06:57 . مجلس التعاون الخليجي يدعو لرفع العقوبات عن سوريا... المزيد |
05:51 . "طيران الإمارات" تمدد إلغاء رحلات بيروت وبغداد... المزيد |
02:09 . "موانئ أبوظبي" تستكمل دمج أصول شركة "نواتوم"... المزيد |
01:23 . تقارير: زوجة الرئيس المخلوع بشار الأسد تعاني بشدة من سرطان الدم... المزيد |
12:38 . فرنسا: إنقاذ 107 مهاجرين خلال محاولتهم عبور المانش إلى بريطانيا... المزيد |
12:05 . حاكم الشارقة: أهل الخليج تربوا على الوحدة والترابط والأخُّوة الحقيقية... المزيد |
11:42 . الذهب يلمع وسط ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية... المزيد |
11:11 . البحرين تبدأ استقبال طلبات السوريين الراغبين بالعودة لبلادهم... المزيد |
10:56 . الكويت تعلن إجراءات جديدة لملف سحب الجنسية... المزيد |
10:50 . استشهاد خمسة صحفيين وغارات إسرائيلية على مناطق مختلفة بغزة... المزيد |
10:41 . أسعار النفط ترتفع قليلا بدعم من آمال التحفيز الصيني... المزيد |
10:38 . مقتل 14 من عناصر الداخلية السورية الجديدة على يد "فلول" النظام السابق... المزيد |
12:18 . البحرين يفوز على العراق ويتأهل لنصف نهائي كأس الخليج... المزيد |
12:17 . الإمارات وتركيا تؤكدان ضرورة تكثيف الجهود لمنع اتساع الصراع في المنطقة... المزيد |
10:20 . السعودية تقلب تأخرها أمام اليمن إلى فوز مثير في "خليجي 26"... المزيد |
09:07 . صحيفة بريطانية: الإمارات تصبح أكبر مستثمر في أفريقيا وسط مخاوف بشأن حقوق الإنسان... المزيد |
كانت فترة الاسبوعين كافية لإنهاء أكثر من نصف قرن من حكم عائلة الأسد، وانتصرت الثورة السورية بعد 14 عاماً على انطلاقها. لكن تداعيتها على المنطقة لا تزال غامضة، فالهجوم المفاجئ يغيّر سياسات حلفاء الأسد، وفي مقدمتهم الإمارات وإيران وروسيا.
فمنذ 2018 لعبت أبوظبي دوراً مهماً لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية، والذي تكلل بالنجاح في 2023، وقالت أبوظبي إن أهداف سياساتها الخارجية في سوريا استراتيجية لبناء نفوذ فيها والمنطقة العربية، وتضييق الخناق على النفوذ الإيراني، والاستثمار في إعادة إعمار سوريا المستقبل.
لذلك فإن سقوط بشار الأسد يحمل تداعيات كبيرة على دولة الإمارات، لا تقتصر على التحديات السياسية والأمنية، بل وحتى الفرص الاقتصادية، مما يُحتم عليها استجابة مرنة في التعامل مع هذا المتغير الإقليمي المهم.
يناقش هذا التقرير جزئيتين رئيسيتين: الأولى هي دعم أبوظبي لنظام الأسد ضد أبناء شعبه حتى الساعات الأخيرة لحكمه، والثانية تداعيات سقوطه على السياسة الداخلية والخارجية للدولة.
دور أبوظبي في دعم الأسد
بعد انتفاضة 2011 كانت الإمارات داعماً للمعارضة السورية، وقطعت علاقتها مع حكومة الأسد وساهمت في تسليح الجيش السوري الحر في وقت مبكر من الصراع السوري. وفي عام 2014، قال حاكم دبي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء، حاكم دبي، عن الأسد: "إذا قتلت شعبك، فلن تتمكن من البقاء في السلطة، وفي النهاية سوف ترحل".
ومع ذلك، ورغم الرفض الشعبي والخليجي والدولي من حلفاء الإمارات مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، قامت أبوظبي في 2018 بتطبيع العلاقات مع بشار الأسد، وكانت الدولة العربية الأولى التي بدأت التطبيع مع النظام الذي قتل أكثر نصف مليون من شعبه وشرد أكثر من 12 مليوناً، وحكم هو ووالده البلاد بالحديد والنار خلال أكثر من 50 عاماً. كان ذلك بعد عام من تحقيق نظامه، بدعم روسي وإيراني وميليشيات طائفية، انتصاراً على قوى الثورة السورية ومحاصرتها في منطقة قرب الحدود التركية.
كانت أبوظبي ترى أن الأسد قد نجا من الربيع العربي، وهُزمت الثورة السورية التي يقود معظم فصائلها ما تعرِّفهم الدولة بـ"الإسلام السياسي" والذين شنت عليهم حرباً ضروساً في معظم أنحاء العالم العربي. وانعكس ذلك كذلك على داخل الدولة بسجن العشرات من المطالبين بالإصلاحات، وتنفيذ محاكمات لعدد من الناشطين الإماراتيين بتهمة إرسال مساعدات للثوار السوريين.
رئيس الدولة يستقبل بشار الأسد في أول زيارة للأخير إلى دولة عربية منذ ثورة 2011 - مارس 2022
هدفت أبوظبي من خلال دعم بشار الأسد منذ 2018-2024 إلى عدة أمور:
تعزيز النفوذ الإقليمي: سعت أبوظبي إلى تعزيز دورها كقوة مؤثرة في المنطقة من خلال بناء علاقات قوية مع دمشق ذات الثقل الكبير في المنطقة. وبالفعل أخرجت نظام الأسد من العزلة إلى العودة، وامتلكت الدولة تأثيراً -وإن كان محدوداً- على بشار الأسد.
فأعادت أبوظبي فتح سفارتها رسميًا في دمشق في عام 2018، وفي عام 2022، استضافت الأسد في زيارة رمزية: في أول رحلة له إلى دولة عربية منذ بدء الانتفاضة الشعبية السورية التي تحولت لاحقا إلى "حرب أهلية".
ومقابل ذلك لم تطلب أبوظبي من الأسد أي تنازلات سياسية محلية أو عربية، أو بشأن وقف جرائم الإبادة في بلاده وتنفيذ الاتفاقات المعترف بها دولياً وقرارات مجلس الأمن، على الرغم من أن خطوات الدولة كانت مهمة في إعادة تطبيع نظام الأسد في المنطقة.
فرص اقتصادية: هدفت أبوظبي إلى الاستفادة من السوق السوري المدمر بعد الحرب، بما في ذلك الاستثمار والبنية التحتية، وهي فرصة أيضاً للاقتصاد السوري الذي كان يعاني بالفعل من العقوبات الأمريكية والغربية. لكن الوضع في سوريا كان يحتاج إصلاحاً شاملاً في الاقتصاد وشؤون أخرى. كان النظام المغرور معطوباً تماماً ويرفض تقديم أي إصلاحات. وقال وزير التجارة الخارجية ثاني الزيودي في مارس 2023 إن "الإمارات تريد فتح الاقتصاد السوري، على الرغم من العقوبات الغربية". وضغطت أبوظبي على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لرفع العقوبات عن نظام الأسد.
كما عاود مجتمعا "الأعمال الإماراتي والسوري" التعامل، وشارك نظام الأسد رسمياً في معرض إكسبو 2020 دبي. وتم توقيع عدد من مذكرات التفاهم، فضلا عن توقيع عقد في نوفمبر 2021 لبناء محطة للطاقة الشمسية في دمشق. وحافظ رجال الأعمال التابعون للنظام السوري على شبكة معقدة من الشركات الواجهة في دبي لاستخدامها كمراكز تحويل للمدفوعات إلى سوريا.
حصن ضد الجماعات الإسلامية: نظرت أبوظبي إلى نظام الأسد باعتباره حصناً ضد الجماعات الإسلامية التي تهيمن على المعارضة المسلحة في سوريا. ويقول مركز صوفان للدراسات الأمنية (أمريكي) إن أبوظبي لا تميز بين الجماعات الإسلامية السائدة التي تدعو للعمل السلمي وممارسة العمل السياسي وحرية الرأي والتعبير، والتي تسمى (الإسلام السياسي)، والمنظمات العنيفة، مثل تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة. وقد تسببت أيديولوجية وسياسات أبوظبي منذ 2011 إلى البروز بشكل واضح في دعوات الأسد ونهجه، بعدم الاهتمام كثيرا بالتطور السياسي الإقليمي نحو موافقة الشعب على من يدير شؤون حياته. وزار قادة المخابرات السورية الإمارات بشكل دوري خلال 2019-2024م.
دعم "إسرائيل": بعد بدء الحرب في غزة، قامت أبوظبي بالضغط على دمشق لتبقى بعيدة عن الصراع، مما ساعد في اتخاذ الأخيرة موقفاً محايداً، رغم حملة القصف الإسرائيلية العنيفة على سوريا، ومقتل القادة الإيرانيين على أراضيها.
بشار الأسد يتسلم أوراق اعتماد أول سفير لأبوظبي منذ 2011 - يناير 2024
نتيجة للأهداف السابقة -التي علقت عليها الإمارات في سوريا- كانت أبوظبي ترفض سقوط بشار الأسد، ودعمته حتى اللحظات الأخيرة، وحملت مبادراته وتنازلاته الأخيرة إلى الإدارة الأمريكية. وكانت الإمارات البلد الخليجي الوحيد التي اتصل رئيسه ببشار الأسد، وأعلن دعمه له، إلى جانب العراق وإيران. وهو ما يدفعنا للتساؤل التالي:
كيف سيؤثر سقوط الأسد على الإمارات؟
مع سقوط الأسد، اتخذت أبوظبي موقفاً حذراً من التطورات في سوريا، وركزت في بياناتها الرسمية على دعوات "الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، والدعوة لحل سياسي". مع التأكيد على "أهمية الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها"، كما دانت بشدة توغل الاحتلال الإسرائيلي في هضبة الجولان السورية.
ولكن تداعيات سقوط الأسد معقدة جدا، فهي تحمل العديد من الفرص، كما تحمل الكثير من التحديات، وتؤثر بشكل مباشر على الأمن والاستقرار الإقليمي، لما تتمتع به سوريا من موقع استراتيجي مهم، ويجلب سقوط حكم الأسد عدة تحديات لطاولة صانع القرار في أبوظبي ومن بينها:
العلاقة مع سوريا الجديدة: لا يُتوقع أن تتمتع أبوظبي بعلاقة ذات نفوذ في سوريا الجديدة كما كانت مع بشار الأسد، على عكس خصومها الاعتباريين (قطر وتركيا، وربما السعودية)، في الفترة القادمة. وذلك يعود إلى السياسة الخارجية الإماراتية تجاه الثورة السورية، والمراهنة على بشار الأسد حتى اللحظات الأخيرة، وكان هذا واضحاً في البيانات والتصريحات الرسمية منذ سقوط الأسد؛ فبينما رحبت معظم دول العالم بخيار الشعب السوري واحترام قراره في المستقبل لاختيار حكومته الجديدة، كان بيان الإمارات يدعو "كافة الأطراف السورية إلى تغليب الحكمة".
وإذا ما تمكنت سوريا الجديدة من الاستقرار، فإن ذلك يستوجب على أبوظبي تعديل استراتيجياتها للتعامل مع الوضع الجديد.
المخاوف من ربيع عربي جديد: تخشى أبوظبي عودة الإسلاميين من جديد في البلدان العربية. ولا يمكن للسياسة الأمنية في الإمارات، المعادية "للإسلام السياسي" إلا أن تنظر بشكل قاتم إلى انتصار الثورة السورية بقيادة الإسلاميين. وتقول صحيفة لوموند الفرنسية إن الدول العربية تخشى تأثير أحجار الدومينو الذي قد يخلّفها الوضع الجديد في دمشق.
ومنذ ما قبل 2011 ترفض أبوظبي المطالب المتنامية بإحداث إصلاحات سياسية شاملة في الدولة، وتعتقل عشرات المثقفين والمفكرين والنشطاء الحقوقيين في البلاد وسحبت الجنسية عن عشرات المواطنين وعائلاتهم بسبب مطالبتهم بالإصلاح.
النفوذ الإقليمي: قد تشهد المنطقة إعادة تشكيل للتحالفات الإقليمية، مما قد يؤثر على العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات والدول الأخرى في المنطقة.
كما أن فقدان الإمارات لسوريا بقيادة الأسد، يعني استمرار خسائر سياسة أبوظبي في سبيل التأثير في سياسات الشرق الأوسط، خاصةً إذا ظهرت قوى جديدة قد تتعارض مع مصالحها. وفشلت سياستها خلال العقد والنصف الماضيين، ولم يتمكن حلفاؤها المحليون في السودان واليمن وليبيا والصومال من تحقيق أهدافها، وتسبب ذلك بعداوة الأنظمة الجديدة هناك. كما أن دعم أثيوبيا، ساهم في توتر جدي للعلاقات مع الحكم العسكري في مصر. وقد يتطلب من الإمارات مستقبلاً إعادة تقييم سياستها الخارجية وعلاقتها مع دول مثل تركيا وقطر والسعودية حتى لا تُدفع إلى العزلة في الوطن العربي.
الاستثمار وفرص إعادة الإعمار: قد تتأثر الاستثمارات الإماراتية في سوريا بشكل مباشر. كما أن استثمارات عائلة الأسد خلال السنوات الماضية -منذ 2011- ستتأثر بمطالبة هيئة الحكم الجديد بمصادرتها. وفي حال استقرار الوضع بعد سقوط الأسد، ستفتح فرص جديدة للاستثمار في إعادة إعمار سوريا، مما يمكن أن يكون له أثر إيجابي على الاقتصاد الإماراتي. لكن ذلك سيتطلب علاقة جيدة مع مؤسسات الدولة الجديدة، وهو قرار سياسي في الأساس.
عبدالله بن زايد في دمشق في أول زيارة رسمية لمسؤول إماراتي رفيع ضمن مساعي أبوظبي لكسر عزلة الأسد - نوفمبر 2021
سياسة حكيمة
سيكون لسقوط نظام الأسد تداعيات كبيرة على الإمارات، سواء على المستوى الأمني أو الاقتصادي أو السياسي، حيث ستحتاج أبوظبي إلى اتباع سياسة خارجية حكيمة ومراعية للتطورات الإقليمية، مع التركيز على حماية مصالحها الوطنية وتعزيز أمنها واستقرارها.
كما ستحتاج الدولة إلى سياسة حكيمة داخلية بشأن ملف حقوق الإنسان، والإصلاحات السياسية، واستلهام الدروس من نموذج الحكم الديكتاتوري لعائلة الأسد وما آلت إليه الأمور؛ في تغيير نظرتها لدور الشعوب في إدارة الدولة، وإشراك أوسع للمواطنين بما في ذلك مجلس وطني كامل الصلاحيات، وهو طلب يسبق كثيراً 2011م، ويستمر بإلحاح في تقدم مصفوفات المراحل الانتقالية في الدولة والانعكاسات الإقليمية.