أحدث الأخبار
  • 11:20 . البنتاغون يقبل رسميا الطائرة الفاخرة التي أهدتها قطر للرئيس ترامب... المزيد
  • 11:10 . عبدالله بن زايد يبحث مع نظيره الأذربيجاني تعزيز فرص التعاون... المزيد
  • 11:03 . مقتل جنديين في هجوم على قاعدة جوية روسية في سوريا... المزيد
  • 10:57 . طالب إماراتي يحصد المركز الأول في الكيمياء بمعرض "ISEF"الدولي... المزيد
  • 10:54 . أمريكا: مقتل موظفيْن بسفارة الاحتلال الإسرائيلي في إطلاق نار أمام المتحف اليهودي بواشنطن... المزيد
  • 10:16 . صحوة متأخرة للضمير الأوروبي... المزيد
  • 10:05 . "فلاي دبي" تستأنف رحلاتها إلى دمشق بعد 12 عاماً من التوقف... المزيد
  • 07:36 . قوات الاحتلال تطلق النار على دبلوماسيين في جنين.. وإدانات دولية واسعة... المزيد
  • 07:17 . بجوائز تبلغ 12 مليون درهم.. إطلاق الدورة الـ28 من جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم... المزيد
  • 06:50 . لماذا تُبقي الشركات على المدير السيئ؟... المزيد
  • 12:34 . "رويترز": القيادة السورية وافقت على تسليم متعلقات كوهين لـ"إسرائيل"... المزيد
  • 11:31 . فرنسا وبريطانيا وكندا تتجه للاعتراف بدولة فلسطين... المزيد
  • 11:25 . الاتحاد الأوروبي يرفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.. والتعاون الخليجي يرحب... المزيد
  • 11:14 . أبوظبي تقحم نفسها كلاعب أساسي في إدخال المساعدات إلى غزة... المزيد
  • 07:34 . "سي إن إن": "إسرائيل" تستعد لضرب منشآت نووية إيرانية... المزيد
  • 07:31 . ترقية قائد الجيش الباكستاني إلى مارشال بعد اشتباكات الهند.. فمن هو عاصم منير؟... المزيد

اللاجئون إلى الموت!

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 13-12-2016


تخيل أن يقول لك أحدهم إن ابنتك ستفقد بصرها خلال أيام في حال لم تجر عملية جراحية، ثم تخيل أن تكلفة هذه العملية لم تكن في متناولك، ثم تخيل أن يأتيك ذلك الأمر وأنت لاجئ هارب من بلدك لا تكاد تجد قوت يومك. هذا هو حال ذوي الطفلة السورية اللاجئة في لبنان ريم الحلاق التي تنتظر عملية جراحية لتنقذ عينيها من الظلام الدائم، تكلف عمليتها 3000 دولار، ويحاول القائمون على رعاية اللاجئين السوريين في لبنان توفير المبلغ قبل أن يقع المحذور، وحالة ريم بلا شك ليست استثنائية، فآلاف الأطفال والشباب والكهول يرتمون في أحضان اليأس أمام تحديات هي في الظروف الطبيعية ليست بتحديات، آباء وأمهات يقفون عاجزين أمام أخطار محدقة تواجه أطفالهم يمكن تجنبها ببعض الدولارات، الآن تخيل كيف يكون شعور هذا الأب وهذه الأم؟ وكيف تكون نظرتهم للعالم؟
الانفجار في عدد اللاجئين عبر العالم الذي يقوده تفاقم الأزمة السورية وتفاعلات الوضع الدموي في العراق ينتج تكوينا بشريا جديدا المشترك بين أفراده هو اليأس من واقعهم، أولئك الملايين من اللاجئين الذين يعيش معظمهم في أوضاع لا يمكن تخيلها ينتقلون الآن من حالة الأزمة المؤقتة إلى ديمومة الأزمة، أجيال جديدة تنشأ وتترعرع في ظروف قاسية وعلى بعد كيلومترات قليلة منهم تتمتع الشعوب من حولهم برفاهية وأمن يشكل بالنسبة لهم خيالا، هذه الأجيال تنشأ وفي تركيبتها رغبة مبررة في الانتقام من الوضع القائم، من الظروف التي أوجدت حالتهم، هذه الأجيال ستكون وقودا لكل حراك يحارب الواقع أيا كانت خلفيته الفكرية.
ربما لم تمر بالعالم العربي حالة مثل هذه منذ عام 1948 الذي شهد بداية مأساة اللجوء الفلسطينية، ورأينا أن تلك الحالة على الرغم من وجود عدو واضح وهدف محدد، إلا أنها وفي أحيان كثيرة أفرزت حالة من العنف في دول اللجوء، ووجد الكثير من اللاجئين أنفسهم في مواجهة مع واقع تلك الدول المستقبلة للاجئين، وتلك الدول في كثير من الأحيان فشلت في التعاطي مع حالة ديمومة اللجوء تلك، وذهب الآلاف ضحية لهذا الفشل وللعنف الناتج عن استمرار المأساة.
اليوم الأرقام أكبر بكثير، والمأساة أكثر اتساعا جغرافيا وديموجرافيا، اللاجئون اليوم ينتمون إلى عرقيات وخلفيات دينية مختلفة وينتشرون بين عشرات الدول، الكثير من هذه الدول إما ليست لديها الرغبة في توفير حياة كريمة لهؤلاء اللاجئين أو تنقصها القدرة على توفير ذلك، وبالتالي من المتوقع أن تكون النتيجة أجيالا من المضطهدين المعدمين الذين لا يجدون أمامهم عدوا واضحا؛ لأن الواقع يحكي لهم قصة، الشرير فيها هو كل من حولهم وليس فيها من بطل.
استقراء الواقع السياسي حول أزمات المنطقة لا يوحي بأي انفراجة قريبة في الأفق، بل على العكس الأزمات تتتابع وعدد اللاجئين مرشح للازدياد، كما أن العنف ضد اللاجئين في ازدياد مضطرد سواء في أوروبا أو في دول المحيطة بسوريا والعراق أو داخلهما، أينما ذهب هؤلاء اللاجئون يجدون الموت حاضرا، وحتى في الدول التي تتوفر فيها الإرادة السياسية لتحقيق حياة كريمة للاجئين مثل تركيا فإن تزايد الأعداد يفوق القدرات وسيصل إلى نقطة انكسار تدريجيا لا يمكن معها الحفاظ على خدمات متوازنة لصالح اللاجئين.
المستفيد الأول من هذه الحالة هي التنظيمات المسلحة والأجهزة الاستخباراتية التي تبحث عن كوادر لمشاريع نشر الفوضى في المنطقة، خلال الأيام القليلة الماضية هزت التفجيرات اسطنبول والقاهرة ومقديشو، هذه التفجيرات بغض النظر عن منفذيها لن تكون الأخيرة، ووقودها سيكون أولئك الذين يعيشون اليوم ظروف اللجوء والظروف الباعثة على اليأس بشكل عام في مختلف دول المنطقة وسيصل البعض منهم إلى مرحلة تجعلهم جاهزين للتجنيد، واليوم في المنطقة العربية الكل يجند «إرهابيين» لصالحه، بدءا بتنظيم داعش وداعميه مرورا بالدول الراعية للإرهاب مثل إيران وانتهاء بأجهزة الاستخبارات العالمية التي تدير مجموعات وخلايا تنفذ لها ما تريد من عمليات ممكن توجيه أصابع الاتهام فيها للخصوم عند الحاجة.
الأمل هو السلاح الوحيد الذي يمكن من خلاله حماية الأجيال القادمة من اللاجئين من الوقوع فريسة للعنف، ومتى انتزع الأمل من عيون الصغار فعلى العالم أن يتوقع امتدادا للعنف إلى كل عاصمة على وجه البسيطة، الملايين من اللاجئين سيصبحون عشرات الملايين خلال سنوات قليلة، وأكثر من ذلك خلال عقود قليلة، اللاجئون اليوم يساوون عدد سكان دولة متوسطة الحجم، هذه الدولة ستكون أكبر مصدر للفوضى والأمراض والإرهاب إذا لم تتوقف دوامة الدم، الولايات المتحدة وروسيا وغيرها من قوى العالم لن يكون لديهم من يلومون غير أنفسهم، الأزمة المفتعلة التي يساهمون في تذكيتها لأجل مصالح ضيقة ستعود لترتد عليهم خلال وقت قصير كما ارتدت مؤامرات جهاز الاستخبارات الأميركي عليهم في الحالة الأفغانية، المستقبل لا يمكن أن يكون مزهرا إلا إذا التفت العالم إلى الملايين المنسية، علينا أن نساهم جميعا في إنقاذهم اليوم حتى لا نكون ضحايا إهمالنا لهم في المستقبل.;