أحدث الأخبار
  • 12:26 . الاتحاد الأوروبي يبحث مواصلة تعليق عقوبات على سوريا... المزيد
  • 12:19 . الجابر لترامب: الإمارات سترفع استثمارات الطاقة بأميركا إلى 440 مليار دولار بحلول 2035... المزيد
  • 11:12 . نيابة عن رئيس الدولة.. منصور بن زايد يرأس وفد الإمارات إلى القمة العربية في العراق... المزيد
  • 11:09 . سبع دول أوروبية تطالب الاحتلال بوقف حرب الإبادة في غزة وإنهاء الحصار.. وحماس تشيد... المزيد
  • 11:05 . إصابة شرطي إسرائيلي في عملية طعن بالقدس المحتلة... المزيد
  • 11:03 . حاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان" تغادر الشرق الأوسط بعد الاتفاق مع الحوثيين... المزيد
  • 09:45 . الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة غارات على موانئ يمنية خاضعة لسيطرة الحوثيين... المزيد
  • 09:02 . مفاوضات إسطنبول.. اتفاق أوكراني روسي على تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار... المزيد
  • 08:54 . استشهاد 93 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة منذ فجر الجمعة... المزيد
  • 08:53 . متجاهلا الإبادة اليومية.. عبد الله بن زايد يدعو لإطلاق سراح أسرى الاحتلال وإيجاد بديل لحكم حماس... المزيد
  • 07:37 . دمشق تختار الإمارات وألمانيا لطباعة عملتها الجديدة بعد تحسن العلاقات وتخفيف العقوبات... المزيد
  • 07:28 . بعد رفع العقوبات الأمريكية.. موانئ دبي تضخ 2.9 مليار درهم في ميناء طرطوس السوري... المزيد
  • 07:17 . الإمارات والولايات المتحدة تعززان التعاون في مجال التكنولوجيا المتقدمة... المزيد
  • 11:47 . محاولات ديمقراطية في الكونغرس الأمريكي لوقف صفقات أسلحة إماراتية... المزيد
  • 11:45 . "الصحة" تطلق خدمة فورية لإثبات شهادات التمريض من الخارج دون أوراق... المزيد
  • 11:31 . وزير الاقتصاد: 13 ألف شركة أمريكية تعمل حالياً في السوق الإماراتي... المزيد

الشجرة التي سعت لحقل آخر!

الكـاتب : عائشة سلطان
تاريخ الخبر: 19-10-2018

الشجرة التي سعت لحقل آخر! - البيان

حين غادرتُ الإمارات ذات يوم لأسباب لها علاقة بضغوط العمل الشديدة، كنت كمن يهرب بحثاً عن متنفس، لكنني أيضاً كنت كشجرة اعتادت تربتها، فذهبت تبحث عن حقل لا يمتّ لجذورها بصلة!كنت شجرة صحراء اعتادت القيظ والحرارة، كنخلة ربما أو كشجرة سدر أو غافة صحراوية نبتت وحيدة في أرض فلاة جرداء، لكنها ظلت طويلاً صامدة، صابرة وقادرة أيضاً على أن تمنح ظلاً وأغصاناً خضراء لبدوي خطر له جنون السير في الصحراء بصحبة جمل جائع! 

 غادرت إلى مناخات ظليلة أكثر مما تقتضيها حاجة البدوي، وهو الذي اعتاد الصحراء أبداً، أرادت الشجرة أن تزرع نفسها في تلك البلدان الباردة، فقد أعجبها كل شيء، النظام، كثافة الأخضر، دأب الناس ونشاطهم، المناخ، الهدوء، والسيارات التي تسير دون ضجيج ودون ارتكاب حوادث، وصرت كلما تحدثت أردد كطفلة جاءت للتو من السيرك: «تصوروا أنني لم أرَ حادثاً واحداً على الطريق طول مدة إقامتي». 

سألني أخي يوماً: «يعني ذلك أن الناس لا يموتون هناك؟»، قلت له: «إنهم لا يموتون على الطريق العام، لكنهم يموتون وحدهم في بيوت تظل مغلقة طويلاً، الموت وحيداً في بيتك أمر لا يقل بشاعة عن الموت العلني على الطريق العام!».حين استقر بي الحال هناك، بدأت أسد ثقوب الروح خشية تسلل الملل والوحدة، ورصاص الغربة، وشراسة الشتاءات الكئيبة، وبدأت أحن إلى الشمس وإلى بيتنا أولاً، إلى قهوة أمي وتفاصيلها الأنيقة، إلى نظافتها وترتيبها، وإلى كل شيء. 

علمت ساعتها أن الحنين ليس شعوراً إنسانياً جامعاً وعابراً، ولا مفاجئاً، إنه ميزة فينا نحن أهل الشرق تصل أحياناً لتكون شيئاً يشبه فصيلة الدم، نحن شعوب مسكونون بالوجع، بالحنين العلني، نمشي على قلوبنا أكثر مما نسير على أقدامنا، لذلك يؤلمنا الفقد والفراق وقد يقتلنا أحياناً، قلوبنا قابلة للكسر لشدة رقتها، نتوجع لكل الناس، الفقراء، الأطفال، العمال، الذين يحبوننا، والذين لا يأبهون لنا! 

 لم يمهلني وجع الحنين طويلاً، فاكتشفت أنني كائن لا يمكنه ائتلاف الوحدة والغربة، لذا لم أبقَ في تلك الجامعة سوى بضعة أشهر، وذات مساء رمضاني قررت أن أعود، فجمعت حاجياتي الشخصية، وتبرعت بجميع لوازم شقتي، وأوقفت دراستي في الجامعة، وحجزت على أول رحلة صادفتني وعُدت!

 حينما عدت، قلت لأصحابي كلهم: في أوطاننا علينا أن نحتمل كل شيء، فكل شيء هنا رائع، لو تعلمون كم يعانون هناك، إن النظام والجمال والترتيب والبيوت الجميلة نحن من يصنعها، فلا يستحق أن نهجر أوطاننا لأجل أشياء نستطيع أن نفعلها، أما التحديات فلا تُحَلّ بالهروب، بل بالمواجهة لمن يقدر عليها!