أحدث الأخبار
  • 12:58 . واشنطن توافق على صفقة "صواريخ" مع البحرين بقيمة 500 مليون دولار... المزيد
  • 12:58 . الكويت تدعو لاجتماعين عربي وإسلامي لبحث تطورات الأوضاع في غزة... المزيد
  • 12:58 . رئيس الدولة وولي العهد السعودي يبحثان تطورات المنطقة في ظل تباينات إقليمية... المزيد
  • 12:57 . ترامب يتوقع اتفاقاً بين روسيا وأوكرانيا بعد لقائه المرتقب مع بوتين... المزيد
  • 12:49 . الإمارات تدين بشدة تصريحات نتنياهو حول "إسرائيل الكبرى"... المزيد
  • 12:48 . رفض عربي وإسلامي ودولي لخطة استيطانية إسرائيلية تعزل القدس وتفصل الضفة... المزيد
  • 12:47 . الحكومة الانتقالية في مالي تعلن إحباط مخطط لزعزعة البلاد بدعم دولة أجنبية... المزيد
  • 12:46 . أمين عام حزب الله: لن نسلم سلاح المقاومة ما دام الاحتلال الإسرائيلي قائما... المزيد
  • 08:47 . روسيا وأوكرانيا تتبادلان 186 أسيراً بوساطة إماراتية... المزيد
  • 07:20 . فرنسا تعلن وقف التأشيرات لموظفي شركة الطيران الإسرائيلية "إلعال"... المزيد
  • 06:49 . ارتفاع أسعار الزي بمدارس خاصة يرهق أولياء أمور الطلبة في الإمارات... المزيد
  • 10:42 . هكذا يحصد الاحتلال أرواح الفلسطينيين في غزة من خلال التجويع... المزيد
  • 10:35 . إنشاء نيابة جديدة في أبوظبي تعنى بقضايا العمال... المزيد
  • 10:27 . إدانات واسعة لتصريحات نتنياهو بشأن "إسرائيل الكبرى"... المزيد
  • 10:21 . ترامب يعتزم لقاء بوتين وزيلينسكي بعد قمة ألاسكا... المزيد
  • 07:02 . ما المقاتلة التي تراها أبوظبي بديلاً مثالياً لإف-35 الأمريكية؟... المزيد

حوار الحضارات وحرب القيم

الكـاتب : سالم سالمين النعيمي
تاريخ الخبر: 05-06-2018

هل هناك صراع بين الحضارات؟ فالعديد من المفكرين يقدم الاختلافات الحضارية كشرح شامل للنزاع العالمي! ولكن هذا ليس نموذجاً قابلاً للتطبيق، على الأقل بمفرده، لفهم عالم اليوم. والجغرافيا السياسية تدرس كيف تتقاطع الجغرافيا مع الروابط السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية داخل المجتمعات وبينها، وهي طريقة أكثر فعالية بكثير في تحليل العلاقات الدولية.

وضمن ترسانة أسلحة القوى الناعمة الحديثة كسلاح للنيل من الثقافات المختلفة بعيداً عن التكاليف الباهظة للحروب التقليدية يتم الترويج للسمات العالمية المفترضة لحضارة واحدة، والتي تحتاج متطلبات التعايش الثقافي فيها البحث عن ما هو شائع في معظم الحضارات، ولكن بصبغة تبرز التفوق للأقوى على الساحة الدولية في عالم متعدد الحضارات في الظاهر، والسعي في مسار القيم العالمية، وقبول التنوع الذي لا يمس قيم ومعتقدات وتقاليد وأنماط حياة الدول التي تتقاسم الهيمنة على العالم، والبحث عن القواسم المشتركة في حدود لا يتعداها الأضعف والمتلقي لمبادئ وتعاليم ونمط وأسلوب حياة الحضارة السائدة.
وبالطبع، فإن البحث عن القيم المشتركة وقبول اختلافات الآخرين لن يقضي على الصراع بالكامل، والذي كان موجوداً على مدار التاريخ البشري، وسيواصل القيام بذلك ولكن من المؤكد أن أي جهد للتخفيف من هذا الوضع في عالم يتسم بالديناميكية وعدم القدرة على التنبؤ بشكل متزايد، هو جهد جدير بالمتابعة. واعتقد أن المرتكزات الفكرية لنظرية صدام الحضارات، تقف عاجزة أمام مرتكزات صدام البقاء، هو صراع يمثل فيه الصراع القيمي قيمة كبيرة مرتبطة باستمرارية حياة الكائن البشري المتمثلة في شخصه وعائلته المباشرة، وبالتالي القيم تُصاغ وتصنف وفقاً لأهميتها لبقاء النوع، وكل تفرع من النوع في بيئة حاضنة ولا سيما أن قيمة الإنسان وتقديره لذاته وشعوره بالتفوق والتميز، وكل ذلك يقع في المجمل في اللاوعي قبل الوعي، إنه إدراك عاطفي لتعبئة ثقافية تستدعي للأذهان أهمية التبعية الثقافية الحتمية لتحقيق هدف البقاء وهو بقاء كان للأقوى، وأصبح للأكثر إبداعاً واختراعاً وابتكاراً ومعرفة وإنتاجاً وصناعة وحيازة للموارد الفكرية والعلمية وممكناتها.

وإذا أردنا معرفة وفهم التاريخ وإعادة صناعة النظام العالمي، يجب أن نستوفي شروط التنمية الثلاثة الرئيسية، وهي القضاء على الأمية والفقر والمرض والاهتمام باللغة الأم بوصفها حارسة الثقافة ووعاء الوعي، وأخيراً دعم البحث العلمي والأصول المعرفية وما وراء المعرفة، ولهذا تجد ما تعيشه الأمة العربية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعلمي مجرد تحديث وليس حداثة وخوض غمار حوار حضاري غير متساو حيث إن الحوار يكون بين طرفين متساويين أو قريبين في الثقل والقوى والأبعاد التي تجعل الحوار متكافئاً بدلاً من أن يكون الحوار عبارة عن مقدمات لدمج الثقافات.

فالحوار الصحيح والصحي، هو حوار يجب أن يدور بين طرفين على نفس المستوى، وبنفس الدرجة، وأن يعترف كل طرف بالآخر لا أن يحقره أو يسبه أو يسفه تفكيره وعقيدته، ويهين هويته، وهو إرهاب فكري وقيمي يمارس تحت مسمى حوار الحضارات، والذي تقوده الجهات الرسمية الراعية لتسييس وحتى إن كانت تتبع مؤسسة أكاديمية أو مؤسسة مجتمع مدني كون الإطار العام لمنطلقات كل جهة هو أصل التحدي القائم، والذي يصعب تجاوزه دون العودة للجذور وتخطي كذبة الخروج من نفق سوء الفهم الذي يسود علاقات الشرق بالغرب أو الشمال بالجنوب، كون أسباب الجفاء والتباعد أعمق من مجرد أن تزول بمؤتمر أو برنامج أممي أو مبادرة أو بحوث موجه قبل تغيير كثير من المفاهيم اللغوية والثقافية الطارئة حول الحوار بين الحضارات.

ولا تطالبني أن يذوب ديني ولغتي وعاداتي في موجة عالمية لها قبول أممي حتى أكون جديراً بالحوار، فهذا ضرب من الهمجية الحضرية والتحضر الانتقائي، ما سيقود حتماً إلى العنف والتبرير المغلوط، ولهذا يبدو لي أن الحرب الحالية والقادمة هي حرب قيم وثقافة احترام التنوع الثقافي وصراع الأصوليات المتطرفة، والذي يأخذ عدة أشكال منها الديني والثقافي والقيمي والاقتصادي والاجتماعي وغيرها. وما نحتاجه هو إدراك أن مفاهيم مثل الحرية والعدالة، ومستوى معيشة لائق وسلامة الأطفال وحقوق المرأة وحياة جيدة ليست المجال الحصري لثقافة دون سواها وكيفية التعبير عنها في كل ثقافة هو حق لكل ثقافة دون أن تجد نفسها في قفص الاتهام لكونها مختلفة.