صدر تقرير اقتصادي بريطاني يشير إلى سياسة الدعم التي تنتهجها الحكومات الخليجية في دعم الطاقة والمواد الأساسية التي تقدمها لشعوبها، معتبرة أن السنوات القادمة قد تشهد المزيد من الضغوط الاقتصادية التي تولد بدورها ضغوطا اجتماعية أيضا، تؤدي إلى خلخلة في العقد الاجتماعي بين حكام الخليج والشعوب الخليجية الذي ينص على ان الازدهار من خلال النمو الاقتصادي هو أحد البنود الرئيسية لهذا العقد. وتوقع التقرير أن الحكومات الخليجية قد تتجه لرفع الدعم عن الطاقة على الوافدين والشركات مع استمراره لمواطني الخليج.
و قال التقرير الاقتصادي المتخصص إن التزايد المتوقع لاحتياجات الخليجيين من الطاقة بمعدل 50 % بحلول عام 2030، سيجبر الحكومات الخليجية على التخلص التدريجي، من دعم الوقود والكهرباء للوافدين الأجانب وغالبية الشركات، في حين أنها ستجد صعوبة في الإقدام على أي تغييرات في نظام الدعم المقدم لمواطنيها.
وأضافت مؤسسة إرنست آند يونغ، التي تتخذ من انجلترا مقرا لها، في تقرير صدر عنها، اليوم الاثنين، تحت عنوان "محفزات النمو"، أن نظام الدعم أحد المحاور الأساسية من أجل الحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي في دول الخليج، مشيرة إلى أن أبرز مظاهر الدعم في دول الخليج تتمثل في دعم الكهرباء والماء، فضلا عن الوقود المخفض الأسعار، وكذلك الغذاء المدعوم والذى توفره بعض الحكومات لمواطنيها.
وقال التقرير إن التكلفة الدقيقة للدعم، لا يتم رصدها في معظم ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي، وأنها في بعض الأحيان تكون خارج إطار الميزانية.
وأضاف التقرير أن الكويت على سبيل المثال تقول إن 15 % من النفقات الحكومية، توجه للدعم في حين أن تقديرات صندوق النقد الدولي تقول إن مخصصات الدعم أكثر من ذلك، وأنها قد تستحوذ على 28 % من الإيرادات الحكومية.
وذكر التقرير أن شركة أرامكو السعودية، المنتج الرئيسي للنفط في المملكة، تقول إنه بدون تغيير في أنماط استهلاك الوقود، فإن البلاد قد تخسر حوالى 3 مليون برميل من النفط المصدر للخارج يوميا.
ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من تطلع السعودية والإمارات للطاقة الشمسية والنووية، من أجل تجنب استخدام النفط لتوليد الكهرباء، فإن تغيير سلوك الاستهلاك أيضا أمر حيوي.
وقال التقرير إن الحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي، يمثل أحد المحركات الرئيسية للسياسات الخليجية.
وأضاف أن دول الخليج تواجه عملية توازن صعبة بالفعل، فهي من ناحية عليها أن تحافظ على الشعور بالأمن، والرضا بين مواطنيها، وذلك خلال فترة نمو اقتصادي وتحول اجتماعي.
وأشار التقرير إلى أن فهم الشركات العاملة بالخليج للأولويات والتحديات الكامنة، التي تواجه دول الخليج، قد يساعد الشركات فى الاستعداد لإجراء تغييرات غير متوقعة فى البيئة التشريعية والتشغيلية، تهدف إلى ضمان الاستقرار.
وأضاف أنه قبل عام 2011 كان التركيز الرئيسي للعقد الاجتماعي الضمني، ما بين حكام الخليج ومواطنيهم يتمثل في الازدهار من خلال النمو الاقتصادي.
ورصد التقرير عددا من المسائل التنموية المهمة التي يعتبرها ضمن البنود التي يجب أن تظل متينة حتى لا يتعرض العقد الاجتماعي للخلخلة.
وقال التقرير: أنه بعد ثورات الربيع العربي بدا أن هناك مزيد من التركيز على أن تترجم الثروة النفطية، إلى الرفاه الاجتماعي، والأمان الاقتصادي، وفرص العمل للمواطنين. وهذا يعنى خلق فرص عمل جذابة، وتوفير بنية اجتماعية ذات جودة عالية، وبأسعار معقولة لسكان الخليج الذين يشهدون نموا متزايد فى أعدادهم .
أما عن التوقعات المستقبلية، فقال التقرير إن حكومات دول الخليج سوف تتحرك في المستقبل نحو حلول مقدمة من قبل القطاع الخاص من أجل الاستجابة لاحتياجات مواطنيها، وخاصة فى مجالات الرعاية الصحية والتعليم والإسكان، وذلك رغم أن لجوء الحكومات إلى المنح وأشكال الدعم الحكومية المختلفة، قد يكون السبيل الرئيسي إذا ما واجهت احتجاجات محتملة.
وأشار التقرير إلى أنه مع ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، فإنه من المرجح وجود المزيد من الفروقات في مستويات التغطية الخاصة بالتأمين الصحي، مشيرا إلى أن الشركات قد تحد من توفير خدمات التأمين المقدمة لأسر الموظفين المغتربين الأدنى مرتبة، مما سيجبرهم على شراء خدمات التأمين الصحي بشكل مباشر، أو البقاء في الخليج بدون هذه الخدمة الحيوية.
وقال التقرير إن تغير العادات الثقافية، وارتفاع نسب الطلاق، بجانب اعتبارات التكلفة، سوف يجبر المزيد من المواطنين الخليجيين على تأجير وشراء الشقق أو الفيلات بالمشاركة مع المغتربين، بدلا من خيارات السكن التقليدية التي تعتمد على شراء منازل مستقلة.
وأشار التقرير إلى أنه رغم التوقعات باستمرار الولايات المتحدة في التواجد العسكري بمنطقة الخليج، إلا أن دول الخليج سوف تلجأ إلى تنويع تحالفاتها العسكرية، وقد تنظر في استضافة قواعد أخرى لدول حليفة، نظرا لمصلحتها فى الحفاظ على ممر آمن للنفط و الغاز من المنطقة.