لم تطرح القمة العربية التي عقدت في نواكشوط أي جديد رغم تسميتها بقمة «الأمل»، فالقضايا التي طُرحت هي القضايا ذاتها التي تُطرح في كل قمة تقريباً مثل اعتبار القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى.. تطرقت القمة للأوضاع في كل من العراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان، وتمنت الأمن والاستقرار لكل هذه الدول.. كما تطرقت القمة لقضية محاربة الإرهاب.

ما يهمنا هنا هو مطالبة إيران بالكف عن التصريحات العدائية ووقف الحملات الإعلامية ضد الدول العربية باعتبارها تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية لهذه الدول.. حيث دعا بيان القمة إيران إلى الكف عن السياسات التي من شأنها تغذية النزاعات الطائفية والمذهبية والامتناع عن دعم الجماعات التي تؤجج هذه النزاعات في دول الخليج.

لا يختلف أي مواطن عن ما ذكرته القمة العربية في بيانها حول المواقف الإيرانية وطرح التمنيات بأن تتوقف، لكن السؤال يبقى هل القادة العرب بشكل عام والخليج بشكل خاص متفقون في سياساتهم تجاه إيران؟ وهل يملكون رؤية استراتيجية موحدة لكيفية التصدي للسياسات الإيرانية.. وبما أن دول الخليج لا تملك رؤية مشتركة تجاه إيران.. لذلك نجد بعض دول الخليج لديها موقف واضح وصريح ومعلن ضد السياسة الإيرانية وهذا هو موقف كل من السعودية والإمارات والبحرين.. بينما توجد دول خليجية ترى بأهمية الحوار والتفاوض لحل الخلافات مثل موقف سلطنة عُمان وقطر بدلاً من المقاطعة.. أما دولة الكويت فقد اتخذت موقفاً وسط بين وجهات النظر فهي من جهة تحث إيران لعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج وفي الوقت نفسه تحرص على مبدأ التفاوض والحوار والابتعاد عن الشحن الطائفي وخلق الفتنة بين مكونات الشعب الواحد.

الأمر الذي أهمله بعض العرب هو أن التوسع الإيراني في المنطقة منطقه قومي متعصب وليس ديني أو طائفي فهم يستغلون الدين لأغراض سياسية بخلق الفتنة بيننا.. القيادة الإيرانية أعلنت بشكل واضح وصريح بأن لديها مصالح في المنطقة وترفض التواجد الغربي، وهي تعتبر نفسها دولة عظمى في الخليج، وأن من حقها أن تحافظ على مصالحها ونفوذها في المنطقة، ومن أهم أداتها هو استغلال قضية الأقليات الشيعية في الوطن العربي والخليج بذريعة الدفاع عن مظلومياتهم وحقوقهم بدعم مطالبهم سياسياً ومادياً وعسكرياً.. كما فعلوا مع «حزب الله» في لبنان والمليشيات والأحزاب الشيعية في العراق مثل حزب الدعوة الحاكم في العراق ومجموعة الحكيم والصدر وغيرها، فالتوسع الإيراني في سوريا واليمن جاء بدعوة من القيادات العربية لهذه البلدان.

ما نريد قوله هنا بأن المشكلة مشكلتنا نحن العرب.. علينا أن نعترف بأننا أهملنا الأقليات في بلداننا رغم حقيقة أنهم مواطنون مخلصون. وإهمال الأقليات بما فيهم الشيعة دفع إيران للتدخل في شؤوننا.

ما نحتاج إليه في الخليج والوطن العربي هو التركيز على مفهوم المواطنة ودولة القانون ورفض أي تفرقة بين المواطنين من أجل تعزيز الوحدة الوطنية. والشيعة في بلداننا عرب منا وفينا وهم مخلصون لبلدانهم، ومن الضروري عدم جعل إيران تستغلهم.