أحدث الأخبار
  • 09:13 . مقتل طاقم طائرة تدريب مصرية نتيجة سقوطها في البحر... المزيد
  • 05:57 . السودان.. البرهان يعين المرشح الرئاسي السابق كامل إدريس رئيساً للوزراء... المزيد
  • 05:39 . صحيفة بريطانية: أبوظبي وبكين تعيدان قوات الدعم السريع إلى اللعبة بعد طردها من الخرطوم... المزيد
  • 12:00 . كيف تعود صفقات ترامب "التاريخية" مع الخليجيين بالنفع على حفنة من النافذين؟... المزيد
  • 11:12 . الجيش السوداني يستعيد منطقة استراتيجية حدودية شمال دارفور... المزيد
  • 06:16 . حجم التجارة بين الإمارات وروسيا يتجاوز 9 مليارات دولار... المزيد
  • 01:37 . السعودية تستأنف نقل الحجاج الإيرانيين جوّاً بعد عشر سنوات من التوقف... المزيد
  • 07:33 . الاحتلال يرتكب مذابح في غزة تخلف أكثر من 130 شهيداً... المزيد
  • 05:16 . "الأمن السيبراني" يعلن أول إرشادات وطنية للطائرات بدون طيار... المزيد
  • 05:00 . السودان يتهم أبوظبي بانتهاك الأعراف الدبلوماسية بعد إبعاد موظفين قنصليين من دبي... المزيد
  • 11:44 . سوريا تُطلق هيئة وطنية للعدالة الانتقالية لمحاسبة جرائم نظام الأسد... المزيد
  • 11:43 . إحباط محاولة تهريب 89 كبسولة كوكايين داخل أحشاء مسافر في مطار زايد الدولي... المزيد
  • 11:29 . السفارة الأمريكية في طرابلس تنفي وجود أي خطط لنقل فلسطينيين إلى ليبيا... المزيد
  • 11:28 . السعودية تؤكد ضرورة وقف النار في غزة وأهمية دعم استقرار سوريا... المزيد
  • 11:26 . جيش الاحتلال الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن... المزيد
  • 10:45 . الدوحة تستضيف جولة جديدة من محادثات الهدنة بين حماس والاحتلال... المزيد

مشكلة الفقر والنظام الاقتصادي الجائر

وكالات – الإمارات 71 الكـاتب : الإمارات71
تاريخ الخبر: 10-11-2017

في كل عام تقام في كل أنحاء العالم مناسبة فلكلورية للنظر في موضوع الفقر. يحتفى بتراجع الفقر في ذاك البلد وتلطم الخدود لازدياد أعداد الفقراء في بلد آخر. يشار إلى الإحصائيات وتقدم التوصيات الجزئية والمؤقتة والقابلة للانتكاس لحل هذا الجانب من معضلة الفقر أو ذاك. في الغالبية الساحقة من المستويات الرسمية، عبر العالم كله، يكتفى بذلك.
لكن هل طريق حل مشكلة الفقر بصورة جذرية شاملة ومستمرة في المستقبل المنظور يكمن في التوصيات المتكررة، مثل الاهتمام بتشغيل الشباب وتخفيض نسب البطالة، أو في استقطاب الاستثمارات العولمية، أو في محاربة الفساد؟ أم أن الحل يكمن في الإجابة على السؤال التالي بأمانة ودون لف أو دوران: هل يمكن حل مشكلة الفقر من دون تغيير جذري في مبادئ وأهداف ووسائل النظام الاقتصادي العولمي الرأسمالي السائد والمحكوم بمبادئ المدرسة النيوليبرالية التي تسود العالم منذ ثمانينات القرن الماضي؟
إن نظاما اقتصاديا يسمح بأن تكون ثروة أغنى ثمانية في العالم مساوية لثروة نصف سكان العالم، ويسمح لأن يعيش حوالي عشرة في المئة من سكان العالم على أقل من الدولارين في اليوم، ويسمح بأن تكون الزيادة في دخل تلك العشرة في المئة من السكان الفقراء، في ما بين عامي 1988 – 2011، هي 65 دولارا، بينما تكون الزيادة في دخل الواحد في المئة من سكان العالم المترفين هي حوالي اثني عشر ألفا من الدولارات… إن نظاما يسمح بذلك هو نظام ساقط أخلاقيا وقيميا وإنسانيا، ولا يمكن القبول بوجوده. إنه نظام يجب أن تعاد صياغته بصورة جذرية، إذ أنه سينقل العالم من أزمة إلى أزمة، ولن يحل مشكلة الفقر لا الآن ولا في المستقبل، وسينتهي بتسليم مقاليد أمور السياسة والإعلام والثقافة في أيادي قلة صغيرة، بل بالغة الصغر، من أثرياء العالم.
ولن تعاد صياغة ذلك النظام الاقتصادي الجائر، فلسفة وفكرا ونفوذا وتطبيقات مأساوية في الكثير من بلدان العالم الثالث الفقير، وهيمنته على ممارسات مؤسسات دولية مثل البنك الدولي، إلا بإحلال مدرسة فكرية جديدة في الاقتصاد، تحل محل مدرسة شيكاغو، التي تتربع على عرش التأثير الانتهازي المتوحش لساحات الاقتصاد في كل العالم.
إن مدرسة شيكاغو في الفكر الاقتصادي، التي بدأت تبذر بذورها في الثلاثينيات من القرن الماضي على يد ملتون فريدمان وهايك في أوروبا، والتي وصلت إلى قمة انتشارها وتأثيرها الكبير في الثلاثين سنة الماضية، بعد أن تركزت في شيكاغو الأمريكية، تقوم على ادعاءات ومنطلقات بالغة الخطورة. الادعاء الأول، ومن أجل أن يتقبل الناس أفكارها، هو أن الاقتصاد هو علم مساو للعلوم الطبيعية والرياضية في انضباطه ونظرياته وتجاربه. وبالطبع أثبتت الأيام كذب ذلك الادعاء، عندما فشل «علم الاقتصاد» ذاك في التنبؤ وفي معالجة الأزمات المالية والاقتصادية عبر القرن الماضي كله.
أما منطلقات مدرسة شيكاغو فقامت أولا على أسس الحرية الكاملة لمنطق السوق، ليحكم الأسعار والخيارات الاستهلاكية، وعدم السماح لسلطات الدولة بالتدخل في تنظيم ذلك السوق وكبح جماح ممارساته الخاطئة. وثانيا على قبول نتائج ذلك السوق الحر، مثل تركز الثروة في أياد قليلة، بينما يزداد الفقراء فقرا وتتلاشى الطبقة الوسطى، وثالثا تخصيص الغالبية الساحقة من الخدمات التي كانت الدولة تقوم بها، مثل التعليم والصحة والإسكان والنقليات، على أساس أن القطاع الخاص أكثر كفاءة من الحكومات، ورابعا أن أفضل الأوقات لتطبيق تلك الأفكار عندما تحل كارثة طبيعية أو اقتصادية أو سياسية بالمجتمع، تؤدي إلى حدوث خوف وقلق عام أو فوضى مجتمعية، وذلك من خلال اقتراح علاج الصدمة الذي لا يؤمن بالتدرج وأخذ الجوانب الإنسانية بعين الاعتبار، وإنما بإبعاد سلطات الدولة عن الحقل الاقتصادي وعن تقديم الخدمات الاجتماعية، مع ترك الأمر للقطاع الخاص، ليستفيد من حالة الخوف والفوضى لزيادة ثروته وتراكم أرباحه وتسلطه على رقاب العباد.
نحن إذن أمام مدرسة فكرية اقتصادية تهيمن على العالم، وتؤمن بمنطلقاتها حكومات ومؤسسات عالمية وشركات عابرة للقارات، وأعداد كبيرة من الذين يباع لهم وهم «القبول بالآلام والبؤس في الحاضر إلى أن يأتي الفرج في المستقبل». ذلك المستقبل الذي لن يأتي كما أثبتت مسيرة العالم عبر الثلاثين سنة الماضية، بل الذي يزداد سوءا كما تظهره إحصائيات الفقر والجوع والتشرد والفساد، التي تذكرها التقارير الدولية سنة بعد سنة. وإذا كانت بعض التقارير تظهر تحسنا متواضعا هنا أو هناك، فإن ذلك يشبه التحسن المؤقت في أعراض المرض الخبيث المزمن، الذي لا يشفى إلا بعلاج جذري متكامل.
وإذن دعونا نكون صريحين مع أنفسنا وشريفين مع فقراء هذا العالم: حل مشكلتكم هي في حل مشاكل الرأسمالية النيوليبرالية العولمية المتوحشة، وذلك بالبدء بالابتعاد الحاسم عن مدرسة شيكاغو أولا، ثم بناء مدرسة جديدة. لكن ذلك كله سيظل نشاطا أكاديميا لا يغير الواقع، إلا أذا صاحبه وجود نشاطات نضالية سياسية تقوم بها الأحزاب المؤمنة بحقوق الناس وبالتضامن الإنساني وبالعدالة الاجتماعية وبالتوزيع العادل لثروة الأرض، وتقوم بها أيضا النقابات العمالية التي همشت وأضعفت إلى حدود الوهن، ويؤمن بها شباب العالم بعد أن يفرغ ذهنه وقلبه من ثقافة الاستهلاك والخلاص الفردي والفردية التي لا ترتبط بالتزام اجتماعي أو أخلاقي. انتهاء الفقر في هذا العالم يتطلب إزاحة النظام الاقتصادي العولمي الحالي وخلق وإحلال نظام اقتصادي جديد.
ماعدا ذلك فإننا نمارس الثرثرة الفارغة غير المجدية دوريا، ونقدم العلاجات المهداة والأدوية الفاسدة لمرض مرعب اسمه الفقر.