راكان النصف أن المشاريع الاسكانية والتنموية والشعب في الكويت أولى بالمليار الدولار، مشيرا الى أن "الحالة المالية للدولة لا تتحمل تقديم منح بهذه المبالغ".
بدوره استنكر النائب حمدان العازمي، تخصيص تلك المنحة الضخمة لدولة أخرى، في حين يتم رفض العديد من التعديلات والعلاوات في الدولة بحجة العجز في الموازنة الكويتية، قائلا: "كيف تبلغنا الحكومة بوجود عجز كبير في الميزانية لا يسمح بإقرار أي زيادة، بينما هي في نفس الوقت تخرج مليار دولار كاملة سبقته 3 مليارات دولار كمنح لدولة أخرى؟ وأين المواطن من اهتمامات الحكومة؟ ولماذا نسارع بدفع اموالنا للدول ومواطنونا يعانون من سوء الخدمات وضعف الرواتب"؟.
وأشار العازمي إلى وجود استياء عام لدى المواطنين يمكن أن يتحول إلى نوع آخر من الاعتراض لن يفيد الدولة، التي لم تستجب لمتطلباتهم أو حتى تضعهم في حسبانها، وتجاهلت العديد من الإضرابات العمالية، ومطالبات المزارعين ومربي الثروة الحيوانية والعاملين في قطاعات الدولة المختلفة الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة، مشيرا إلى أن مثل هذه الأمور تشجع المواطنين على العودة إلى الإضرابات وتوتر الشارع من جديد بعد حالة من الهدوء سعى الجميع لإقرارها من أجل مصلحة الكويت.
فيما اعتبر المعارض الكويتي، والنائب السابق وليد الطبطبائي، أن تلك المنحة هي "عطية من لايملك لمن لايستحق وسيتم توظيفها لخدمة بطش العسكر"، على حد قوله.
وهو ما اتفق مع رأى آخرين، فسّروا أن تلك المنحة الأخيرة ما هي إلا استمرار في سياسة دعم الكويت السخيّة لحكومة الانقلاب العسكري في مصر، من منطلق اتفاق الكويت مع الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، في هدف إقصاء الإسلاميين ودورهم السياسي، واعتبار جماعة الإخوان المسلمين "جماعة إرهابية".
وعبر وسم "#منحة_السيسي_المليارية"، قالت إحدى المغردات مستنكرة: "والبلد من خرابه لخرابه والمنح تتوزع علي الفساد في الأرض"، مضيفة في تهكُّم: "كمواطنة كفل لي الدستور حق المساواه نطالب بمساواتنا بالدول اللي تتوزع عليها اموال الشعب".
فيا سخر الناشط الكويتي خالد الدوه من الحكومة قائلا: "مسكينة الحكومة كل ما يطلع وزير يصرح بأن الديره بتفلس تكسر فيه الحكومة وتتبرع حق دولة بره #أرفض_منحة_المليار".
أما الناشط صالح الفيلكاوي، فقال ساخرا من بزخ الحكومة الكويتية على حكومة الانقلاب وعجزها في تلبية مطالب شعبها قائلا: "شعب قاعد يطمش على مليارات رايحة يمين ويسار والحبيب يقول السكينة وصلت العظم». في إشارة إلى تصريحات مسؤول كويتي حذّر قبل أيام من عجز في الموازنة يكاد يصيب الدولة مع استمرار انخفاض أسعار النفط العالمية.
فيما شكّك آخر فيما تداولته الحكومة الكويتية من نيلها موافقة مجلس الأمة (البرلمان) قبل توجيه المنحة إلى مصر، متسائلا: "متى تم إقرار #منحة_السيسي_المليارية من مجلس الأمة ؟ اللي وافقوا عليها هل زاروا مستشفيات الكويت قبل إقرار المنحة ؟!".
يأتي ذلك بعد تصريحات وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله، الأربعاء الماضي، التي قال فيها أنه تماشيا مع "سياسة الترشيد" التي "بدأت تتحول استراتيجية حكومية قريبا"، فإن انخفاض اسعار النفط "شكل هاجساً كبيراً لدى الحكومة وكان محور اهتمامها ونقاشاتها خلال الفترة الماضية". محذّرًا بقوله: "السكين وصلت للعظم بقرب أسعار النفط من سعر التعادل بالموازنة، وتالياً، أي انخفاض آخر سيترتب عليه عجزاً فيها، لذلك علينا اعادة ترتيب ابواب الموازنة، وترشيد الإنفاق وأوجه الصرف وتضخيم الإرادات غير النفطية".
هذا وقد ذكر مصدر حكومي مسؤول الخميس، أن مصر حصلت على مليار دولار منحة من الكويت الاثنين الماضي. في الوقت الذي تحظى مصر فيه بدعم قوي من السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت، التى قدمت لها مساعدات بمليارات الدولارات منذ عزل الرئيس محمد مرسى في يوليو 2013.
وردا على سؤال لوكالة رويترز عبر الهاتف قال المصدر الحكومى، الذى طلب عدم الكشف عن اسمه، "نعم حصلنا على مليار دولار منحة من الكويت يوم الاثنين الماضي".
وللسعودية والإمارات والكويت -كما تقول رويترز- مصالح سياسية قوية في الحيلولة دون حدوث انهيار اقتصادي في مصر قد يسمح بعودة جماعة الإخوان المسلمين التى تعتبرها تلك الدول الخليجية عدوا لدودا لها.